أجريت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية مؤخرًا حوارًا مع رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني متحدثًا فيها عن الأوضاع الحالية التي تمر بها المنطقة ودولة قطر بالتحديد.
من الناحية الاقتصادية فيما يخص الاقتصاد يرى الشيخ حمد أنه من الصحي لقطر أن تعيد النظر في مسألة الانفاق، وأن بعض من التقشف ضروري في هذه المرحلة، حيث يؤكد أن عملية انخفاض أسعار النفط الحادة لم يكن كلها شرًا لقطر، بل ربما فتحت الفرصة لمناقشة الأوضاع الاقتصادية بجدية من خلال المعطيات الجديدة.
يقول رئيس الوزراء القطري السابق أنه من آن لآخر يحمد الله أنهم يُضارون من أسعار النفط كل فترة، لأنهم فيما يرى تعودوا على نوع من التدليل، ويقصد من ناحية الاعتماد فقط على أسعار النفط المرتفعة كدخل قومي بصفتهم دول خليجية منتجة للنفط.
الشيخ حمد بن جاسم كان رئيسًا للوزراء في قطر قبل ثلاث سنوات تحت إمارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق الذي سلم الإمارة لابنه الشاب الأمير تميم الذي يُدير البلاد حاليًا.
كما يُذكر عن الشيخ حمد بن جاسم أثناء توليه رئاسة الوزراء في حقبة والد أمير قطر الحالي أنه حاول أن يصنع لقطر دورًا محوريًا في المنطقة، حيث تداخلت قطر في العديد من النزاعات في الشرق الأوسط والمنطقة، لا سيما حينما اندلعت أحداث الربيع العربي ووقفت قطر بكل ثقلها خلف هذه الثورات كداعم رئيسي، مكونة حلف في المنطقة يقود تغييرات هائلة، وقد شغل حمد بن جاسم حينها منصب وزير الخارجية أيضًا، فهو يُعزى إليه قيادة هذه الحالة التي تغيرت شيئًا فشئ مع وصول الأمير الجديد إلى الحكم بعد والده.
لكن في النهاية نظرت إلى جهوده كرئيس للوزراء ووزير للخارجية في السياسة الخارجية بنوع من الريبة حيث فشلت الثورات العربية وتراجعت بعد ذلك أمام الحلف المضاد الذي كانت تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أمام دولة قطر. هذا الصراع الذي كاد أن يحدث تفجيرًا داخليًا في مجلس دول التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي حاول الأمير الحالي تميم تجاوزه بعض الشئ بداية من إصلاح العلاقات الخليجية الخليجية التي تدهورت في عهد الشيخ حمد بن جاسم.
في هذا الصدد تحدث الشيخ مع الصحيفة البريطانية برأي مخالف فقد رأى أنه فعل أفضل ما يمكن أثناء توليه رئاسة وزراء قطر، وأنه ربما كان من الضروري أن يفعل هذا الأشياء لمصلحة دولة قطر، ولكنه اعترف أن نهجه صنع العديد من الأعداء كما أثار “الغيرة” بحسب أوصافه، كما أنه أشار إلى أنه كان “جنديًا” في الحكومة القطرية وفعل ذلك لأنه كان من الضروري لأجل قطر سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي.
الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ابتعد كثيرًا عن الأنظار بعد خروجه من السلطة، وإن كانت جل أحاديثه بعد ذلك كانت حول أسئلة من قبيل كيفية انتقال السلطة في 2013 والتي أثارت الكثير من الجدل الإقليمي والعالمي، وكذلك ملف استضافة كأس العالم الذي ظل يدافع عنه الرجل وبقوة كأحد انجازات حكومته، بعد تردد اتهامات في الأوساط الرياضية والسياسية عن حصول قطر على أحقية التنظيم عبر تقديم رشوة للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، إلا أنه ينفي هذا الأمر تمامًا.
ولكن عاد اسم حمد بن جاسم آل ثاني مرة أخرى إلى الصدارة الإعلامية خاصة بعد أن نشرت عنه مجلة “فوربس” التي تعد أكثر القوائم شهرة في العالم, وتعنى بالدرجة الأولى بإحصاء الثروات ومراقبة نمو المؤسسات والشركات المالية حول العالم، حيث أعلنت المجلة أن الشيخ تجاوزت ثروته 1.2 مليار دولار، وهو الأمر الذي أثار مزيدًا من الجدل.
وبالتزامن مع تردد أرقام ثروة الأمير القطري خرجت ما يعرف بوثائق بنما التي سربت من شركة محاماة في أمريكا الوسطى كانت تساعد عملائها على تأسيس شركات في الخارج والاحتفاظ بأموالهم في مصارف بعيدة عن التتبع، وهو الأمر الذي أثار جدلًا عالميًا واسعًا بسبب تورط العديد من كبار السياسيين والشخصيات العامة في العالم.
وكان من ضمن أسماء عملاء هذه الشركة البنمية السياسي القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني، ووالد أمير قطر الحالي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ووفقًا للوثائق فإن رئيس الوزراء القطري السابق استحوذ على شركة في جزر فيرجن البريطانية، و ثلاث شركات أخرى في جزر البهاما عام 2002.
وتقول الوثائق أيضًا أن الشيخ حمد بن جاسم استطاع من خلال هذه الشركات امتلك أسهم ومساحات في ميناء بالما مايوركا الإسباني الذي أدار من خلاله يخته العملاق “المرقاب” الذي يبلغ ثمنه 300 مليون دولار.
كما أنه استحوذ أيضًا على 4 شركات بنمية لإدارة حسابات بنكية في لكسمبورج عام 2011، وقد شارك الملكية مع الشيخ حمد في اثنين من هذه الشركات المذكورة، طبقًا لما ورد في الوثائق المسربة.
الشيخ حمد بن جاسم يدافع عن نفسه
دافع الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني عن نفسه بهذا الخصوص في حواره مع الصحيفة البريطانية معترفًا أنه رجل “ثري” بحسب وصفه، مؤكدًا أن هناك استخدامات قانونية لشركات “الأوف شور” التي ورد الحديث عنها في وثائق بنما، كما أن تلك المؤسسات موثقة، ولا يوجد بحسب قوله أي دليل على أن ثمة هناك رجل خالف القانون أو تصرف بشكل غير صحيح.
ولكن البعض يرى أن اللجوء إلى مثل هذه الحسابات البنكية الخارجية شئ غير مفهوم خاصة عندما يأتي من رجل قطري لا تفرض بلده ضريبة على الدخل، إذن فلماذا لجأ الأمير القطري إلى هذا النوع من الشركات؟!
في الوقت الذي يعترف فيه الأمير بأنه ليس فقيرًا ولديه ثروة من أسرته ومن عمله في التجارة ولكن ليست من منصبه السياسي بأي حال، فيما مثلت أيضًا حيرة مسألة عدم الفصل بين استثمارات الأمير الشخصية واستثمارات الدولة القطرية بصفته رئيسًا سابقًا لهيئة الاستثمار القطرية، لكن الأمير رفض اعتبار هذا تضاربًا في المصالح على حد قوله، حيث أنه يقول إذا أردت أن تخبر القطريين بألا يشتغلوا في الوظائف الحكومية إذا كان لديهم استثمارهم الخاص، فإنك لن تجد موظفًا في الحكومة بعد اليوم.