ترجمة وتحرير نون بوست
بشكل ملائم للغاية، افتتحت صحيفة الجارديان مقالتها حول محاولة جمهورية التشيك إعادة تسمية نفسها باسم تشيكيا بالإشارة إلى الكاتب فرانز كافكا؛ فعندما استيقظ مواطنو الدولة صباح يوم الجمعة، وجدوا بأن الأمور قد تغيرت فجأة، حيث جاء الإعلان عن سعي البلاد لتغيير اسمها كمفاجأة ضربت مواطني جمهورية التشيك كما ضربت بقية العالم.
كنت أعتقد أن مثل هذا القرار المهم سيُتخذ بعد عقد مناقشات عامة واسعة النطاق، كتلك العملية الطويلة والمعقدة التي مضت بها نيوزيلندا في خضم محاولتها لتغيير علمها الوطني، ولكنني، وفي الحالة التشيكية، كنت مخطئًا للغاية.
في استطلاع للرأي أجرته صحيفة ملادا فرونتا دنيس في عام 2013، قال 16,845 تشيكيًا بأنهم لا يحبون الاسم الجديد، مقارنة مع 6,160 معجبًا بهذا الاسم، وحقيقة أن المسؤولين التشيكيين يعتقدون بأنهم يستطيعون أن يفرضوا شيئًا كهذا على الشعب، يدل على مدى قلة احترامهم لمحكوميهم.
ولكن شعب جمهورية التشيك لن يشعر بأنه غريب تمامًا عن مواقف كهذه، فالبلاد تعاني من انقسامات طويلة الأمد حول هويتها، وحتى تفكك تشيكوسلوفاكيا، الذي يُقال بأنه كان سلميًا، ترك العديد من الأشخاص المستائين على الجانبين؛ فالانقسام حدث بدون إجراء استفتاء، رغم المطالبة به حينئذ في عريضة وقعها أكثر من مليون تشيكي وسلوفاكي، وهي نسبة كبيرة إذا أخذنا بعين الاعتبار بأن سكان الدولتين مجتمعين يشكلون 15 مليون نسمة، كما خرق الانقسام بشكل واضح الدستور التشيكوسلوفاكي، وتم فرضه بدون أي تفويض من الشعب، ومنذ ذلك الحين، ناضلت الدولتان الوليدتان لمحاولة تحديد هويتهما.
حتى أولئك الذين يفضلون تغيير الاسم إلى تشيكيا شعروا بالحرج من الطريقة التي تجاهلت بها الحكومة الجمهور
تتألف جمهورية التشيك من أرضين، بوهيميا ومورافيا (وبعضًا من سيليسيا أيضًا)، وهذا الأمر أدى إلى تشكيل المزيد من التعقيدات حول اسم الدولة لأن معظم المورافيين يرون بأن الاسم الجغرافي للدولة يجب أن يأخذ تقسيم الأراضي بعين الاعتبار، وبأن “الأراضي التشيكية” أو “Czech lands” هي العنوان الجغرافي السليم للدولة سواء باللغة التشيكية أو الإنجليزية.
ربما نجم ما حصل بشكل جزئي عن الماضي التشيكي، حيث استقبل التشيكيون أخبار تقسيم تشيكوسلوفاكيا بمزاج إنكار هزلي، فالشعب التشيكي يمتلك تقليدًا تراثيًا بالسخرية من نفسه، ولكن مع ذلك، حتى أولئك الذين يفضلون تغيير الاسم إلى تشيكيا شعروا بالحرج من الطريقة التي تجاهلت بها الحكومة، مرة أخرى، الجمهور في خضم اتخاذها لهذا القرار، وعلاوة على ذلك، لم ينجم قرار تغيير الاسم عن التفاوض مع الخبراء، بل كانت فئة الشعب الوحيدة التي استشارتها الحكومة هم نواب البرلمان، الذين شعروا بأن تغيير اسم البلاد من جمهورية التشيك إلى اسم مؤلف من كلمة واحدة، تشيكيا، “سيروّج للبلاد بشكل أفضل”. وعلى الرغم من هذا، وفي ذات اليوم الذي أعلنت به الحكومة عن هذه الفكرة، وصف رئيس المعهد الرسمي للغة التشيكية هذا التغيير المرتقب بأنه “فُرض بشكل قسري”.
مسألة ما إذا كان من المفترض، على الأقل في دولة الديمقراطية، أن يتم طرح هذا النقاش قبل اتخاذ القرار، بدلًا من بعده، ستطارد المسؤولين التشيكيين وتقض مضجعهم، كما ستعمل على إذكاء الشعور المطرد بالعدائية الناشب ما بين الحياة السياسية والحياة اليومية، وسواء في الداخل والخارج، يبدو كما لو أن الحكومة التشيكية لا تواجه أي قضية مهمة أخرى للتعامل معها، سوى ذاك التغيير الطفيف باسم الدولة.
ولكن الحال ليس كذلك، فجمهورية التشيك تمتلك النسخة التشيكية من نايجل فاراج في منصب رئاسة الجمهورية، فضلًا عن معاناتها من قضايا ماثلة تحتاج إلى حلول عاجلة، كمشاعر كراهية الأجانب ومعاداة الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن ضرورة معالجة واقع تضييق الشرطة على الصحفيين والجامعات لتعبيرهم عن رأيهم المعارض.
أمام عجزها عن مواجهة هذه القضايا، يمكننا أن نقول بأن الحكومة التشيكية كانت تتصور بأن حالة إلهاء صغيرة، كإحداث تغيير لا لزوم له في اسم البلاد، قد تستجلب القليل فقط من الحرج فقط، ولكن يبدو بأن على صناع القرار في التشيك أن يفكروا بالموضوع بطريقة مختلفة اليوم.
المصدر: الجادريان