“عبوة ناسفة في حافلة إسرائيلية وفي قلب القدس، هو حدث غير طبيعي وغاية في الخطورة، ويعتبر تطور كبير في العمليات الفلسطينية التي انطلقت منذ أكثر من 6 أشهر، يحتم على أجهزة الأمن الوقوف عنده، ويضطرهم لتغيير خطة اللعب مع الشبان الفلسطينيين”، هذا ما قالته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في مقالة للمحلل العسكري في الصحيفة بون بن يشاي، صباح اليوم.
روح الفداء لا تموت
العملية التفجيرية في القدس أول أمس، وضعت قادة أجهزة الاحتلال الأمنية في مأزق أمام الرأي العام الإسرائيلي، بعد حديثهم المطول عن خبو نار الانتفاضة وإحكام سيطرتها على جذوة الشباب الفلسطيني التي لم تدم سوى 6 شهور، ليتراجع معها عدد العمليات لحوالي النصف، لتكون هذه العملية مؤشر كبير على أن روح الفداء لدى الفلسطينيين لا تموت وإنما هي استراحة محارب.
وقال بن يشاي: “العملية أدخلتنا في دوامة أكبر خطرًا من سابقتها من العمليات، ونستطع القول أن الفلسطينيين بدأوا بتنفيذ تهديداتهم، وأدخلونا في المحطة التالية من الانتفاضة، وبصورة أكبر حنكة وأكثر خطرًا، بعبوة ناسفة بحجم ليس بصغير”، ولمح بن يشاي إلى إمكانية وقوف حركة حماس وراء العملية، زاعمًا أنها “معنية كثيرًا في إشعال الأوضاع في القدس والضفة الغربية، على الرغم من أنها لم تعلن مسؤوليتها عنها ولم تتوصل الأجهزة الأمنية لأي طرف خيط يوصلها للجهة المنفذة، وأسباب التنفيذ وكيف حصل ذلك ومن هو ذلك الشخص الموهوب الذي صنع العبوة وزرعها”.
عملية مدبرة بحنكة
أضاف بن يشاي، “خلال الشهور الستة الماضية، حصلت عدة عمليات ألقيت فيها عبوات ناسفة باتجاه دوريات الجيش وجنوده، لكن كانت تلك العبوات محلية الصنع وبدائية خفيفة، في حين هذه العبوة كانت مصنوعة بحنكة ومحشوة بالشظايا وكمية ثقيلة من المتفجرات، أسفرت عن حريق هائل بالحافلتين”.
وبحسب بن يشاي فإن “العملية فتحت الباب على مصراعيه أمام العديد من الأسئلة حول مَن مِن التنظيمات الفلسطينية قام بالعملية؟ وهل نحن أمام منعرج جديد للانتفاضة التي فجرها الفتية الفلسطينيين؟ وهل يمكن القول أننا دخلنا في طابع الهجمات القاتلة التي عشناها خلال الانتفاضة الثانية؟”.
وعاد بن يشاي ليلمح إلى مسؤولية حماس عن العملية، مدعيًا أن لديها عدة أسباب لإشعال الوضع الذي نام خلال الأسابيع الأخيرة، أهمها هذا التراجع الحاصل في عمليات الطعن، التي كانت الطابع المميز لهذه الموجة من العمليات خلال الشهور الستة الماضية، حيث إن حماس ترغب في إحياء هذا الطابع من العمليات، من خلال اعتقادها بأن تنفيذ عملية كبيرة تخلف خسائر إسرائيلية كثيرة، وتزيد الاهتمام الإعلامي بها، سيكون محفزًا لتجديد عمليات الطعن.
كما أن الحركة، بحسب بن يشاي، تعمل على تجديد التحريض الإعلامي بالحديث بكثرة عبر وسائل إعلامها عن المسجد الأقصى وما يجري به من انتهاكات، والتي كانت الشرارة التي حركت الشبان نحو العمليات في الانتفاضة الجارية، حيث إن تنفيذ عملية كتلك التي جرت أمس في ظل ما يجري في الأقصى سيحفز الشبان الفلسطينيين من جديد لتنفيذ المزيد من العمليات.
وزعم بن يشاي أن حماس وفور إعلان جيش الاحتلال تمكنه من اكتشاف نفق للمقاومة يخترق الحدود جنوب غزة عمدت ربما لتنفيذ هذه العملية وبهذا الحجم، بهدف صرف الأنظار الإعلامية عن هذا الحدث“.
وقال بن يشاي: “إنه وبغض النظر عن الجهة التي تقف خلف هذه العملية، لا بد للأجهزة الأمنية أن تدرك أن هذه العملية فتحت بابًا جديدًا من أبواب جهنم على الإسرائييين، وإذا لم تبادر لإغلاقه بطريقتها ستكون بداية ثورة فلسطينية جديدة في وجه إسرائيل كلها، فأمام كل 10 محاولات لتنفيذ عمليات مشابهة، كانت تحبطها قوى الأمن، ربما فشلت تلك الأجهزة في الوصول لعدد آخر منها، وهذه العملية واحدة من تلك المحاولات الناجحة، ولها ما بعدها”.
عودة للانتفاضة الثانية
من جهتها قالت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي: “إن انفجار الحافلتين في القدس، أعاد سكان القدس لأيام الانتفاضة الثانية، كما أن هذا الانفجار أخرج مرة أخرى مخاوف سكان القدس من العودة لأيام العمليات الاستشهادية”، وأضافت القناة، أن الجهات الأمنية ترجح أن من قام بزرع العبوة هو شخص هاوٍ، ولا يقف خلفه أي فصيل من الفصائل الفلسطينية الكبيرة.
في حين حذرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية من الركون لهذه التحليلات بكون العملية في القدس عملية فردية، داعية أجهزة الأمن الإسرائيلية لتقديم إجابة للإسرائيليين حول كيفية وصول هذه العبوة للحافلة من خلف أعينهم، وهل الإجراءات التي أعلنوا عن تنفيذها على طول جدار الضم والتوسع ناجعة لمنع تنفيذ المزيد من العمليات المشابهة، وقالت الصحيفة “الإسرائيليون يأملون أن تكون هذه العملية حدث فردي، على الرغم من انعدام المؤشرات التي تدل على كونها عملاً عفويًا”.
من جهتها قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: “إن مشهد الحافلة المتهتكة، أرجع الإسرائيليين بالذاكرة إلى مشاهد الانتفاضة الثانية، التي قتل فيها مئات الإسرائيليين بواسطة التفجيرات”، وأضافت الصحيفة “المشهد هذه المرة يبدو مختلفًا وأشد خطورة، ذلك أن تفجير القدس بالأمس ناجم عن جهود أشخاص محليين، وليس بجهود تنظيم كبير مثل حماس”.
المصدر: قدس الإخبارية