ما الذي يعنيه تدمير الأسلحة الكيميائية السورية ؟ ، هذا السؤال الذي يتراود الى ذهن المواطن السوريّ الذي ما عاد يعنيه بعد ما قاربت السنة الثالثة من الأزمة على الانتهاء الا أن يقف الدم الذي ما زال شلاله يزداد باطراد يوماً الى آخر.
النظام السوري “الممانع” كان قد وافق على تسليم سلاحه الكيميائي بعد أن هدده أوباما “الشجاع” بتوجيه ضربة عسكرية له رداً على استخدام الأسلحة الكيميائية في منطقة الغوطة من ريف دمشق في اغسطس العام الجاري وقتل أكثر من 1400 شخص معظمهم من الأطفال والنساء بعدة صواريخ، وكأن أوباما الذي وضع خطاً أحمر لبشار تحذيراً له من استخدام السلاح الكيميائي كما لو أنه يجبره على تجاوزه حتى يسحب منه هذا السلاح الذي يؤرقه لسنين مضت، ليكمل بعدها بشار مسلسل القتل بباقي الأسلحة “المحللة” دولياً في عرف اوباما وعصبته.
المعلومات الاستخباراتية التي نشرت في الصحف العالمية تقول أن أمريكا وحلفائها كانوا على علم بالضربة الكيميائية، ودليل ذلك الصور الجوية التي تنشر تباعاً يوماً بعد آخر عن التحركات العسكرية السورية وأوضاع الثكنات وانطلاق الصواريخ، مما يجعل المجتمع الدوليّ شريكاً في القتل كما لو أنه سمح بالتضحية بالمدنيين ليحصل على ما يبتغيه في لعبة ما يسمّى “نزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط”.
وعوداً على بدء، تدمير الأسلحة الكيميائية يعني سوقاً غربيّاً آخرَ لتدمير هذه الأسلحة التي تزيد عن ألف طن من الأسلحة الكيميائية ومكوناتها كان النظام السوريّ قد وافق على تسليمها في صفقة روسية أمريكية سورية، اضافة الى ألف آخر من الصواريخ والقذائف الصالحة لحمل مواد كيميائية، والتي تقول الأرقام الأوليّة أن كلفة تدميرها تصل الى مليار دولار على الأقل تستغرق فترة من نصف العام الى العام مما يعني فتح سوق دوليّة زاخرة بالأرباح للشركة – أو الشركات – التي سوف تحصل على عقود تدمير هذا السلاح على غرار ما حدث في ليبيا.
وعن الطامحين لهذه العقود التي سوف تعلن نتائج مناقصتها في الثاني من يناير 2014، نقلت مجلة الفورين بوليسي تقريراً جاءت فيه مقابلة مع جوليانو بوركاريو الذي حصلت شركته على عقود لتدمير السلاح الكيميائي الليبي منذ عهد معمر القذافي الذي تمنّى أن تحظى شركته بهذه العقود على الرغم من المخاطر التي تحيط بالعمل خصوصاً في الوضع الراهن، ويضيف جوليانو: “بالطبع أتمنى أن تحصل شركتي على عقد في سوريا حيث انه نفس العمل الذي نقوم به في ليبيا، ولكن الوضع في الوقت الراهن خطير جدآً، هل تعتقد أني أريد أن اقتل هناك لأجل الحصول على عقد ؟ لا شكراً “.
الدفعة الأولى من الأسلحة الكيميائية من المفروض أن تخرج من سوريا مع نهاية العام الجاري بحد أقصى على أن ينتهي اخراج الأسلحة بشكل كامل وتدميرها بشكل أوليّ منتصف أبريل عام 2014، حيث كانت دول المجتمع الدولي التي عقدت الاتفاقية قد أجمعت على تدمير الأسلحة السورية خارج سوريا الا أن كلاً منها رفض أن تتم عملية تدمير الأسلحة على أراضيه متفقين على أن تتم عملية التدمير في البحر، في الوقت الذي رفضت كذلك كل الدول استخدام موانئها لهذه العملية مما عزا بالولايات المتحدة الأمريكية القول انها تبحث عن ميناء في البحر الأبيض المتوسط يمكن تنفيذ العملية فيه، في الوقت الذي يخشي فيه مراقبون وخبراء من تسرب السموم الكيميائىة الى البحر والتسبب بأضرار للبيئة البحرية، حيث يتم تدمير الأسلحة الكيميائية باستخدام عملية التحلل المائي باستخدام مواد مثل المنظفات لإزالة فعالية مواد غاز الخردل والكبريت لتتحول إلى مخلفات سائلة، إلا أن غازات الأعصاب مثل غاز السارين غالباً ما يفضل تدميرها من خلال عملية الحرق.
وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد أعلنت أمس أن الولايات المتحدة قد جهزت احدى سفنها لتدمير أخطر أسلحة سوريا الكيميائية في البحر، وجاء في البيان الذي وزعته المنظمة : “حيث ستجري عمليات تدمير الأسلحة السورية الكيميائية باستخدام تقنية التحليل المائي حيث أن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية تجري عليها بعض التعديلات التي تجعلها مناسبة للعملية”.
وأضاف البيان أن الأسلحة التي سوف يتم تدميرها على متن السفينة هي الأسلحة الكيميائية الأوليّة والتي تعد الأكثر خطراً، بينما سيتم ايكال بقية المهمة الى الشركة التي ستحظى بعطاء تدمير الأسلحة السورية، في الوقت الذي قال فيه مسؤول أمريكي أنه يجري تزويد السفينة “كايب راي” بنظام متطور صممته وزارة الدفاع الأمريكية لتحييد العناصر المستخدمة في الأسلحة الكيميائية السورية.
وكانت 35 شركة قد أبدت اهتماماً للقيام بمهمة تدمير الأسلحة الكيميائىة السورية التي من المقرر اعلان نتائج العطاء والشركة التي سيرسوا عليها العطاء في الثاني من شهر يناير لعام 2014، وقال مدير عام المنظمة أحمد أوزومكو : “الشركات التي تسعى للمشاركة في عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية سيطلب منها مطابقة الأنظمة الدولية والوطنية المتعلقة بالسلامة والبيئة”.
اذن يعلن العالم مرة أخرى متاجرته بالدم السوري علانية على الملأ، وعرض الأسلحة “المحرّمة” التي كان النظام السوري – وما زال – يقتل بها، يعرضها للتدمير في المزاد العلنيّ، في الوقت الذي تُترك فيه الحرية لبشار الأسد لتدمير ما تبقى من ترسانته “المحللة” في أجساد ما تبقى من أبناء الشعب السوري.