خلصت دراسة أكاديمية، أجراها باحثون من مركز الدراسات الشرقية التابع لجامعة بانديون للعلوم السياسية والإدارية في أثينا، ونشرتها وكالة الأناضول، إلى أن المسلسلات التركية التي انتشرت مؤخراً بشكل كبير في الشرق الأوسط وفي منطقة البلقان، هي “جزء من القوة الناعمة التي تستعملها تركيا لتحسين صورتها بين شعوب المنطقة”، حيث قالت الباحثة بانايوتا كافاثاس أن تصدير المسلسلات التركية يعدّ جزء من سياسة تركيا الخارجية، وأن سياسة تركيا في تصدير مسلسلاتها للمنطقة العربية تضمن في السنوات الأخيرة دمجا للمبادئ الإسلامية مع الحياة العصرية، بالإضافة إلى إظهار العداء لإسرائيل.
وتضيف الباحثة، حول مضمون المسلسلات التركية، فتقول: “أما في دول البلقان فإن سياسة تركيا تقضي بإظهار تجربة عثمانية ناجحة، مع الحفاظ على اللغة التركية، أي ترجمتها النصوص كتابيا دون دبلجتها”، مؤكدة أن أهم “علامات نجاح ونجاعة القوة الناعمة التركية، تكمن في زيادة أعداد السياح والمشاهدة العالية للمسلسلات والإقبال المتزايد على تعلم اللغة التركية”.
وتابعت كافاثاس قائلة: “تلك المسلسلات التركية تنتمي عادة لتلك المجموعة من المسلسلات التي تحفل بالأحداث العاطفية مثل علاقة حب تجمع بين شاب غني من عائلة فاسدة وفتاة شريفة من عائلة فقيرة، وهي تريد إيصال رسالة تفيد أن المجتمع التركي يعيش حياة غربية من حيث اللباس والسيارات والتقنيات المستخدمة وعلاقات الجنسين، مع الحفاظ على الروابط الأسرية والدينية القوية”.
وكذلك تعطي “المسلسلات التركية صورة الرجل التركي صاحب السلطة في أسرته”، وتظهره على أنه “شاب لا مشكلة له في اعتبار المرأة مساوية له”، كما تصور “المرأة التركية المكافحة المتحررة والمناضلة لأجل حقوقها، إضافة إلى صورة المرأة المتسلطة التي تريد التدخل في شؤون أولادها، وأخرى للمرأة الوصولية المستعدة للقيام بكل شيء للوصول إلى هدفها”.
خريستوذولوس يالوريذيس، مسؤول مركز الدراسات الشرقية التابع لجامعة بانديون والمدرس في قسم الاتصالات والحضارة، تحدث عن نتائج البحث المجرى في اليونان فقال: “تأثير هذا النوع من المسلسلات يعمل ببطء ولا يظهر تأثيره سريعاً”، دون أن يستبعد “حصول تغييرات حقيقية في هذا المجال خلال السنوات القادمة في حال استمرار عرض تلك المسلسلات في اليونان”.
وأما أندرياس زاخارياذيس، وهو المشرف على البحث، فقد قال للأناضول أن “أكثر من أربعين طالباً عملوا على توزيع استبيانات على مواطنين يونانيين تحتوي أسئلة مثل: هل تتابع المسلسلات التركية؟، ولماذا لا تتابعها، في حال كان الجواب لا؟، وسأل عن رأي الفريقين بتركيا وسياساتها الخارجية، وعن نظرتهم إلى جيرانهم الأتراك”، مشيرا إلى أن “معظم الشريحة المستهدفة لم تكن لديها مشكلة في الإجابة على السؤال”.
وحول النتائج قال أن “المسلسلات التركية استطاعت تغيير رأي اليونانيين وإقناعهم أن لدى تركيا إرثا وإنتاجاً في مجالي الفن والثقافة إضافة إلى وجهها الغربي”، وأن “معظم متابعي المسلسلات التركية أجابوا أن تركيا يمكن أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي، وأن تلك المسلسلات تعكس الوجه الحقيقي للحياة في تركيا”، فيما أجاب اليونانيون الذين ولدوا وترعرعوا في دول أوروبية مثل ألمانيا، أنهم “يعتقدون فعلاً أن هذه المسلسلات تعكس الوجه الحقيقي للاقتصاد التركي القوي”.