ترجمة حفصة جودة
صبي مسترخٍ، ضعيف الإنجازات، وفتاة قلقة، كثيرة الإنجازات، خلال ثلاثة عقود منذ أن تخرجت من كلية الطب، وخاصة في العشر سنوات الأخيرة، أصبح هذا النمط شائعًا بشكل كبير في عيادتي.
في إحدى الحالات النموذجية إلى حد كبير، كان والدا المريض قلقان بشأن نجلهما، فهو لا يجتهد في المدرسة ودرجاته تستمر بالانخفاض، يبلغ عمر هذا الصبي 16 عامًا، ويقضي معظم وقت فراغه في ألعاب الفيديو مثل “Grand Theft Auto” و “Call of Duty” أو يتصفح الإنترنت بحثًا عن صور الفتيات، لكنه شخص سعيد وهادئ.
في الحقيقة، الوالدان فخوران بابنتهما التي يبلغ عمرها 14 عامًا، فهي طالبة ملتزمة، رياضية، ولديها العديد من الأصدقاء، لكن عندما التقيت بها أخبرتني أنها لا تنام جيدًا، فهي تستيقظ في منتصف الليل وهي تشعر بالندم لتناولها شريحة بيتزا كاملة على العشاء، وتشعر أيضًا بضيق في التنفس، ومؤخرًا بدأت بجرح نفسها بشفرة الحلاقة في فخذها العلوي في مكان لا يراه ذووها، فهي لم تخبرهم أي شيء من ذلك؛ فظاهريًا، تبدو الفتاة مذهلة، أما داخليًا، فهي على وشك الانهيار.
لماذا تميل الفتيات للقلق أكثر من الصبيان؟
يبدأ الأمر بمشاعرهن بشأن مظهرهن، حيث أظهرت بعض الدراسات أنه في مرحلة المراهقة، تميل الفتيات إلى عدم الرضا عن أجسادهن، بينما يصبح الأولاد أكثر رضى عن أجسادهم، هناك عامل آخر، وهو اختلاف تعامل الفتيات والأولاد مع وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تقوم الفتيات بنشر صورهن بملابس السباحة أكثر من الأولاد، في حين أن الأولاد يقومون بنشر صور تركز على ما قاموا به أكثر تركيزها على مظهرهم، إذا لم تعجبك صورة جاك مع جائزته الكبرى، فغالبًا لن يهتم، أما إذا لم تبد إعجابك بصورة سونيا وهي ترتدي البكيني، فمن المرجح أن تعتبره أمرًا شخصيًا.
تخيل فتاة أخرى تجلس في حجرة نومها وحيدة، وتقوم بمشاهدة صور الفتيات الأخريات على الانستغرام وسناب شات، سوف ترى سونيا وهي تعرض صورتها الجديدة وهي ترتدي البكيني، تبدو سونيا رائعة، بعدها سترى صورة ماديسون منطلقة في إحدى الحفلات، ثم سترى صورة فانيسا مع جروها الجديد الرائع، وحينها ستفكر: أنا أجلس هنا في غرفتي لا أفعل أي شيء، حياتي تنتهي.
أما الصبيان فهم أقل عرضة للتأثيرات السامة لوسائل التواصل الاجتماعي من الفتيات، لثلاثة أسباب على الأقل، أولًا: نادرًا ما يهتم الصبيان برأيك في صورهم الشخصية، “هل أبدو سمينة في ثوب السباحة هذا؟” هذا السؤال غالبًا ما تسأله الفتيات، ثانيًا: يميل الصبيان إلى المبالغة في تقدير مدى إثارة حياتهم، ثالثًا: يتجه معظم الصبيان إلى ألعاب الفيديو بدلًا من نشر صورهم الشخصية على الانستغرام، وألعاب الفيديو، على عكس وسائل التواصل، يستطيع كل شخص أن يكون الفائز في النهاية، فإذا كنت تلعب “Grand Theft Auto” أو “Call of Duty” بشكلٍ كافٍ، فعاجلًا أم آجلًا سوف تنهي جميع المهمات إذا واصلت اللعب.
لا يمكن للوالدين تغيير تلك العوامل بسهولة، فلن تستطيع إقناع فتاة أن تكون أقل اهتمامًا بمظهرها، أو أن تبالغ في تقدير كم هي مثيرة حياتها، أو أن تهتم بإنهاء جميع مهمات لعبة “Grand Theft Auto” أكثر من اهتمامها بالاعجابات التي تحصل عليها في الانستغرام (لا يبدو واضحًا إذا كان انجاز التغيير الأخير، سيكون تغييرًا نحو الأفضل)، لذا، ما الذي نستطيع أن نفعله، لتحسين توقعات فتياتنا؟
إذا كانت ابنتكم هي تلك الفتاة التي تجلس في غرفة نومها تطالع صور الفتيات الأخريات على وسائل التواصل، فيجب ألا تبقى في غرفة نومها على الإطلاق، ففي الأسرة النموذجية الأمريكية اليوم، عندما يعود الأطفال إلى منازلهم، فإنهم يذهبون إلى غرف نومهم ولا يظهرون مرة أخرى إلا عند تناول الوجبات، هذا جنوني!
فالأسرة لا تكون أسرة إذا كان الأطفال يقضون معظمهم وقتهم وحيدين في غرفهم، بدلًا من قضاء الوقت مع أفراد الأسرة، يجب أن تصر على أن يمارس ابنك أو ابنتك نشاطهما، أيًا كان ما يفعلونه على الإنترنت، في مكان مفتوح، في المطبخ أو في غرفة المعيشة، ومن الضروري أن لا تضع في غرفة النوم سوى السرير، لا تلفاز لا بلاي ستيشن لا شاشات، هذه هي التوصيات الرسمية للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال.
اقتراح آخر: كافح من أجل وقت العشاء، لا تسمح باستخدام الهواتف على طاولة الطعام؛ ففي دراسة كندية عام 2013 لأطفال من خلفيات مختلفة، كان الأطفال الذين يتناولون وجبات كثيرة مع والديهم، أقل عرضة للشعور بالحزن والقلق والوحدة، كما أنهم كانوا أكثر ميلًا لمساعدة الآخرين والشعور بالرضا عن حياتهم، ولكن انتبه لما تقوله على طاولة الطعام، فالحديث حول العلامات السيئة ودرجات الاختبار المخيبة للآمال هو أمر غير مسموح، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ بالطبع، أصل الكون ومعنى الحياة؟ بالتأكيد، لكن كقاعدة عامة، الحديث المواضيع التي تتناول أوجه القصور الشخصية للطفل ليست مناسبة للحديث في وقت اجتماع الأسرة على العشاء.
اقتراح ثالث: لا تستخدم سماعات الرأس أو الأذن في السيارة، فعندما تكون مع طفلك في السيارة من الأفضل أن تستمع إليه ويستمع إليك، بدلًا من الاستماع لجاستن بيبر أو مايلي سايرس أو إيكون أو إمينيم (أسماء مغنيين)، تعلما فن المحادثة وجهًا لوجه أو العبا لعبة الكلمات، أو فليغنِ جميع أفراد الأسرة أغنية معًا، أو يولفوا قصيدة فكاهية، مثلما فعلت مع أسرتي أمس، قد يبدو ذلك أمرًا مبتذلًا، لكنه يساعد.
إذا كانت ابنتك لا تنام في الليل أو تقوم بجرح نفسها بشفرة الحلاقة، فالقصائد الفكاهية على مائدة العشاء قد لا تكون علاجًا كافيًا، لقد قمت بوصف دواء بحكمة وحذر للفتاة القلقة، يمكنكم أيضًا الحصول على مشورة مهنية بجانب الدواء وفي بعض الأحيان بدلًا منه، ومهما يكن، فيجب ألا يكون الدواء هو أهم جزء في العلاج، أهم جزء في العلاج هو إعطاء الأولوية للأسرة، ومنح طفلك بيئة آمنة في عائلة محبة.
المصدر : نيويورك تايمز