وصل لـ “نون بوست” رسائل ومناشدات عاجلة من عائلات فلسطينية عالقة ومحاصرة داخل مخيم “اليرموك” للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، بعد اشتداد الاشتباكات المسلحة داخل المخيم، واستمرار الجرائم التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الذي يسيطر على أكثر من 70% من المخيم.
وتركزت المناشدات التي وصلت مراسنا، على التحرك العاجل من قِبل المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية، لفتح ممرات آمنة لخروج آلاف العالقين والمحاصرين داخل المخيم، وخاصة من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، وإدخال مساعدات غذائية طارئة وعاجلة للمحاصرين.
مناشدات عاجلة ومجازر مستمرة
قال أبو خالد كلخ “45 عامًا، الذي يتعرض برفقة عائلته لحصار خانق داخل المخيم، ويمنع منذ أسابيع من الخروج من منزله بسبب ضراوة الاشتباكات بين العناصر المسلحة المختلفة في المخيم (داعش – النصرة – الفصائل الفلسطينية)، في رسالته: “نتعرض أنا وعائلتي المكونة من 5 أفراد ونسكن داخل بناية هشة في أطراف المخيم الشرقية للموت البطيء، نعيش حياة خوف وقلق دائم والموت يلاحقنا بكل مكان ولحظة”.
خلال شهر أبريل الجاري، استشهد عشرات الفلسطينيين نتيجة الاشتباكات الدائرة في المخيم، وهناك آلاف العالقين من المرضى وكبار السن، وكذلك انعدام المواد الغذائية ومياه الشرب داخل المخيم وتفشي الأمراض لعدم وجود رعاية صحية.
ويضيف: “لا تكاد تمر علينا ساعة واحدة إلا ونسمع أصوات إطلاق النار والرصاص المكثف نحو منزلنا ومحيطه، ونحن الآن محاصرون ومن يخرج من البيت معرض للموت، من قِبل العناصر المسلحة المتناحرة في المخيم”، ويوضح: “نعيش فقط على بعض الأطعمة كالمعجبات والبرغل، ولا تكفينا إلا لأيامٍ قليلة فقط، وفي حال استمر الحصار فسنموت من الجوع، غير أن الكهرباء والماء تصلنا بشكل متقطع، وحالنا بعد سيطرة داعش على المخيم تزاد سوءًا يومًا بعد يومٍ”، قائلًا في ختام رسالته “نحن نقتل ونعدم بدم بارد، حسبي الله ونعم الوكيل”.
بدوره، وجه أحمد البريم، 50 عامًا، من سكان مخيم اليرموك، في رسالته نداءً عاجلاً للمنظمات الحقوقية والدولية والإنسانية بالتدخل العاجل، لفتح ممر آمن لخروج سكان المخيم الذي قدر عددهم بـ 6 آلاف فلسطيني محاصر.
وقال: “نتعرض للموت والقتل والذبح ومن يترك منزله ويذهب لتوفير أي أنواع من الطعام أو الماء، ويقابله في طريقه أي مسلح يقومون بقتله وذبحه دون وجه رحمة، وبطريقة بشعة ويترك على الأرض ليفارق الحياة، أو يدفن بأماكن بعيدة”، مضيفًا “ماذا تنظرون؟ هل تريدون أن يقتل كل فلسطيني داخل المخيم؟ نحن نتعرض لمجازر يومية، ويجب على الجميع التدخل والتحرك العاجل من أجل إنقاذ ما بقي ومساعدة العالقين من النساء والمرضى والأطفال وكبار السن”.
الجدير ذكره أن القتال الشرس والمستمر الذي يدور داخل مخيم “اليرموك” منذ السادس من شهر أبريل/ نيسان الجاري، يجري بين داعش وجبهة النصرة، وبعض الفصائل الفلسطينية التي تحاول حماية المخيم.
لا تكاد تمر علينا ساعة واحدة إلا ونسمع أصوات إطلاق النار والرصاص المكثف نحو منزلنا ومحيطه، ونحن الآن محاصرون ومن يخرج من البيت معرض للموت، من قِبل العناصر المسلحة المتناحرة في المخيم
أصدرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بيانًا حذرت فيه من المخاطر التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم اليرموك، الذي يشهد في هذه الأوقات موجة قتال عنيفة بين فصائل متناحرة، بعد الإعلان عن فشل الجهود لإرساء تهدئة لإخراج المرضى والمصابين.
وقالت الوكالة: “إنها لا تزال تشعر بالقلق حيال التقارير التي تحدثت عن غياب سبل الوصول للمياه الصالحة للشرب طوال فترة نهاية الأسبوع، لافتةً إلى أنه مع ارتفاع درجات الحرارة فإن الجفاف وانعدام الصرف الصحي سيتسبب بحدوث مخاطر صحية خطيرة لمن تبقى من السكان المدنيين.
وبحسب مراكز حقوقية وإنسانية، فإنه وخلال شهر أبريل الجاري، استشهد عشرات الفلسطينيين نتيجة الاشتباكات الدائرة في المخيم، وهناك آلاف العالقين من المرضى وكبار السن، وكذلك انعدام المواد الغذائية ومياه الشرب داخل المخيم وتفشي الأمراض لعدم وجود رعاية صحية.
ويدور صراع منذ مطلع نيسان/ أبريل الجاري بين تنظيمي داعش والنصرة داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وسط حركة نزوح كثيفة من أهالي المخيم باتجاه المناطق المجاورة له خوفًا من ارتكاب مجازر بحقهم، ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية 620 ألف فلسطيني، موزعين على حوالي 10 مخيمات، فيما يتعرض أكبر هذه المخيمات “اليرموك” لمشاكل وظروف صعبة بفعل الصراع الدائر منذ 5 سنوات.
تحركات لإنقاذ المحاصرين
من جانبه، أكد أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس وفد السلطة الفلسطينية لمخيم اليرموك، أنه سيكون على رأس وفد فلسطيني يتوجه إلى الأراضي السورية لبحث الأوضاع “القاسية” داخل المخيم.
وقال مجدلاني، لمراسل “نون بوست”: “بداية شهر مايو/ أيار المقبل سنتوجه إلى دمشق ونعقد لقاءات مكثفة مع الفصائل والجهات السورية المختصة، للإطلاع على معاناة آلاف المحاصرين داخل المخيم، ومحاولة التوصل لحلول لإنقاذ حياتهم”.
يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية 620 ألف فلسطيني، موزعين على حوالي 10 مخيمات، فيما يتعرض أكبر هذه المخيمات “اليرموك” لمشاكل وظروف صعبة بفعل الصراع الدائر منذ 5 سنوات.
وأوضح أنه وبحسب المعلومات التي تصلهم من داخل المخيم فإن الأوضاع الإنسانية والمعيشة قاسية وصعبة للغاية، بسبب فشل كل وساطات التهدئة بين العناصر المسلحة في المخيم وهي داعش والنصرة، مشيرًا إلى أن حياة المحاصرين في خطر حقيقي ويجب بذل كل جهد لمساعداتهم وتوفير ممر آمن لإخراجهم.
في حين أكد السفير أنور عبد الهادي، رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في سوريا، أن الاشتباكات تجري بشكل يومي والوضع هناك صعب جدًا، موضحًا أن سكان المخيم هم وحدهم من يدفعون الثمن غاليًا، ولا يستطيعون الخروج من منازلهم نتيجة شدة إطلاق النار.
وأشار إلى أن تنظيم النصرة هو من سمح بدخول تنظيم الدولة للمخيم، قبل أن ينقلب الأخير عليه مما تسبب في اشتباكات مسلحة عنيفة، متهمًا تنظيم الدولة بأنه يمارس داخل المخيم الأساليب نفسها التي استخدمها في سوريا من قطع رؤوس واغتصاب للنسوة وشبح لإجبار السكان على التقيد بالمبادئ الدينية المتطرفة التي يفرضها.
يوجد داخل مخيم “اليرموك” نحو 6 آلاف لاجئ فلسطيني من أصل 160 ألفًا غادروا في مرحلة سابقة، وكثيرا ما تعرضت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا لهجمات دامية، منذ بدء الصراع هناك، وهو ما أدى إلى مقتل الآلاف منهم، وفرار أعداد كبيرة إلى دول الجوار في مخيمات للإيواء أقيمت في تركيا ولبنان والأردن، وتمكن عدد من هؤلاء اللاجئين من الوصول بطريقة صعبة إلى قطاع غزة، بعد وصولهم إلى مصر.