لم تتوقف هجمات المليشيات الطائفية على قرية المخيسة منذ عدة أعوام، فجأةً تجدها تتصدر الأخبار ثم تختفي وكأن شيئًا لم يكن، فما حقيقة ما يجري على أرض ديالى وفي قرية المخيسة وأبو صيدا إذن؟
تمثل محافظة ديالى الواقعة شمال شرق بغداد عراقًا مصغرًا؛ فعلى أرضها المعطاءة اجتمعت مختلف الطوائف والأعراق، وعاشت بسلامٍ لسنين طوال، حتى قررت طهران وحكومة بغداد إفراغها من أهلها وجعلها ملكًا شيعيًا وممرًا سهلًا نحو بغداد، ومنفذًا حدوديًا ينفتح أمام الوافدين ومسلحيهم وتُجارهم وتجارتهم المشبوهة دون تفتيش ولا مراقبة، فكانت للمحافظة حصتها الكبرى من الدمار وتجريف الأراضي والتهجير والاعتقال والاغتيال للمكون الأكبر من مكونات المحافظة، السنة.
بعد ظهور تنظيم داعش أصبحت التهمة جاهزةً للانقضاض على القرى والمدن ذات الأغلبية السنية في ديالى، ولأن المخيسة تُعد من أغنى القرى، وتعداد سكانها يشكل حاجزًا نحو تحقيق الأماني الإيرانية، فقد تعرضت القرية لمحاولاتٍ متكررةٍ على مدى ثلاث سنوات، وبحجة إخلاء المدينة من عناصر داعش لهجمات المليشيات، وبمختلف أنواع الأسلحة محاولةً مرارًا اقتحامها، فلما لم تتمكن بفضل تكاتف أبنائها وصدهم لتلك الهجمات؛ فقد سلطت أسلحتها الثقيلة لتدمير المنازل على رؤوس المدنيين وحرق المساجد والجوامع التي تقع في مرمى نيرانهم الحاقدة.
القوات الأمنية وقفت عاجزةً حينًا ومتواطئةً أحيانًا مع المليشيات، وعللت هجمات المليشيات وأعطتهم صك الأمان، ليعملوا آلتهم التدميرية على أرض المخيسة وأهلها وزرعها وضرعها، والتي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى بينهم نساء وأطفال.
محافظ ديالى السابق عمر الحميري أكد في تصريحٍ خاص عجز الميليشيات عن اقتحام القرية لبسالة أبنائها في الدفاع عنها وصمود أهلها الذين آثروا البقاء فيها، رغم عشرات الهاونات والاعتقالات والحصار الذي شهدته المدينة، بالإضافة لامتداد البساتين الكبيرة من القرية والتي تحتوي أكثر من عشرة آلاف نسمة وألف وخمسمائة منزل، ما جعل عملية السيطرة صعبةً عليها من قِبل المليشيات.
الحميري أضاف أن القوات الأمنية المكلفة بحماية تلك المناطق كانت أفواجًا من الشرطة، وبعد ضغطٍ كبيرٍ من قبل جهاتٍ متنفذةٍ على الأجهزة الأمنية تم سحبها واستبدالها بقوات الجيش التي لا تستطيع أن تفعل شيئًا حيال هجمات المليشيات على القرية.
محافظ ديالى الحالي مثنى التميمي المتهم أساسًا بتمويل ومساندة تلك الميليشيات، بالإضافة إلى ملفات الفساد التي تعتزم رئاسة مجلس المحافظة استجوابه تمهيدًا لإقالته، لم يصدر أمرًا للقادة الأمنيين بالمحافظة للتصدي لهجمات الميليشيات واعتقال المنفذين، حسب ما أكده أعضاءٌ بمجلس المحافظة رفضوا الكشف عن أسمائهم خوفًا من التصفية الجسدية.
شهودٌ عيانٌ أكدوا أن الميليشيات موجودةٌ بمنطقة أبي صيدا القريبة من منطقة المخيسة ومعلومةٌ أماكنهم للقاصي والداني، والتي تروم تغيير ديمغرافية المحافظة والانتقام من أهلها.
على ما يبدو أن أهالي المخيسة نجحوا في صد الكثير من الهجمات وتكبيد المليشيات الطائفية خسائر في صفوفها؛ ما جعل أحد القادة الأمنيين في المنطقة يهدد علانيةً أن عناصره وبمساندة المليشيات ستجتاح المخيسة يومًا ما حسب تأكيد الشهود.
سيناريوهاتٌ عدة بانتظار المخيسة ولا أمل في سياسيي السنة بأن يجدوا سيناريو واحدًا يردع تلك الميليشيات ويحد من نشاطها الإجرامي لإنقاذ المدينة وأهلها من الفناء.
فإلى متى ستبقى المخيسة صامدة؟