ترجمة حفصة جودة
“كيف كان نومكم؟”، كنت قد سألت عددًا كبيرًا من الأصدقاء هذا السؤال بعد قضائهم ليلة على أريكتي (المريحة جدًا)، وقد تبين أن معظمهم كانوا يكذبون عندما قالوا: “عظيم”.
مشكلة النوم بأماكن جديدة هي مشكلة شائعة، ويسميها علماء الأعصاب “تأثير الليلة الأولى” (FNE)، وتظهر الأبحاث الجديدة أن هذا التأثير يعادل التأثير العصبي للنوم بعين واحدة مفتوحة، فعندما نذهب للنوم لأول مرة بمكان جديد، تنام نصف عقولنا فقط، طبقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة “Current Biology“.
قام الباحثون بإجراء اختبار على الأشخاص الذين ينامون في بيئة جديدة وذلك بقياس نشاط الموجات الدماغية في مرحلة النوم الثالثة والتي تُسمى مرحلة نوم حركة العين غير السريعة “NREM 3“، وهي أعمق مراحل دورة النوم، وفي أول تجربة، وجد الباحثون أن الأشخاص النائمين أظهروا مزيدًا من النشاط في نصف الدماغ الأيسر عن النصف الأيمن، في أول ليلة نوم، مما يشير إلى أن نصف الدماغ الأيسر بقي متنبهًا نسبيًا للبيئة المحيطة.
عندما نام هؤلاء الأشخاص في نفس المكان ليلة ثانية، انتهى هذا التباين واستغرق نصفا الدماغ في النوم بشكل متماثل.
تنام العديد من الطيور والثدييات المائية، مثل الدولفين وأسد البحر، بهذا الشكل طول الوقت، فنصف عقولهم فقط تنام بشكل كامل، وتُعرف هذه الظاهرة باسم “unihemispheric slow-wave sleep” حتى يتمكنوا من البقاء في حالة تأهب لأي أخطارٍ محتملة أثناء نومهم، ولاختبار إذا ما كان نمط النوم غير المتماثل الذي أظهره البشر عند نومهم في مكان جديد، يؤدي نفس الوظيفة، قام الباحثون بفحص سمات النوم الخفيف لظاهرة “FNE” وإذا ما كانت تجعل البشر أكثر تأثرًا بالبيئة الخارجية.
للقيام بذلك، طلب الباحثون من المشاركين النقر بأصابعهم عندما يستيقظون بعد سماع أصوات أثناء نومهم، نام هؤلاء المشاركون ليلتين متتاليتين في نفس المكان، وقام الباحثون بإطلاق الأصوات في كلا الليلتين، وكان وقت رد الفعل بين الصوت والنقرة أسرع بشكل ملحوظ في الليلة الأولى عن الثانية، وهذا يشير إلى أن العقل لا يكون فقط أكثر إدراكًا طبقًا لظاهرة “FNE” لكنه في الواقع يستطيع الاستيقاظ بشكل أسرع.
لكن الباحثين ليسوا متأكدين من السبب الذي يجعل ظاهرة “FNE” تؤدي إلى بقاء نصف الدماغ الأيسر في حالة تأهب أكثر من النصف الأيمن، لكنهم يقولون بأن السبب ربما هو اختلاف الوصلات العصبية بين نصفي الدماغ، فالوصلات العصبية في جانب الدماغ حيث يحدث النوم العميق تُسمى شبكة الوضع الافتراضي “default-mode network” وأما باقي وصلات الدماغ تصبح أقوى في النصف الأيسر، وهذا ما يجعل الإدراك في النصف الأيسر أكثر فائدة من الإدراك في النصف الأيمن، لأن الوصلات القوية تؤدي إلى استجابة أسرع للمؤثرات التي تحدث أثناء النوم.
لا يبدو مستوى راحة السريرعاملًا مؤثرًا عندما يتعلق الأمر بالنوم في مكان جديد، “في دراستنا، قمنا بجمع تقرير شخصي عن الانزعاج” يقول يوكا ساساكي، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، ويضيف: “لم يشر أحدهم بالفعل إلى أن النوم لم يكن مريحًا أول ليلة، لكن القياس أظهر حدوث ظاهرة ” FNE” للجميع”.
تشير تلك النتائج إلى أن النوم الخفيف وغير المتماثل الذي أظهرته التجارب حول نوم أول ليلة بمكان جديد، هي آلية وقائية لدى البشر، تمامًا مثل الحيوانات، ولكن لحسن الحظ يبدو أن البشر قادرون على العودة للنوم بشكل عميق بمجرد اعتيادهم على المكان الجديد.
المصدر: كوارتز