هل سيتأثر الأردن وخليج العقبة، المنفذ البحري الوحيد بالمملكة، سلبًا بتنفيذ الجسر البري المزمع إقامته عبر البحر الأحمر بين السعودية ومصر، وهل ستعمل الخطوة الاقتصادية السعودية المصرية، على الإضرار بالتجارة والسياحة في المملكة والمدينة الساحلية، يتساءل مراقبون وسياسيون.
يرى مراقبون أن إقامة الجسر بين السعودية ومصر، سيؤثر بشكل جوهري على المكانة الاقتصادية لمدينة العقبة، وذلك عبر احتمالية توقف شركة الجسر العربي للنقل البحري عن العمل بالوتيرة الحالية.
وشركة الجسر العربي تأسست في العام 1985، برأس مال بلغ 6 مليون دولار، وشارك في تأسيسها الأردن ومصر والعراق، وتمتلك أسطولاً خاصًا مكونًا من 9 بواخر تقدّر قيمتها بأكثر من 100 مليون دولار، تعمل على خط العقبة – نويبع.
وحسب الشركة، فإنه يتم نقل ما يزيد عن 14 ألف حاج ومعتمر مصري من ميناء العقبة سنويًا، ومرور 55 ألف شاحنة من البضائع من مصر إلى السعودية سنويًا عبر الميناء أيضًا.
خسائر ومخاطر سيتسبب بها الجسر
كان أول من لفت إلى الأضرار والمخاوف الأردنية تجاه الجسر البري السعودي المصري، الكاتب الأردني محمد نغوي، المتخصص في الشأن الاقتصادي، فقد كتب نغوي في مقال نشر على المواقع الإخبارية، توقع فيه تأثر السياحة سلبًا في العقبة، علاوة على تقلص المنافع الاقتصادية بالمدينة، وذلك من خلال “تمكن السياح الخليجيين من العبور بسياراتهم إلى مصر مباشرة عن طريق الجسر، علاوة على أن الحجاج والمعتمرين من مصر ودول شمال إفريقيا سيعبرون إلى السعودية مباشرة دون المرور عن طريق مدينة العقبة”، في إشارة منه إلى خسارة العقبة كل تلك الأموال التي سينفقها السياح والمعتمرون في حال لم يمروا في العقبة.
وتابع الكاتب في تعداد المخاطر التي ستنجم من وراء تنفيذ الجسر، حسب وجهة نظره، بأن “حركة عبور الشاحنات بين القسمين الآسيوي والإفريقي، من الوطن العربي، ستتم من خلال الجسر لما سيشكله من اختصار للمسافة والوقت، حتى المواطنون السعوديون القريبون من الحدود الأردنية، الذي اعتادوا قضاء إجازة نهاية الأسبوع في مدينة العقبة، سيجدون بأنه يمكنهم بقطع مسافة أقصر وبوقت أقل من العبور بسياراتهم إلى شرم الشيخ مباشرة بدلاً عن العقبة”، ودعا الكاتب نغوي في نهاية مقاله السلطات المعنية إلى “البدء بعقد اجتماعات لذوي السلطة والاختصاص من الجهات المعنية بتطوير العقبة، لإعادة دراسة كافة الخطط الموضوعة في ضوء التغير الخطير والمفاجئ بعد الإعلان عن الاتفاق على إنشاء الجسر المذكور”.
كان الملك سلمان بن عبد العزيز، أعلن في القاهرة، عن الاتفاق على تشييد جسر يربط بين السعودية ومصر عبر البحر الأحمر، فيما اقترح الرئيس المصري تسميه الجسر باسم الملك سلمان بن عبد العزيز، ويعتبر المشروع من المشاريع العملاقة للمرور والسكك الحديدية لربط مصر من منطقة منتجع شرم الشيخ مع رأس حميد في منطقة تبوك شمال السعودية عبر جزيرة تيران، بطول 50 كيلومترًا، ومن المخطط أن يستغرق إنشاؤه 3 سنوات.
وحسب الخبراء، سيختصر الجسر المسافة بين مصر والسعودية إلى 23 كيلومترًا ويستغرق عبوره حوالي 20 دقيقة فقط، وسيخدم ملايين المصريين والعرب والأفارقة الذين يتوجهون للسعودية بغرض الحج أو العمرة أو العاملين بمنطقة الخليج.
العناني: لا مخاوف… والحكومة ستدرس المشروع
رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الدكتور جواد العناني، قلل من المخاوف والقلق التي يشير إليها بعض المراقبين، وقال العناني: “إن الجسر سيعود بالمنافع على قطاع كبير من الأردنيين، خاصة المعتمرين والحجاج، إضافة إلى الذين يعملون في السعودية، من حيث اختصار الوقت والتكاليف عند سفرهم ذهابًا وإيابًا عبر الجسر، بدلاً من الطريق الصحراوي”.
ولفت العناني الذي شغل منصب رئيس الديوان الملكي سابقًا إلى أهمية الجسر على مستوى تعزيز التعاون العربي، وتنمية العلاقات وتقويتها بين الجانب الإفريقي والآسيوي، مشددًا على أن السياسة الأردنية الرسمية، تصب في الدعوة إلى تعزيز وتنمية تلك العلاقات وليس التخوف منها، وبالتالي لا خوف من الجسر البري من قبل الجانب الأردني.
أما على الصعيد الرسمي، رحبت الحكومة بمشروع الجسر البري ترحيبًا أوليًا، مؤكدة على لسان وزير النقل أيمن حتاحت في تصريح خاص لموقع CNN بالعربية أنها بصدد إجراء دراسة جدوى للآثار المترتبة على الجسر، وانعكاساته على الاقتصاد الأردني، ولفت الوزير إلى أن أية دراسة في هذا الشأن، لا بد أن تكون دراسة متأنية وبالتشاور مع الجانبين المصري والسعودي، ووفق أسس علمية، لا وفق ردود فعل عشوائية، على حد تعبيره.
من ناحيته، أبدى مجلس النواب ترحيبه بإنشاء الجسر باعتباره سيعمل على تعزيز التضامن العربي، إلا أنه عبر في الوقت ذاته عن مخاوف من الآثار السلبية له على ميناء العقبة جنوب الأردن.
في أثناء ذلك، وقع 30 نائبًا مذكرة تبناها النائب خليل عطية، دعت فيها الحكومة إلى التحرك السريع للتفاوض مع الجانبين السعودي والمصري لوضع آلية للاستفادة من مشروع الجسر.
أما المحلل السياسي راكان الأزايدة، فقد رأى أن من الأضرار التي ستؤثر على الأردن نتيجة تنفيذ الجسر البري، تأثر السياحة في الأردن وخاصة بمدينة العقبة، فلن يضطر السائح الخليجي مع إنشاء الجسر إلى المرور عبر الأردن كما في السابق، فبمقدوره أن ينتقل مباشرة إلى مصر وبزمن قياسي عبر الجسر.
وقال الأزايدة “من القطاعات التي ستتأثر سلبًا، القطاع الزراعي، فالمنتجات الزراعية المصرية ستكون منافسًا لنظيرتها الأردنية، وذلك من خلال دخولها إلى الخليج عبر الجسر بكلفة أقل”، ورأى الأزايدة أنه من الممكن تأثر الحركة الاقتصادية بشكل عام في الأردن نتيجة الجسر البري، ولكن بدرجة يمكن احتواؤها، لأن منطقة العقبة متعددة الأغراض والأعمال.
أما على صعيد البدء في تنفيذ الجسر، كشفت صحيفة الأهالي المصرية النقاب عن بدء اجتماعات إنشاء الجسر سرًا بالقاهرة الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن الاجتماعات السرية جاءت بتكليف من الرئيس المصري عبدالفتاح، ونظمتها المخابرات المصرية.
وذكرت الصحيفة أن الاجتماع انعقد داخل مبنى المخابرات، وبحضور ما يقرب من 40 متخصصًا يمثلون جميع جهات الدولة التي لها علاقة بإقامة الجسر، بالإضافة إلى ممثلين عن الجهات الأمنية.
المصدر: أدرن الإخبارية