تترقب المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، ردّ مجلس الأمن الدولي على تقرير الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بشأن الصحراء الغربية الذي قدمه لمجلس الأمن الدولي يوم الإثنين الماضي، وتحديد مصير بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة، غدًا الجمعة 29 أبريل، على تمديد تفويض المهمة المقرر أن ينتهي يوم السبت المقبل.
قدم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في 19 أبريل الجاري، تقريره السنوي حول وضعية الصحراء الغربية، أمام أنظار مجلس الأمن الدولي من أجل مناقشته، وأعرب كي مون في تقريره المكون من 22 صفحة، عن قلقه إزاء احتمال تصاعد التوتر في المنطقة، على إثر قرار المغرب بطرد العناصر المدنية لبعثة مينورسو، مشيرًا إلى أن مغادرة العاملين في البعثة بطلب من الرباط يمكن أن تستغلها عناصر متطرفة وإرهابيون، ما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
كما أعرب الأمين العام الأممي عن قلقه من أن يؤدي ذلك إلى خرق لقرار وقف إطلاق النار واستئناف الأعمال العدائية، مع خطر ما قد يصاحب ذلك من تصعيد إلى حرب شاملة، سوف تنمو بشكل كبير في حال أن البعثة اضطرت للمغادرة أو وجدت نفسها غير قادرة على تنفيذ المهمة التي كلفها بها مجلس الأمن.
وأكد التقرير أن البعثة الأممية في الصحراء الغربية “عاجزة عن إتمام عنصر أساسي في مهماتها، وفي التفويض الذي منحها إياه مجلس الأمن بغياب هيئة موظفين مدنيين أجانب كاملة تتولى الشؤون اللوجستية”.
وجاء في تقرير بان كي مون لمجلس الأمن دعوة هذا الأخير إلى اعتماد قرار جديد لتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لمدة عام واحد حتى 30 أبريل 2017، ودعوته في نفس التقرير إلى ضمان عودة بعثة المكون المدني للمينورسو، وضرورة تمكينها من الوفاء الكامل بواجباتها تماشيًا مع ولايتها المقررة بموجب القرارات ذات الصلة التي تم اعتمادها منذ إنشائها في عام 1991.
وقدمت الولايات المتحدة ليلة أمس إلى شركائها في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يشدد على الضرورة الملحة لاستئناف بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية عملها بصورة كاملة مع إمهال الرباط والمنظمة الدولية أربعة أشهر للاتفاق على هذا الأمر.
ويطلب مشروع القرار من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يبلغ مجلس الأمن في غضون 4 أشهر ما إذا كانت البعثة استعادت قدرتها على العمل بصورة كاملة أم لا، وفي حال أتت إجابة الأمين العام سلبية، فإن مجلس الأمن يعرب عن استعداده “للنظر في أفضل السبل التي يمكن أن تسهل تحقيق هذا الهدف”، بحسب مشروع القرار، إلا أن المسودة لا تنص على أي عقوبة أو إجراء قسري لإرغام المغرب على العدول عن قراره، وكانت صيغة سابقة للنص تحدد مهلة شهرين فقط، ويطلب مجلس الأمن من المغرب وجبهة البوليساريو “مواصلة التفاوض دون شروط مسبقة”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أثار موجة من الاحتجاجات في المغرب على خلفية تصريحات وصف فيها الوجود المغربي في الصحراء بالاحتلال، وهو موقف ردت عليه الرباط بطلب مغادرة 75 من الخبراء المدنيين في في بعثة الأمم المتحدة للصحراء الغربية وإغلاق مكتب اتصال عسكري، لكنها أكدت أن قرارها لا يستهدف الأمم المتحدة، إنما يعد احتجاجًا على تصريحات بان كي مون.
وبحسب الأمم المتحدة، لم يبق هناك سوى 28 خبيرًا مدنيًا في العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية، ما يمنع البعثة من تنفيذ مهمتها، وقد انتشرت عام 1991 لمراقبة وقف إطلاق نار بين المغرب وجبهة البوليساريو المطالبة بالاستقلال والتحضير لاستفتاء حول تقرير المصير.
وقال دبلوماسيون إن القرار يعكس تسوية مدروسة بدقة، وكان المغرب المدعوم خصوصًا من فرنسا، يطلب تجديد المهمة لـ12 شهرًا دون شروط، في حين كان العديد من أعضاء المجلس (الولايات المتحدة وبريطانيا وفنزويلا وأنغولا والأوروغواي ونيوزيلندا) يريدون التثبت من قدرة البعثة على تنفيذ مهمتها، وأبدت هذه الدول مخاوف من تشجيع دول أخرى تنتشر فيها بعثات دولية على السعي للتخلص منها.
يحظى المغرب بدعم العديد من الدول في مجلس الأمن من بينها فرنسا والسنغال خصوصًا، بحسب ما يؤكد دبلوماسيون.
وقال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، هارلم ديزير، بداية الأسبوع، إن أساس تسوية قضية الصحراء “لا يزال هو مُخطط الحُكم الذاتي الذي قدمه المغرب، إن الأمور واضحة جدًا”.
من جهتها طالبت جبهة البوليسايو، الأربعاء، مجلس الأمن الدولي ببحث فرض عقوبات ضد المغرب، حيث طالبت جبهة بفرض عقوبات كوسيلة للضغط على الأمم المتحدة، لإعادة بعثتها في الصحراء الغربية بكامل طاقتها.
وقال منسق جبهة البوليساريو، محمد خداد، مع بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، للصحفيين إنه ينبغي على مجلس الأمن أن يطالب بأن يسمح المغرب بإعادة البعثة بأكملها ويهدد بفرض عقوبات، وأكد أن الجبهة تطالب بالعقوبات للضغط على المغرب، لكي يقبل إكمال البعثة لولايتها كاملة، وأوضح أنه إذا لم تعاد البعثة إلى تشكيلتها الأصلية، فإن هذا سيخلق فراغًا والفراغ يعني الحرب، الأمر الذي يعني استئناف الأعمال العدائية.
وحذر الاتحاد الإفريقي على لسان موفده بالأمم المتحدة أمس الأربعاء من خطر تجدد اشتعال نزاع الصحراء الغربية في منطقة شمال إفريقيا إذا لم يتم اتخاذ خطوات التوصل إلى تسوية له، ودعا رئيس موزمبيق السابق جواكيم شيسانو إلى دور أكبر للاتحاد الإفريقي في التوصل إلى تسوية، حيث قال أمام المجلس “قد ينظر إلى الصحراء الغربية كمشكلة صغيرة، لكن دعونا لا ننسى أن شرارة صغيرة يمكن أن تشعل غابة”، كما أعرب عن قلقه بشأن الأزمة التي اندلعت إثر زيارة بان كي مون إلى المنطقة، وانتقد قرار المغرب تقليص مهمة البعثة الدولية.
وفي مقابل ذلك قالت وكالة الأنباء السعودية إن قادة دول الخليج العربية أيدوا المملكة المغربية في خلافها مع الأمم المتحدة حول الصحراء الغربية، وأصدر الملك سلمان عاهل السعودية الذي ترأس قمة مجلس التعاون الخليجي بيانًا أيد فيه حليفه القديم في شمال إفريقيا وهو يستقبل الملك محمد السادس ملك المغرب في زيارة قصيرة للمملكة.
وجاء في البيان “أود أن أؤكد باسمي واسم إخواني حرصنا الشديد على أن تكون علاقتنا مع بلدكم الشقيق على أعلى مستوى في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها، مؤكدين تضامننا جميعًا ومساندتنا لكل القضايا السياسية والأمنية التي تهم بلدكم الشقيق وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية (الصحراء الغربية) ورفضنا لأي مساس بالمصالح العليا للمغرب”.
وانتشرت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) في 1991 لمراقبة وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو المطالبة بالاستقلال وللمساهمة في تحديد وضع المنطقة التي استعاد المغرب سيادته عليها في 1975 بعد خروج المستعمر الإسباني.
تتكون بعثة المينورسو – حسب تجديد تفويضها الصادر في 30 يونيو/ حزيران 2015 – من 210 عسكريين وأمنيين (26 عسكريًا، وستة من الشرطة، و178 مراقبًا عسكريًا)، و84 من الموظفين المدنيين الدوليين، و162 من الموظفين المدنيين المحليين، و12 من متطوعي الأمم المتحدة.
تتوزع جنسيات الأفراد العسكريين على 34 دولة، من بينها روسيا والأرجنتين وأورغواي وآيرلندا وألمانيا وإندونيسيا وباكستان والبرازيل ونيجيريا وهندوراس وهنغاريا واليمن والهند، أما أفراد الشرطة فهم من بلدان مصر والأردن واليمن والأرجنتين.
ويقترح المغرب منذ 2007 خطة حكم ذاتي في ظل سيادته لهذه المنطقة الشاسعة البالغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة والغنية بالفوسفات والثروة السمكية، في حين تطالب جبهة البوليساريو باستفتاء حول حق تقرير المصير.