ليبيا تستعد لشن حرب وشيكة على داعش

تستعدّ ليبيا هذه الايام لشن حرب وشيكة على تنظيم داعش المتمركز في مدينة سرت الساحلية، في وقت أعلن فيه المجلس الرئاسي لسلطات الوفاق الوطني الليبية، أمس، قرب تشكيل قيادة عسكرية مشتركة لمحاربة تنظيم داعش، داعيا كل المجموعات المسلحة إلى انتظار تعليماته قبل شن أي هجوم.
وطالب المجلس -في بيان- بوصفه القائد الأعلى للجيش الليبي وفق الاتفاق السياسي المبرم يوم 25 يناير 2016 ما سماها القوى العسكرية، بانتظار تعليماته وتعيين قيادة مشتركة للعمليات في مدينة سرت، وتوحيد الجهود تحت قيادته.
وقال المجلس إن “المجلس الرئاسي وبصفته القائد الأعلى (للقوات المسلحة) يدعو كل القوى العسكرية الليبية إلى انتظار تعليمات القائد الأعلى بتشكيل قيادة مشتركة للعمليات في مدينة سرت” الواقعة على بعد 450 كلم شرق العاصمة طرابلس
وأكد المجلس في بيان أنه بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي يطلب من كل القوى العسكرية الليبية انتظار تعليمات القائد الأعلى بتعيين قيادة مشتركة للعمليات في سرت وتوحيد الجهود تحت قيادته، وتابع: يعتبر كل من يخالف هذه التعليمات منتهكًا للقوانين العسكرية ومخالفًا للتعليمات، ومعرقلًا للجهود المبذولة في توحيد الصف لمحاربة الإرهاب“.
ونوه المجلس الرئاسي بما وصفه بالتدافع لمحاربة تنظيم الدولة في سرت من قِبل عدة أطراف، معربا عن قلقه من أن تتحول معركة تحرير سرت إلى مواجهة بين هذه القوى العسكرية، وقد تجر البلاد إلى حرب أهلية(…) يكون المستفيد الأول منها تنظيم داعش الارهابي“. على حد وصفه. ويضم المجلس الرئاسي، رئيس حكومة الوفاق الوطني ونواب رئيس الحكومة ووزراء الدولة.
وفي انتقاد علني وبلهجة تحذيرية ضمنية إلى حفتر، أوضح المجلس أنه سيعمل على كبح جماح أي طرف يحاول لمتاجرة بقضايا الوطن وعلى رأسها محاربة الإرهاب لتحقيق ما وصفه بـ”غايات ومصالح شخصية آنية وضيقة”، وجاء هذا البيان ردًا على إعلان القيادة العامة للجيش الوطني في ليبيا برئاسة الفريق خليفة حفتر، عن إطلاق ما أسمته بعملية “معركة سرت الكبرى” العسكرية لتحرير مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي من قبضة تنظيم داعش.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر في تغريدة “أشيد بمبادرة المجلس الرئاسي الليبي بتشكيل قيادة عسكرية مشتركة للعمليات ضد داعش في سرت“.
من جهته أكد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، أمس الخميس خلال كلمة تلفزيونية له، على بدء الحكومة بوضع استراتيجية للقضاء على تنظيم “داعش” من دون أي تدخل خارجي.
ودعا السراج إلى توحيد الجهود من أجل محاربة الإرهاب والقضاء عليه، بدءا من مدينة سرت التي يسيطر عليها “داعش“. وأكد السراج أن حكومة الوفاق هي لجميع الليبيين، وتستمد شرعيتها من توافق كافة الأطراف، مناشدا البرلمان بضرورة استكمال استحقاقاته في التصويت على منح الثقة لها. كما دعا السراج كافة الأجسام المنبثقة عن الاتفاق السياسي إلى الالتزام بصلاحياتها والابتعاد عن أي توتر أو خلاف جديد.
بالتزامن مع ذلك قال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني إنه يؤيد رفع الحظر عن الأسلحة لحكومة الوفاق الليبية. وقال جنتيلوني أمس الخميس أمام مجلس النواب، إن ترسيخ حكومة فايز السراج يمر عبر تمكينه من “التحرك للتصدي للإرهاب“. وأضاف أنه “يجب تعديل الحظر للسماح باتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب، وعلينا القيام بذلك لصالح الحكومة الشرعية”، مؤكدا أن حكومة الوفاق يجب أن تستفيد أيضا من الموارد النفطية.
وسبق للأمم المتحدة أن تعهدت برفع حظر استيراد الأسلحة عن حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي، كما عبرت دول أوروبية عن نيتها مساعدة الحكومة عسكرياً في حربها على الإرهاب.وأكد جنتيلوني أن بلاده ليست على وشك إرسال قوات إلى ليبيا لأن حكومة السراج لم تقدم طلبا بعد بهذا الخصوص، وقال “ليس هناك أي تدخل عسكري مطروح حاليا في ظل عدم طلب الحكومة الليبية وبدون تقييم يجريه مجلس الأمن الدولي“.
بدوره نفى البرلمان الإيطالي صحة تقارير تحدثت عن إرسال روما قوات إلى ليبيا لمساعدة حكومة الوفاق الوطني. وقال رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الإيطالي نيكولا لاتوري إن التقارير الإعلامية في هذا الصدد لا أساس لها من الصحة، وإن التدخل العسكري في ليبيا ليس على جدول أعمال المجلس.
وأضاف لاتوري في تصريح صحافي أن بلاده مستعدة للمساهمة عسكريا في إطار مبادرة من المجتمع الدولي وتفويض من الأمم المتحدة.
ونشرت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية تقريرا قالت فيه إن روما عرضت إرسال تسعة آلاف جندي إلى ليبيا.
وكان المستشار الأمني لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا باولو سيرا قد أكد في تصريحات سابقة أن التدخل العسكري في ليبيا لن يكون “تقليديا”، وسيأتي بصيغة مساعدة من المجتمع الدولي لتمكين الليبيين من السيطرة على البلاد.
و أيد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي, مطلع هذا الاسبوع, حصول تدخل عسكري خارجي ضد داعش في ليبيا، شرط أن يتم التعاون في هذا الشأن عبر الأمم المتحدة.وأبدى السبسي في حوار أجرته معه صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية دعم جهود السراج لضمان عودة الاستقرار إلى ليبيا. ولفت إلى أن الإرهابيين الذين يهاجمون تونس يأتون من هذا البلد، حسب تعبيره، وكرر تصميم بلاده على مواجهة داعش.
في سياق متصل أبدت فرنسا الثلاثاء استعدادا لمساعدة حكومة الوفاق الوطني في ليبيا على تأمين سواحل البلاد ومياهها الإقليمية. وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان لإذاعة “أوروبا 1” إن باريس بانتظار الاطلاع على الإجراءات الأمنية التي يعتزم رئيس الوزراء فايز السراج اتخاذها، والطلبات التي ينوي تقديمها للأسرة الدولية من أجل ضمان أمن ليبيا البحري.
وأضاف “نحن من جهتنا مستعدون”، في إشارة إلى المساهمة التي يمكن لفرنسا تقديمها، لا سيما ضمن العملية البحرية التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي ضد مهربي المهاجرين قبالة السواحل الليبية.
ويعتزم الأوروبيون تعديل تفويض مهمة “صوفيا” الأوروبية البحرية التي بدأت في صيف 2015 لوقف أنشطة تهريب البشر عبر السواحل الليبية، إذ تقتصر المهمة حاليا على المياه الدولية، لعدم حصولها على إذن رسمي بالدخول إلى المياه الإقليمية الليبية وعدم تلقيها موافقة من الأمم المتحدة في هذا الإطار.
ومن المقرر أن يناقش حلف شمال الأطلسي (ناتو) في قمة يعقدها بوارسو في تموز/ يوليو المقبل خطة لتسيير دوريات بحرية قبالة سواحل ليبيا، للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا. ومن المرجح أن تلقى الخطة موافقة الحلف..
في مقابل ذلك,هاجم رئيس حكومة طبرق، عبدالله الثني، أمس الخميس، كل من المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، مارتن كوبلر، والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، على خلفية تصريحات تتعلق بالجيش والتدخل العسكري ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).
وندد الثني، خلال بيان متلفز بث من مدينة بنغازي، بالتصريحات التي أطلقها كوبلر بشأن المؤسسة العسكرية في ليبيا، والتي اعتبر فيها أن “الجيش يتبع لجزء من ليبيا وليس جيشاً لكل ليبيا”، وطالب هذا الجيش بـ”فتح ممرات آمنه لإخراج المدنيين العالقين في مناطق القتال بمختلف المحاور”. وهاجم الثني, أيضا تصريحات الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الأخيرة التي أيدّ فيها توجيه ضربات لتنظيم “الدولة الإسلامية ” (داعش) في ليبيا.
ودعا الثني السبسي إلى الاهتمام بـ”الشأن الداخلي الخاص بدولة تونس، وأن يحل مشاكله الداخلية، كالبطالة والعجز في الاقتصاد، ولا يتدخل في شأن دولة ذات سيادة، وأن يحترم المواثيق والعلاقات الدولية المبرمة”. وأشاد بـ”انتصارات الجيش الليبي في مدينة بنغازي”، مطالباً إياه بـ”التقدم لتحرير مدينة سرت من المجموعات الإرهابية وأنصار الشريعة ومن والاهم”.
وتعول الدول الغربية على حكومة الوفاق الوطني التي وصلت إلى طرابلس الشهر الماضي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية داعش في مدينة سرت الساحلية ووقف تدفق المهاجرين من السواحل الليبية.
ويسيطر داعش على مدينة سرت منذ 2015 و استولى على شريط ساحلي طوله 250 كيلومترًا من الساحل حول المدينة الواقعة على البحر المتوسط بين قاعدتي قوة الشرق والغرب.