أمام أنظار العالم أجمع وفي ظل حملة شعواء لا مثيل لها، تهدم حلب عاصمة الثقافة الإسلامية وسط صمت العالم أجمع، إنها كارثة إنسانية وحضارية ليس لها مثيل سوى احتلال القرامطة لمكة المكرمة ودخول المغول لبغداد.
حيث تقوم قوات الأسد تساندها الطائرات الروسية والمليشيات الإيرانية بحملة لقصف المدارس والمستشفيات والأسواق وأماكن تجمعات المدنيين في أحياء حلب المحررة، ما أسفر عن استشهاد المئات من المدنيين جلّهم من الأطفال والنساء بالإضافة إلى مئات الجرحى، ولا نجد أي رد فعل إسلامي، حتى الحديث عن تدخل التحالف الإسلامي في سوريا انقطع، بعدما رفضت أمريكا ذلك، أمريكا نفسها التي رفضت المنطقة الآمنة مرارًا وتكرارًا رغم أن تلك المنطقة لم تكن إلا لحماية المدنيين، هي نفسها.
كارثة إنسانية وحضارية
فما يجري هو إحراق متعمد لمدينة حلب الشهباء بمن فيها، فلا أمن لطفل أو امرأة أو شيخ، الكل مستهدف وبلا استثناء، وبلا رحمة يقتل العشرات يوميًا ولا يعلمون ما هي جريرتهم وما هو ذنبهم، وعلى وقع المجازر التي ترتكب في مدينة حلب، أوصى “المجلس الشرعي في محافظة حلب” بأنه “نظرًا للحملة الدموية الأفظع التي يشنها أعداء الإنسانية والدين على محافظة حلب (…) ونظرًا لخطر ذلك على المصلين المجتمعين في مكان وزمان واحد، فقد تقرر تعليق صلاة الجمعة، وإقامة صلاة الظهر عوضًا عنها حفاظًا على أرواح المصلين، وذلك للمرة الأولى في تاريخ حلب، ومع هذا قامت الطائرات الحربية بقصف عددًا من المساجد الخالية أثناء وقت صلاة الجمعة!
إبادة جماعية
ما يجري هو إبادة جماعية للبشر والحجر والشجر وحتى الحيوان، فعندما قال أنصار النظام في بداية الثورة السورية، “الأسد أو نحرق البلد”، لم يكن أكثر المتشائمين يظن أن الأمر سيتحقق بهذه الصورة وأن البلد ستحرق على أهلها وسط صمت العالم أجمع بل وبتواطؤ مفضوح من أكثر الدول الكبرى التي لطالما تحدثت أن أيام النظام باتت معدودة وأن عليه الرحيل.
وقد استهدفت غارات طائرات النظام وروسيا مستشفى القدس الميداني في حي السكري بحلب، ما أسفر عن استشهاد 50 مدنيًا، بينهم أربعة أطباء وممرض واثنين من الحرس، حيث فقدت مدينة حلب طبيب الأطفال الوحيد في المدينة “محمد وسيم معاذ” (أبو عبد الرحمن)، إلى جانب إصابة العشرات من المدنيين.
وليس المشفى فقط هو المستهدف بل كل حجر على حجر في الأحياء المحررة من المدينة، حيث تم استهداف أحياء بستان القصر والجلوم، والمشهد والمرجة، بالإضافة إلى غارات على بني زيد وطريق الباب والقاطرجي وحي الكلاسة والسكري وقاضي عسكر وحي الراشدين والصاخور.
وتعليقًا على الصمت الدولي أمام مجازر حلب، قال رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات: “عبارات الاستنكار الباردة باتت فارغة من أي مضمون”، “هل عثرتم على جثة الضمير الدولي مدفونة تحت أنقاض حلب”.
سيناريوهات خطيرة
ولا شك أن بلدان التحالف الإسلامي تعلم العواقب الخطيرة لما يجري من إبادة جماعية ممنهجة في حلب على أمن المنطقة الاستراتيجي بل وعلى مستقبل المنطقة بأكملها، خصوصًا مع شحن إيران للآلاف من المقاتلين الشيعية تمهيدًا لتوطينهم في سوريا، ولا شك أن رد التحالف قادم عبر دعم فصائل المعارضة السورية بكافة السبل، وإلا فهلال “ملالي قم” سيتمدد في قلب المشرق العربي.
وعلى التحالف الإسلامي أن يعلم أن خضوعه لأمريكا وخطوطها الحمراء في سوريا سيعني، وقوع سوريا للأبد في براثن إيران وروسيا، وتلك المصيبة إن وقعت لا قدر الله، ستكون مقدمة لأحداث مؤلمة لن تكون مكة المكرمة وإسطنبول والكويت والمنامة بعيدة عنها، ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد.