ترجمة وتحرير نون بوست
حتى حلول المساء، بدت الزيارة الأوروبية إلى تركيا حميمية بشكل غير اعتيادي؛ فالاجتماع الذي ضم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك، نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانس، ورئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، في غازي عنتاب، بدا وكأنه اجتماع أسريّ حقًا، لدرجة أن داود أوغلو قدّم كعكة لتاسك، الذي احتفل بعيد ميلاده في اليوم السابق، ولكن في الساعة العاشرة مساءًا، تحوّل الحديث ليتناول إلغاء الاتحاد الأوروبي لسياسة التأشيرات للمواطنين الأتراك، وحينها طلب تيمرمان من تركيا تفهّم الوضع قائلًا: “يجب علينا، وباعتبارنا أعضاء باللجنة الأوربية، أن نثبت بأنكم قد استوفيتم جميع الشروط، وإلا سنقع في مشاكل مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي”.
في هذه هي اللحظة امتقعت تعابير داود أوغلو فجأة، “لقد قمنا بما علينا” قال للوفد في وقت سابق، وتابع موضحًا: “لقد انخفض عدد اللاجئين الآن، وعلى الاتحاد الأوروبي الوفاء بالتزاماته بإعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول”.
المنطق الذي تعوّل عليه أنقرة بسيط للغاية في هذا الشأن؛ فتركيا حلّت مشكلة اللاجئين في أوروبا، وبالمقابل يجب رفع تأشيرة الدخول الأوروبية عن البلاد التي يبلغ عدد سكانها 79 مليون نسمة، حتى لو لم تستوف أنقرة بعد كامل الشروط الـ72 التي وضعتها بروكسل، فهذا هو الثمن، ويجب على أوروبا أن تغض الطرف عن التزامات تركيا.
على أرض الواقع، من المرجح أن يعمد الاتحاد الأوروبي للموافقة؛ ففي يوم الأربعاء المقبل، من المتوقع أن تتخذ المفوضية الأوروبية قرارًا حول ما إذا كان يجب المضي قدمًا في إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول، وتشير غالبية التسريبات بأن المفوضية الأوروبية ستقرر لصالح الإعفاء.
خلال اجتماع تم يوم الأربعاء من هذا الأسبوع، وافق أعضاء اللجنة على تقديم توصية إيجابية في حال أوفت تركيا بأكبر عدد ممكن من الشروط الـ72، وقالت مصادر مطلعة على سير عمل اللجنة، بأن عدد الشروط المعلقة يجب ألا يتجاوز خانة واحدة، علمًا أن تركيا استوفت حتى الآن حوالي 50 شرطًا من هذه المطالب.
يتضمن الاتفاق مع تركيا، والذي تتفاوض بشأنه المستشارة ميركل، السماح للمواطنين الأتراك بدخول دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة بحلول نهاية يونيو، وبذلك فإن أي مواطن تركي يحق له دخول دول الاتحاد الأوروبي والبقاء هناك لمدة تصل إلى 90 يومًا في كل مرة دون الحاجة إلى تأشيرة.
في حال وافق الاتحاد الأوروبي على هذه الصفقة، فستكون هذه المرة الأولى التي سيقدّم فيها الاتحاد مثل هذه التوصية دون تحقق جميع الشروط المتطلبة، وبعبارة أخرى، سيستامح الاتحاد الأوروبي مع تركيا، بغض النظر عن جميع التصريحات التي تنفي ذلك؛ ففي مارس المنصرم، أكدت ميركل بأن “على الأتراك أن يستوفوا جميع الشروط، ولن يكون هنالك أي استثناءات”، كما أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على رأي ميركل في أبريل من خلال قوله: “لن يتم التساهل في المعايير ضمن الحالة التركية”، ولكن ما يجري هو العكس تمامًا وفقًا لما تبدو عليه الأمور حتى الآن.
بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعد خطوة إلغاء تأشيرة السفر إلى أوروبا بمثابة الجائزة الكبرى التي سيقدمها لشعبه، ولضمان هذه الغاية، هدد الرئيس التركي بتقويض صفقة اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، واضعًا أوروبا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما وصول سيل اللاجئين إلى أراضيها، أو منح المواطنين الأتراك حق السفر إلى أوروبا بدون تأشيرة.
هل ستدق الصفقة مع تركيا إسفينًا في جسد أوروبا؟
تحمل هذه الخطوة في طياتها القدرة على دق إسفين في جسد أوروبا، وتقويض السياسة الداخلية في ألمانيا، حيث يخشى العديد من القادة الأوروبيين بأن تقديم أية تنازلات لتركيا يمكن أن يقدم فرصة ذهبية لأحزاب اليمين الشعبوي الأوروبية؛ فقد تستغل أحزاب البديل من أجل ألمانيا، حزب الحرية النمساوي، والجبهة الوطنية في فرنسا، هذه القضية لاستثارة المشاعر ضد الزوار المسلمين من تركيا، كما إن إقرار الاتفاق بالوضع الحالي سيخاطر بتقويض السلام الهش الجاري ما بين ميركل وهورست زيهوفر، حاكم ولاية بافاريا ورئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الشقيق البافاري لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وذلك بالنظر إلى أن سيهوفر يعد من أكبر المعارضين لسياسات ميركل تجاه اللاجئين.
ينظر أردوغان إلى هذا النزاع باعتباره اختبارًا لسلطته؛ فمن المؤكد بأنه يحمل أوراقًا في جعبته تفوق أهمية الأوراق التي تحوزها ميركل أو الاتحاد الأوروبي، حيث أعلن أردوغان عن ذلك في حديث له في أنقرة في مطلع هذا الشهر حين قال: “الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تركيا أكثر من حاجة تركيا إليه”، مما دعا المفوض المعني بتوسيع الاتحاد الأوروبي النمساوي يوهانس هان إلى توجيه نصيحة لتركيا بقوله: “فاوضوا، لا تهددوا”.
لكن الرئيس التركي لم يُعرف عنه خجله في المواجهات مع خصومه، سواء أكانوا ضمن المعارضة السياسية، الجيش، أو المعارضة العلمانية؛ فالصرامة هي وصفة نجاحه، كما ساعدته سياسته بعدم تقديم التنازلات بالوصول إلى دفة الرئاسة.
لطالما تعامل الاتحاد الاوروبي مع تركيا بفوقية، ولكن الآن يغتنم أردوغان فرصته تأديب قادة أوروبا، وخاصة ميركل، ويمكن أن نضرب العديد من الأمثلة على ذلك؛ ففي دريسدن، كشف قائد أوركسترا درسدنر بأن وفد تركيا إلى الاتحاد الأوروبي حاول ليّ ذراع المفوضية الأوروبية لإلغاء تمويل حفل يُخطط لإقامته يوم السبت بمناسبة الذكرى السنوية المئوية للإبادة الجماعية الأرمنية، كما سعت تركيا أيضًا لمحاكمة المؤدي الساخر الألماني يان بوهميرمان بتهمة إهانة أردوغان، فضلًا عن المعركة التي ابتدرها أردوغان ضد الصحفيين الذين ينتقدون الزعيم التركي، حيث شهدت هذه السنة طرد بعض الصحفيين الأجانب من تركيا، وجميع هذه الحوادث تثبت بوضوح بأن أردوغان ليس مستعدًا لتطبيق المعايير الأوروبية، ومؤخرًا، دعا رئيس البرلمان الوطني التركي اسماعيل كهرمان، إلى استبدال الدستور العلماني لتركيا بآخر إسلامي موضحًا بأن “لا مكان للعلمانية في تركيا”.
المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل خلال زيارتها مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى مخيم للاجئين في نيزيب بالقرب من الحدود السورية.
السؤال هنا، إلى أي مدى تستعد أوروبا للمضي في إنكار ذاتها؟ الإجابة على هذا السؤال قد نجدها في قرار المفوضية الأوروبية الأسبوع المقبل، حيث يقول أحد المسؤولين الألمان المطلعين على هذا الشأن: “من غير الممكن لتركيا أن تفي بالمعايير المطلوبة بنسبة 100%، نحن نعلم ذلك”، وأضاف موضحًا بأن الأمر في نهاية المطاف لن يتحدد إما باللون الأسود أو الأبيض، بل سيكون رماديًا، كما يقول مسؤول آخر في الاتحاد الأوروبي: “الأمر يشبه عندما تقول لأطفالك بأنك ستصطحبهم في إجازة إذا حصلوا على علامات ممتازة في جميع موادهم، فهل ستعمد حقًا لإلغاء الإجازة إذا حصلوا على علامة مقبولة في إحدى المواد فقط؟”.
ولكن ماذا لو كان الأمر لا يتمثل بعلامة مقبولة في إحدى المواد فقط، بل بعلامة سيئة في أكثر من مقرر؟ إحدى نقاط الخلاف الأساسية تتمحور حول قانون مكافحة الإرهاب التركي الذي يتضمن موادًا واسعة وفضفاضة للغاية لدرجة تمنح أردوغان صلاحية ملاحقة أي شخص يصفه بأنه إرهابي، حتى لوكان ذاك الشخص من الصحفيين الذين ينتقدونه، حيث يشير بعض الأشخاص داخل المفوضية الأوروبية بأن هذا القانون يعطي أجهزة الأمن التركية “شيكًا على بياض” لفعل ما يحلو لها، فضلًا عن أن بعض مواد القانون التركي تتعارض مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أيضًا.
تتمثل إستراتيجية أردوغان بالموافقة على العديد من الشروط المتطلبة، ولكن تنفيذ القليل منها فقط، وبطبيعة الحال يأمل أردوغان أن تصعّب إستراتيجيته تلك من رفض الأوروبيين لتعهداتهم برفع شرط التأشيرة؛ فمثلًا عندما حضر وفد مؤلف من 20 شخصًا من الاتحاد الأوروبي إلى أنقرة للتفاوض حول تفاصيل صفقة التأشيرة، كان بانتظارهم نحو 60 خبيرًا تركيًا على أهبة الاستعداد لمناقشة الأوروبيين، حيث تناولوا قضايا مثل مكافحة الفساد وتغيير القوانين لمكافحة غسيل الأموال، وخلال آخر أربعة أيام، اجتمع ممثلو اللجنة مع خبراء الحكومة التركية من خلال اجتماعات الفيديو بغية توضيح المشاكل.
أردوغان الحازم
يقر معارضو الصفقة من الدبلوماسيين الأوروبيين بأن تركيا أصدرت على أرض الواقع عددًا من مشاريع القوانين التي تتعلق بتنفيذ الشروط المتطلبة منها؛ ففي تقريرها الماضي، ذكرت اللجنة المختصة بالنظر بشروط إعفاء تركيا من التأشيرة في مارس بأن تركيا اتخذت عددًا من الخطوات المهمة بهذا الخصوص، وفي هذا الأسبوع، أصبح المواطنون العراقيون والأفغان الذين عادوا من اليونان إلى تركيا قادرون على تقديم طلبات للحماية الدولية، “لقد نفذنا جميع الشروط تقريبًا”، قال سليم ينيل، سفير تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتابع: “نريد أن يتم تنفيذ الاتفاق بكامله ولجميع المواطنين الأتراك”.
على صعيد آخر، يوضح أردوغان في كل ظهور علني له عدم مخامرته لأي شكوك حول منح بلاده حق السفر إلى أوروبا بدون تأشيرة في يونيو القادم، حيث يعتزم الرئيس المحافظة على وعده الذي أبرمه أمام الشعب، ولا يمكنه تحمل أي فشل في هذه القضية، “أردوغان مستعد ليفعل أي شيء بخصوص رفع التأشيرات”، يقول متين كوراباتير، رئيس مركز بحوث اللجوء والهجرة (IGAM) في أنقرة، ويضيف: “إذا رفض الاتحاد الأوروبي تركيا، فستنتهي صفقة اللاجئين حتمًا، فحينها لن يكون أردوغان على استعداد لتعمل بلده بمثابة حارس لحدود أوروبا”.
تشكل مسألة رفع التأشيرات عن الأتراك قضية سياسية ساخنة بالنسبة لميركل على النطاق المحلي أيضًا، وتحمل في طياتها القدرة على إعادة ابتدار الخلافات التي تم دفنها سطحيًا ما بين ميركل وحزب سيهوفر، الاتحاد الاجتماعي المسيحي، حول سياسات اللاجئين؛ فالحزب يعارض اتفاق التأشيرات مع تركيا، ويعمد سيهوفر إلى نشر هذه المعلومة أمام الجميع، حيث حذّر في لقاء له مع إحدى الصحف الألمانية مؤخرًا من أن السماح للمواطنين الأتراك بالقدوم إلى أوروبا بدون تأشيرة قد يؤدي إلى استيراد مشاكل تركيا الداخلية إلى ألمانيا.
هذه المشاعر يتشاطرها أيضًا وزير الداخلية البافاري يواخيم هيرمان، حيث يقول: “من وجهة نظري لا يمكن تبرير موضوع حرية دخول الأتراك والأكراد إلى ألمانيا لأسباب أمنية، لأن النزاع التركي الكردي سيتم استيراده ليجري على الأراضي الألمانية”.
لا تقتصر الأصوات المنتقدة للاتفاق مع تركيا على حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، بل تمتد لتشمل معارضة حزب ميركل ذاته، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لهذا الاتفاق، حيث يقول خبير السياسات المحلية للحزب في البرلمان، وولفغانغ بوسباك، بأن الحكومة الاتحادية “رفضت دائمًا” موضوع دخول الأتراك دون تأشيرة “لأنها تخشى من الزيادة الكبيرة في الهجرة غير الشرعية، سيّما في ضوء الوضع الحرج في المناطق الكردية”.
هل سيؤدي الإعفاء من التأشيرة إلى تدفق الأتراك لأوروبا؟
يخشى مسؤولون في وزارة الداخلية في برلين من أن رفع شرط الحصول على التأشيرة سوف يؤدي إلى ارتفاع هائل في عدد الأكراد الذين يطلبون اللجوء في ألمانيا، حيث سيعمد هؤلاء إلى ركوب طائرة برحلة عادية إلى ألمانيا كسياح، ومن ثم تقديم طلبات اللجوء بمجرد الهبوط، وستتمتع هذه الطلبات على الغالب بفرص جيدة للقبول، وإذا استمر الرئيس أردوغان بتصعيد الصراع مع السكان الأكراد في جنوب شرق تركيا، يمكن توقع موجة لجوء كردي في حال تم إعفاء الأتراك من شرط التأشيرة.
تطغى المخاوف في برلين أيضًا من أن رفع شرط الحصول على التأشيرة سوف يؤدي إلى تدفق المهاجرين الفقراء من تركيا الذين سيختفون في نسيج المجتمع ليغطوا نفقاتهم من الوظائف غير المسجلة بدلًا من مغادرة البلاد بعد 90 يومًا كما هو منصوص عليه في الاتفاق، ومن هذا المنطلق، يعتقد جاريث جنكينز، وهو خبير بريطاني بارز في تركيا، بأن عددًا كبيرًا من الأتراك سيأتون إلى أوروبا إما للتقدم بطلب للحصول على اللجوء أو ليختفوا ضمن الاقتصاد الأسود، وخاصة في ألمانيا وهولندا، حيث يوجد للأتراك الكثير من الأقارب في تلك البلدان؛ فهناك بالفعل 400,000 لاجئ نزحوا داخليًا من المناطق الكردية في تركيا نتيجة لظروف الحرب الأهلية هناك، وأغلب هؤلاء ينحدرون من مجتمعات فقيرة للغاية.
الزيادة المحتملة في عدد الأتراك الذين سيدخلون ألمانيا ليس الأمر الوحيد الذي يخيف السياسيين في الحزب الاجتماعي المسيحي، بل إنهم يخشون أيضًا من أن القضية قد تعمل على زيادة شعببية الأحزاب اليمينية الشعبوية المتطرفة، كحزب البديل من أجل ألمانيا؛ فالشعب الألماني يمتلك تحفظات عديدة بشأن إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول، حيث كشف استطلاع أُجري في مارس بأن 49% من الألمان يرفضون المبادرة، ويخشى غونتر كريتشبوم، رئيس لجنة الشؤون الأوروبية في البرلمان الاتحادي، بأن هذه المسألة سوف تزعزع الألمان، “يولي المواطنون اهتمامًا وثيقًا للغاية لما يحدث الآن” يقول كريتشبوم، ويتابع: “مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك”.
ولكن مع ذلك، فإن البرلمان الألماني (البوندستاغ)، ليس لديه القدرة على وقف خطط الإعفاء من التأشيرة، لأن تقدير هذا الأمر منوط بالمجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي، ولا يتمتع البرلمان الألماني بأي سلطة بالموضوع.
ولكن مانفريد فيبر، زعيم مجموعة من الحزب الديمقراطي المسيحي في البرلمان الأوروبي، يدعو لتخويل البرلمان الألماني بهذه السلطة، حيث يقول:”نظرًا لأهمية الموضوع بشكل خاص لألمانيا، فإنه سيكون أمرًا جيدًا بالتأكيد إذا دعمت الحكومة في برلين معاهدة اللاجئين من خلال إصدار قرار من البرلمان، بما في ذلك أي قرار سيتخذ بشأن الإعفاء من التأشيرة”.
مخيم للاجئين السوريين في كلس بتركيا
تأمين طريق العودة
أطلقت الحكومة الألمانية، بغية تهدئة النقاد، إستراتيجية لتأمين طريق العودة، حيث قامت ألمانيا وفرنسا بتوزيع هذا الاقتراح على الشركاء في الاتحاد الأوروبي يوم الخميس، وتنص هذه الإستراتيجية على احتمالية تعليق برنامج الإعفاء من التأشيرة إذا اتضح بأن أعدادًا كبيرة من المواطنين الأتراك يفرون إلى أوروبا من أجل طلب اللجوء أو الهجرة بطريقة غير شرعية، وهي مخاوف لها ما يبررها، وفقًا لما نقلته مصادر مطلعة عن الحكومة الألمانية.
تقوم وجهة النظر الألمانية بأن إقرار هذا النوع من فرامل الطوارئ ينبغي أن يكون كافيًا لإقناع متشككي المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي، الذين لم يتحمس غالبية أعضائهما للاتفاق مع تركيا في المقام الأول، ومن هؤلاء إلكسندر غراف لامبسدورف، عضو الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا وعضو البرلمان الأوروبي، الذي يقول بأن المستشارة الألمانية وضعت نفسها عرضة للابتزاز من خلال صفقة تركيا، موضحًا بأنه كان يفضل تطبيق نظام الإعفاء من التأشيرة على مراحل، كإعفاء الباحثين أو رجال الأعمال منها كمرحلة أولى، على سبيل المثال.
في الوقت عينه، توجد معارضة كبيرة للقرار داخل المجلس الأوروبي، حيث تواجه النمسا وفرنسا حاليًا معركة مع الأحزاب الشعبوية اليمينية القوية بخصوص قرار الإعفاء من التأشيرة، وتبعًا لذلك، انخفضت حماسة هذين البلدين لتأييد الاتفاق، فضلًا عن معارضة المجر وبولندا أيضًا.
أخيرًا، من غير الواضح بعد فيما إذا كانت فرامل الطوارئ التي تم اقتراحها كافية لطمأنة المعارضين في المجلس الأوروبي؛ فطالما بقي الاتحاد الأوروبي يعتمد على أنقرة حول قضية اللاجئين، بالكاد ستكون أوروبا قادرة على استعمال هذه الفرامل، هذا إذا افترضنا موافقة أردوغان على هذا الشرط في المقام الأول.
المصدر: دير شبيغل