اختتام فعاليات منتدى الشرق الشبابي الثالث: هجرة نحو عهد جديد

13094307_841968409248407_8472132221401424872_n

انطلقت على مدار اليومين الماضيين أعمال المؤتمر الثالث لمنتدى الشرق الشبابي في مدينة إسطنبول التركية، يومي التاسع والعشرين والثلاثين من شهر أبريل، وسط وسط مشاركة شبابية كبيرة من جميع أنحاء العالم، حيث تقدم للتسجيل في مؤتمر هذا العام ما يزيد عن 5 آلاف شخص، من أكثر من 70 دولة وجنسية مختلفة، اختير من بينهم ما يزيد عن 500 للمشاركة في نشاطات وفعاليات المؤتمر السنوي، كان معظمهم من فئة الشباب تتراوح أعمارهم بين 22 – 30 عام.

هذا المؤتمر الثالث الذي حمل شعار “الشرق عهد جديد” حمل مناقشات عديدة في أطر وحوارات مختلفة ضمت العشرات من الشباب العربي الفاعل من خلفيات ثقافية واجتماعية وسياسية مختلفة.

المؤتمر السنوي هذا العام كان برعاية العديد من المؤسسات الإعلامية والاجتماعية الكبرى كانت أبرزهم شبكة زدني التي قامت برعاية 3 دورات على هامش المؤتمر عقدوا اليوم “من البداية. الدورات هي “إلى الإبداع:رحلة مع الدرهم” للأستاذ مهند أبو غزالة والأستاذ أحمد الحلواني بالتعاون مع شبكة زدني، و”ورشة الأنماط الشخصية” للاستشاري الأسري أحمد عبدالله بالتعاون كذلك مع الشبكة، بالإضافة إلى ورشة “ميكانيكا الكم في البيولوجيا” للأستاذ أحمد جاد الله.

الجدير بالذكر أن شبكة زدني تعتبر أهم شبكة تربوية عربيّة، تعمل من أجل الارتقاء بالتعليم فلسفةً ومناهجًا، وتطويره بما يخدم احتياجات المستقبل العربي، وتشجيع المبادرات وتبني المشروعات التي تستهدف إعداد أجيال مبدعة تتعايش مع المستقبل مع الانتماء إلى البيئة الثقافية والمجتمعية، ومن أجل ذلك عقدت عدة ورش ومؤتمرات ودورات لوضع تصورات مستقبليّة للتعليم، وتغيير الأنماط السائدة في نظرة الطالب والمجتمع إلى المعرفة والعلم وطرق اكتسابهما، بحسب ما تستهدف الشبكة في تعريفها.

جلسة الافتتاح

افتتح الجلسة الأولى في المؤتمر الإعلامي وضاح خنفر رئيس المنتدى الذي أكد في كلمته أن المؤتمر الثالث لمنتدى الشرق الشبابي بمثابة محطة تجمع نخبة من شباب الشرق، ومن مختلف أنحاء العالم، للبحث في الواقع الذي يعيشه الشرق، والعالم والآفاق التي يمكن التحرك بها.

كما أضاف في كلمته أضاف في كلمته أن هذا العالم بات يتغير بسرعة غير معهودة، ولكن التغير الذي يحدث في العقل البشري، والقيم، والمعاني، والأدوات والتكنولوجيا، والاقتصاد، والسياسة في هذه اللحظات، يجري بسرعة غير معهودة، وتسير حالة التحول بشكل يفتح آفاقا جديدة للأمم والشعوب جميعًا، ولكن بشكل خاص للشعوب التي تقع خارج المركز المتحكم بالثروة والقوة والمعرفة التقنية لعقود طويلة، نحن في حالة انتقالية يمكن للهامش أن يبني رؤيته الخاصة دون تحكم الغرب.

فيما أكد خنفر أنه ينظر إلى مستقبل المنطقة بالأمل، وهي الكلمة المعبرة في رأيه التي يحتاجها واقع الشرق، منذ قرون من الزمن وخاصة منذ قرابة مائة عام، عندما وقعت اتفاقية سايكس بيكو، والذي يحدث في واقعنا العربي كان انعكاسا لذلك، والتأقلم مع واقع اجتماعي معين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، يمثل محاولة للتأقلم مع أغلالنا، والحياة بحالة الاختناق، واعتقد وضاح أن الإنسان العربي وصل لمرحلة يريد فيها لأحلامه أن تنطلق.

ورأى قوى المنطقة الحية، وقوى الشباب بالتحديد بحاجة لعدة أمور في الهجرة للمستقبل، أول هذه الاحتياجات رؤية جديدة، حيث يرى في وجهة نظره أن واقعنا بعيدًا عن السياسة، يعيش في الماضي، اعتقادا بأنه تقدم نحو المستقبل، ولكنه أكد أن الزمن لا يمكن أن يعود للوراء، مشيرًا إلى أنه يمكن الاحتفاء بالماضي بالتراث والثقافة والدروس المستفادة، أما لا يمكن جعله نهاية المستقبل، لأن ذلك يُعد جريمة بحق الأجيال.

تجارب ناجحة

ركز منتدى الشرق هذا العام على عرض التجارب الإنسانية الناجحة، إذ وجهت الدعوة إلى العديد من الشخصيات والرموز المهنية التي تقدمت وعرضت بدورها تجاربها المهنية والحياتية الناجحة، فيما قدمت للحضور خلاصة هذه التجارب المشجعة لتكون حافز وإلهام للشباب الحضور، وقد كان العنصر الشبابي بارزًا في هذه التجارب الرائدة التي عرضت في بداية اليوم الأول من أيام المؤتمر السنوي لمنتدى الشرق.

حيث ضمن فعاليات اليوم الأول للمؤتمر كلمات لمتحدثين بارزين في عدة مجالات ضمن ما عُرف بـ “إضاءات الشرق” التي سلطت الضوء على خبرات المتحدثين وسيرتهم، وكذلك ضمت فعاليات أخرى من خلال جلسات متخصصة وورش عمل، دارت فيها نقاشات فكرية وعلمية وتقنية وبيئية ومجتمعية.

هذا وقد سبق المؤتمر مسابقة تحدي شبابية “هاكاثون” لمدة يومين، عرض فيها المشاركون أفكارهم وإبداعاتهم من خلال مراحل محددة تم العمل عليها من قبل فريق متخصص.

أسئلة هامة

طرحت خلال أيام المؤتمر عدة أسلئة هامة للحوار والنقاش للخروج بتصورات عنها كان أبرزها ما طُرح في جلسات منتدى الشرق الخاصة التي تحدثت عن النظرية الموحدة للمنطقة، وهل يمكن أن تحمل حلًا لمشاكل المنطقة؟

كما حاولت مناظرات منتدى الشرق أن تجاوب على أسئلة مستقبل المنطقة من خلال جلسة جمعت مسعود أوزكان- مستشار رئيس الوزراء التركي، وحسان عمران- الباحث في القانون الدولي وشئون الشرق الأوسط في مناظرة د. عبد الله الشايجي – أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت و زينب جوسكون- باحثة في منتدى الشرق، والدكتور سيف الدين عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية.

حيث دارت حول تصورات كل منهم عن الدولة القطرية في الشرق ومسألة القومية العربية وغيرها من التحديات التي استفاض فيها المشاركون.

وفي اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر حاول إبراهيم رسول السفير السابق لجنوب إفريقيا في الولايات المتحدة الأمريكية أن يجيب على تساؤلات من خلال كلمته الافتتاحية لليوم الثاني التي حملت عنوان “الشرق والمجتمع الدولي: عرض بعهد جديد”، والتي استعرض فيها تصورات العلاقات الدولية في الشرق تاريخيًا ومستقبلها الحديث مع أسس قيامها.

ماذا عن العهد الجديد؟

حاول ضيوف المنتدى التعريف بما هو مقصود بالعهد الجديد ورؤيتهم له في الشرق، عن طريق عرض الأفكار المستقبلية، والتنبؤ بما يمكن أن تكون عليه هذه الأفكار بعد عدة سنوات، حيث انطلقوا من قاعدة تقول أن هذا الواقع الجديد الذي يحياه الشرق لابد وأن يفرز مستقبل جديد.

بينما تجمع الحاضرون في جلسات متخصصة وورش عمل في المسارات السياسية والاقتصادية والإعلامية كان أبرزها متعلق في الجانب السياسي بمناقشة “الصدمة، الحرب، والتهجير بمنطقة الشرق: الآثار المترتبة”، والمسار الاقتصادي الذي ناقش مسألة “عهد جديد للتمويل الإسلامي لعهد جديد للشرق”، والمسار الإعلامي الذي ناقش قضايا الإعلام الحديث والعقبات وتخطي الحواجز إلى الجمهور.

وفي نهاية اليوم الثاني وعلى منصة الشرق تم تكريم الفائزين بجائزة الشرق لعام 2016، بعد عرض أفكارهم الإبداعية، وقد كانت من نصيب مشروع “كريمات” لتمكين المرأة السورية والذي يقوده مجموعة من النساء السوريات الفاعلات.

حلب كانت حاضرة

لم تخلُ كلمات المؤتمر على مدار كافة فعاليته من الإشارة إلى ما يحدث في مدينة حلب السورية من مجازر بحق المدنيين، حيث أعلن الحضور تضامنهم الكامل مع المدينة وضحاياها برفع شعارات تدعو إلى إنقاذ حلب من هذه المجازر البشعة.

وقد أشار الإعلامي وضاح خنفر رئيس المنتدى في كلمته الختامية إلى أنه لن يكون ثمن شهداء حلب والحرية في العالم العربي إلا أن يصل العالم العربي إلى المستقبل الذي مات من أجله هؤلاء.

فيما اختتم خنفر كلمته في نهاية اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر السنوي للمنتدى بأمنيته أن يستقبل المنتدى العام القادم المزيد من المشاركين، مؤكدًا أنهم يريدوا أن ينطلقوا من الرؤى والأحلام إلى المشاريع والتطبيقات ليكون منتدى الشرق سوقًا جامعًا لهذه المشاريع والرؤى في النهاية.

كما دعا لتطوع منسقين جغرافيين في جميع أنحاء العالم لتمثيل المنتدى، لتكوين شبكة قوية داخل مسارات المنتدى تقود الفعاليات القادمة وتطورها أكثر فأكثر، لتكون على مدار العام بشكل مستمر.

جدير بالذكر أن منتدى الشرق يعرف نفسه على أنه “مؤسسة عالمية مستقلة، تهدف إلى ترسيخ قيم التواصل والحوار والديمقراطية بين أبناء منطقة الشرق، والمساهمة في بناء مستقبل مستقر سياسيًا ومزدهر اقتصاديًا، من خلال تنمية الوعي السياسي وتبادل الخبرات وتحديد الأولويات بالإضافة إلى تعزيز الفهم المتبادل بين المنطقة ومحيطها الدولي”. وقد أسس في العام 2012 على يد الإعلامي وضاح خنفر المدير العام السابق لشبكة الجزيرة الإعلامية، ومن وقتها يعمل المنتدى على إقامة شبكات علاقات قوية مع كافة المؤسسات والأفراد الفاعلين في المنطقة.