بعد الانتهاء من مؤتمر المرجع الشيعي العراقي مقتدى الصدر الذي أعرب فيه عن انزعاجه من الطبقة السياسة وأنه يتوقع انتفاضة عارمة، تدافع الآلاف من مؤيدي الصدر من المتظاهرين مقتحمين المنطقة الخضراء، دون مقاومة تذكر من الجهة الأمنية المكلفة بحمايتها في سابقة هي الأولى من نوعها، وسط فرحة عارمة من طبقات الشعب العراقي المختلفة، ليس دعمًا للصدر ولكن كيدًا بالطبقة السياسية التي يراها الجمهور العراقي هي سبب ما وصل إليه العراق اليوم.
في هذا التقرير نضع صورًا لسبعة مشاهد عراقية تتجسد بين السخرية من واقع حال مرير يعيشه الشعب العراقي على مدار ثلاثة عشر عامًا، ونحلل ما وراء تلك الصور لنقترب من الحقيقة الغائبة عن متابعي المشهد العراقي.
الموقف الأول: أبو سمرة رئيسًا لمجلس النواب العراقي
في مشهد فكاهي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن شاب أسمر اللون من المتظاهرين وهو على أسوار الخضراء، ثم يظهر ثانية وهو يجلس على كرسي رئيس مجلس النواب العراقي لدقائق بعدها يغادر قبة البرلمان، وكانت الرسالة الأهم من الشارع العراقي أنه لأول مرة في تاريخ العراق الحديث من يجلس على كرسي السلطة العراقية ويغادر بإرادته دون أن يجبر على ذلك وإن كان ذلك مجرد مزحة.
أبو سمرة لقب يطلقه العراقيون على متظاهر يجلس على كرسي رئاسة البرلمان
المشهد الثاني: الزاملي على الأكتاف وطعمة وأزاد يضربون
يدخل المتظاهرون المنطقة الخضراء والبرلمان العراقي وينتقي المتظاهرون النواب بين من يتم تقبيله ويحمل على الأكتاف كما حدث من حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي وأحد نواب التيار الصدري، أو من يتعرض للضرب المبرح مثل النائب عمار طعمة رئيس كتلة الفضيلة النيابية، كذلك يتكرر الموقف مع نائب رئيس مجلس النواب العراقي آرام شيخ محمد من التحالف الكردستاني، مما يوصل رسالة واضحة جدًا أن ما حدث مخطط له وليس غوغاءً وهناك انتقائية واضحة وأن من اقتحم الخضراء هم متظاهرو التيار الصدري حصرًا.
عجلات النواب تتعرض للضرب من قِبل المتظاهرين خلال خروجها من المنطقة الخضراء
المشهد الثالث: أريكة البرلمان “القنفة” باللهجة العراقية وهيبة الدولة
في رد فعل من رئيس مجلس الوزراء والنواب لاقتحام مجلس النواب والانسحاب منه، قام الرئيس التنفيدي وكذلك التشريعي للعراق بزيارة مبنى مجلس النواب والتقاط بعض الصور لتبيان التخريب الذي قام به المتظاهرون، كان أبرزها صورة لكل منهما أمام أريكة بيضاء ملطخة بالدم جعلت من هذه الصورة حديث الشارع العراقي ونقطة هامة للسخرية من الشخصيتين، كل مأسي العراق وأحزانه لم تجعلهم يقفون تلك الوقفة أمام قطرات دماء تمت إراقتها على الأريكة، لتنطلق موجة سخرية عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي يمكنك متابعتها بالبحث في هاشتاج “قنفة” على الفيسبوك، لتجد حجم السخرية المربوطة بواقع قهري يعيشه العراقيون منذ أكثر من عقد من الزمن.
أريكة البرلمان “القنفة”
المشهد الرابع: سنة العراق خارج المعادلة
من الواضح جدًا أن الحراك العراقي شيعي – شيعي بامتياز، ولا وجود لتأثير سنة العراق سلبًا أو إيجابًا في حراك الشارع، رغم أن حراك البرلمان كان لنواب السنة المنقسمين حول الجبوري في محاولة لإزاحة سليم الجبوري من منصبه، ليتم ترشيح نائب سني من المعتصمين ضد الجبوري لرئاسة البرلمان، ولكن رياح الصدر أتت بما لا يشتهيه نواب السنة المعارضين للجبوري، بالرغم من بقاء الحراك قائمًا لكنه تأجل في الظرف الحالي.
المشهد الخامس: ساحة الاحتفالات … إيران برا برا
في مشهد يعيد للأذهان حقبة الاحتفالات بالانتصار على إيران في ثمانينات القرن الماضي ورسالة قد تكون عفوية أو مقصودة، يتوجه المتظاهرون لمنطقة الاحتفالات وتحديدًا قوس النصر حيث يوجد تحت السيفين خمسة آلاف خوذة لجنود إيرانيين، وهي خوذات حقيقية، جمعت من ساحات المعارك التي دارت بين البلدين، وقد اشترط صدام على جامعيها في ذلك الوقت أن تكون تلك الخوذ قد ثقبها رصاص الحرب وصمم النصب الفنان خالد الرحال، وقد صرخ المتظاهرون بنداء “إيران برا برا” وهتاف تحدٍ لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني: “يا قاسم سليماني هذا الصدر رباني”، وهذا المنعطف اعتبره البعض خطيرًا، وهو خروج إلى حد كبير من ضابط الصف الإيراني الذي ينظم البيت الشيعي العراقي بشكل أو بآخر.
المتظاهرون في ساحة الاحتفالات في بغداد بعد اقتحام البرلمان العراقي
المشهد السادس: مليشيات سرايا الخرساني في شوارع بغداد
في رد فعل على الأحداث الأخيرة، مقاتلون من مليشيات سرايا الخرساني التابعة بشكل مباشر لإيران تنتشر في بغداد حول المنطقة الخضراء تحديدًا، بشكل صارخ موجهين رسالة قوية للجميع أن من يمتلك السلطة والسلاح في بغداد هي إيران تحديدًا، وعلى الجميع أن يخضع لإرادة إيران ولن نقبل بتجاوز الخطوط الحمراء مرة ثانية، في الجانب الآخر تزاحم أهالي بغداد على حجز تذاكر الطيران إلى أربيل ولبنان خوفًا من اندلاع اشتباكات بين مليشيات السرايا السلام التابع لصدر ومليشيات الخرساني التابعة لإيران رغم تطمينات قيادة عمليات بغداد بأن الوضع مسيطر عليه.
انتشار سرايا الخرساني في شوارع العاصمة العراقية بغداد
المشهد السابع: الصدر في إيران!
صدمة لكثير من المتابعين وليس لي شخصيًا، فتاريخ الحراك للصدر يكون بتخلي الصدر عن مطالبه، بعد العصا والجزرة الإيرانية، وهذا ما حدث تقريبًا بعد تسرب أنباء عن توجه الصدر يوم أمس 2 مايو 2016 إلى إيران بطائرة خاصة من الخطوط الجوية الإيرانية، ويبدو أن الفتى المشاكس يؤدب في إيران ليعود طوع بنان الولي الفقيه مرة أخرى، ولا يصح قول في هذا المقام غير ما أطلقه مجموعة من الناشطين العراقيين من هاشتاج “الفاسدون لا يصلحون العراق”.
مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق