على غير عادته، لم يعلق الرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس مسؤولية تعثر الحوار على الائتلاف الحاكم وعلى حزب حركة النهضة، وإنما قال حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أنه سيكشف لاحقا عن المسؤولين عن فشل الحوار، مشددا على أن المسؤولية متقاسمة بين عدد من الأحزاب ولا يتحملها حزب واحد.
وعقب اجتماع مطول لممثلي الرباعي، قال حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، في مؤتمر صحفي عقد مساء يوم أمس: “أمهلنا الأحزاب السياسية مهلة أخيرة، 10 أيّام للتوافق حول مرشّح لرئاسة الحكومة”، مضيفا: “سيكون يوم السبت 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري يوما فارقا في تاريخ تونس حيث سنعلن في مؤتمر صحفي منتصف نهار ذلك اليوم، إما التوافق بين مختلف الأحزاب، أو الفشل الحقيقي للحوار الوطني”.
ومن جهة أخرى، وقبل إعلان الرباعي الراعي للحوار عن موقفه، أصدرت جبهة الإنقاذ بيانا تحمل فيه مسؤولية فشل الحوار لحركة النهضة وتتهمها بمحاولة فرض مرشحها لترأس حكومة الوحدة الوطنية، داعية إياها إلى “التوقف عن المماطلة والمراوغة وسياسة ربح الوقت”.
وإن كان البيان قد صدر باسم جبهة الإنقاذ، فإن أبرز مكوناتها، وهو الحزب الجمهوري الذي يترأسه أحمد نجيب الشابي، تبرأ منه وقال أنه لا يمثل الجبهة، وأنه غير صادر عنها، وقال في تصريح رسمي لإحدى الإذاعات المحلية: “أن الحزب الجمهوري وحزب المسار والحزب الاشتراكي وحزب العمل الوطني الديمقراطي ورغم أنهم ينتمون إلى جبهة الإنفاذ إلا أنهم لم يحضروا الاجتماع الذي صدر عنه البيان”.
وفي تلميح منه حول الجهة المتسببة في تعثر الحوار، أصدر الرباعي الراعي للحوار قائمة تظهر مواقف الأحزاب المشاركة من المرشحين لترأس الحكومة القادمة، وكشفت هذه القائمة عن تغير في موقف حزب حركة النهضة وكذلك بعض أحزاب المكونة لجبهة الإنقاذ، فالنهضة التي كانت متمسكة بدعم أحمد المستيري، أعربت عن موافقتها على مرشح آخر وهو جلول عياد، وأما جبهة الإنقاذ، وهي من طرحت اسم جلول عياد، فقد رفضت بعض أحزابها القبول به.
جلول عياد:
في سنة 1980 تولى جلول عياد مهمة الإدارة العامة لفرع “سيتي بنك” بتونس وأدار عمليات البنك بكل من الجزائر وليبيا، ثم عين في سنة 1987 نائب رئيس، سيتي كور، المؤسسة الأم لسيتي بنك، وواصل في ما بعد مسيرته المهنية على الصعيد الدولي في عديد المؤسسات المالية المعروفة مثل، الكوربوريت بنك، بالإمارات العربية المتحدة وسيتي بنك المغرب بالدار البيضاء والبنك المغربي للتجارة الخارجية، قبل أن يشغل خطة وزير للمالية في حكومة الباجي قائد السبسي.
ورسميا لا توجد أسباب معلنة من قبل جبهة الإنقاذ لرفضها لترشيح جلول عياد، في حين أعلن الناطق الرسمي لحزب العمال، الجيلاني الهمامي، وهو ممثل بنائب واحد في المجلس الوطني التأسيسي، في مداخلة هاتفية مع إذاعة محلية، أن الجبهة الشعبية ترفض نهائيا ترشيح وزير المالية الأسبق جلول عياد لمنصب رئاسة الحكومة، مبررا ذلك بوجود شخصيات أفضل منه يمكنها ترأس الحكومة القادمة.
أحمد المستيري:
وأما أحمد المستيري، وهو صاحب أطول تاريخ نضال سياسي في تونس، بدأه جنبا إلى جنب مع أول رئيس تونسي، الحبيب بورقيبة، قبل أن يصبح أول المنشقين عليه، وأول من يؤسس حزبا سياسيا في تونس، وأول من يخوض الانتخابات في وجه بورقيبة، ورغم استبعاده من قائمة المرشحين لترأس الحكومة المنتظرة في حال نجاح الحوار، فإن تسريبات من قصر قرطاج ترجح أن يكون له دور كبير في المشهد السياسي التونسي في الأيام القادمة.
فحسب مصادر خاصة لنون بوست، ينتظر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إعلان الرباعي الراعي للحوار عن فشله في الجمع بين الفرقاء السياسيين، حتى يعلن عن مبادرته الخاصة والتي ستتمثل في تكليف أحمد المستيري بتشكيل حكومة انتقالية جديدة، يتم المصادقة عليها في المجلس الوطني التأسيسي، لتقود المرحلة الانتقالية التي ستشهد خلالها البلاد أول انتخابات تشريعية ورئاسية منذ قيام الثورة التونسية.