هنا قربص، المدينة الجبلية حيث تفتن عين الزائر بسحر الطبيعة الخلابة وجمالها وتشد بصره روعة إبداع الخالق عز وجل في خلقه، فلا تمل العين البشرية من تأمل روعة وجمال المناظر الخلابة التي رسمت بإتقان ليس كمثله إتقان.
هنا قربص حيث زرقة البحر وخضرة الجبل ودفئ العيون المائية المنبثقة من باطن الجبال المحيطة في انسجام بالمدينة، فتضفي على المكان سحرًا وجمالاً ببخارها الجذاب المتصاعد من البحر الأزرق الكبير، حيث تمتد ربوع ومساحات شاسعة من الغابات الخضراء وزرقة البحر الممتدة التي تعكس زرقة السماء الصافية وحيث البنيان العالية والشامخة وحيث المياه الجبلية الساخنة.
أين تقع قربص ؟
قربص هي مدينة تونسية جبلية صغيرة تقع في ولاية نابل أو شبه جزيرة الرأس الطيب على بعد 70 كيلومترًا من جهة الشرق من تونس العاصمة.
تعد هذه المدينة الجبلية الساحرة، رغم صغر حجمها من أقدم المدن السياحية في البلاد التونسية، فهي تعتبر أثرًا وإرثًا فينيقيًا ورمزًا من رموز عبور الفينيقيين القادمين من “صيدا وصور” على أرض إفريقية ورسوهم على ضفاف المتوسط في جهة الشرق.
يعود اكتشاف ميزات المدينة إلى العهد الفينيقي حينما اشتهرت منذ ذلك الحين بحماماتها وينابيعها الطبيعية وموقعها الفريد المطل على خليج تونس.
أصل تسمية قربص
ذهب مؤرخون إلى أن يكون أصل تسميتها “قربص” يعد تحريفًا لجزيرة قبرص، وأن الرحالة الفينيقيين الذين تميزوا بخبرتهم في مجال التجارة البحرية وتنقلهم في البحر بواسطة سفنهم العظيمة، قد أطلقوا عليها هذا الاسم لتشابه المشاهد الطبيعية بين المنطقتين، فقد اعتبر مؤرخون آخرون أن التسمية إنما ترجع إلى الاسم الذي أطلقه الرومان على أعمدتها التاريخية وهو “كاربيس” (Carpis)، إلا أن شيئًا منها لم يتبق اليوم، إذ نهبت على أيام الانتداب الفرنسي للبلد.
مميزات قربص
ومن مميزات مدينة قربص أنها تعد محطة استشفائية طبيعية، وهي شهيرة بعيونها المائية الاستشفائية، توجد بها عدة محطات للاستشفاء بالمياه المعدنية، منها محطات تقليدية، ومنها محطات عصرية مجهزة لاستقبال السياح والاستشفاء بالمياه المعدنية، ويغلب على المدينة الزوار من داخل البلاد التونسية أو ما يعرف بالسياحة الداخلية، فيتدفقون عليها في رحلات متواصلة لا تكاد تنقطع، لأن المدينة الجبلية تغري الزائر فيطمع بالعودة إليها مرارًا وتكرارًا.
فما إن تصل إلى قلب المدينة التي رصفت أزقتها بحجارة كلسيه ملساء ورطبة، حتى تعترضك الحمامات التي تقدم خدمات دون انقطاع للزوار، المتهافتين على المنطقة من شتى المدن المجاورة والجهات المختلفة من البلاد التونسية.
حمامات فينيقية أو رومانية، تنبع من حنفياتها مياه ساخنة وحارة وغنية بالأملاح المعدنية والكبريت، لا يتعب الزائر ولا يمل من التمتع بروعة مياهها الطبيعية الخفيفة التي تمسح عنه التعب والأرق والإجهاد المتواصل وحتى أمراض الروماتيزم والإرهاق النفسي والروتين الذي بات داء يفتك ببني آدم.
حركة دؤوبة في شتى فصول السنة فالزوار لا ينقطعون لأن سحر المدينة لا ينقطع ولا المشهد الطبيعي يتغير بتغير الفصول والمناخ ولذة المياه الجبلية لها نفس الميزات ونفس القيمة الطبية، ففي الشتاء كما في الصيف تظل المياه المنبعثة من باطن الجبال الخضراء العالية ساخنة وحارة.
تضم قربص عددًا كبيرًا من الينابيع التي تتدفق منها مياه حارة متجهة من الجبل إلى البحر ويعبأ ماء عيونها في قوارير ويباع في المحلات التجارية لأنه يعد من أجود أنواع المياه المعدنية في البلد.
ولليانبيع المعدنية أسماء تعرف بها، فهناك “عين الصبية” و”عين الشفاء” و”عين اقطر” و”عين العتروس” وهي إحدى أهم عيون المياه المعدنية الطبيعية التي تتدفق بدرجة حرارة تقارب 70 درجة مئوية وتصب في البحر الأزرق فيتصاعد البخار من عباب البحر حيث يسبح الزائر ويستمتع بدفئ المياه الممتزجة بملوحة البحر وثراء المياه الجبلية بالمعدن والكبريت ولو كان الفصل شتاءً.
ووسط بهاء المناظر الطبيعية الجذابة يستمتع زائر هذه المدينة الجبلية بخدمات أهلها الذين احترفوا عدة مهن تقليدية كالنقش والزخرفة وإعداد القلادات والتحف إضافة إلى تقديم ألذ وأطيب أنواع الطعام والمشروبات ومختلف انواع العصائر وخاصة عصير البرتقال لأنه لا يمكنك الوصول إلى مدينة الأحلام قربص دون المرور وسط حدائق ممتدة على جانبي الطريق مغروسة أشجار برتقال وقوارص.