قُتل أكثر من ٣٠ شخصا وأصيب عشرات اخرون في هجوم بسيارة مفخخة استهدف مقر وزارة الدفاع اليمنية في العاصمة صنعاء.
وفي وقت لاحق، قال مصدر من الوزارة إن التفجير استهدف مستشفى بمجمع الوزارة، وإن الوضع الحالي تحت السيطرة بعد اشتباكات داخل مقر الوزارة وعند مدخلها الغربي أمام المستشفى العسكري التابع للوزارة. وقتل المسلحون جميع أفراد الطاقم الطبي الصيني العامل في مستشفى مجمع وزارة الدفاع اليمنية.
وأعلن مصدر أمني يمني لـ”يونايتد برس انترناشونال” عن مقتل 15 عسكرياً و20 مسلحاً بالهجوم.
وقال المصدر إن هجوماً بالأسلحة الرشاشة نفذه مسلحون يعتقد أنهم من تنظيم “القاعدة” على مقر وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء نجم عنه اشتباك مع حراسة الوزارة قبل أن يندفع انتحاري بسيارته المفخخة الى اقتحام المقر وتفجير نفسه وسط باحتها الرئيسة.
وأضاف أن الهجومين أسفرا عن مقتل 15 عسكرياً يمنياً و20 مسلحاً من المهاجمين. ورجح المصدر ان يكون تنظيم “القاعدة” وراء العملية التي سبقها تنفيذ عملية مماثلة بمدينة المكلا عاصمة حضرموت الشهر الماضي بذات الطريقة.
يأتي هذا بعد يوم واحد من اعتراف مجلس الوزراء اليمني عدم قدرته على السيطرة على الأوضاع الأمنية في البلاد، فقد اعترف مجلس الوزراء اليمني امس بعجزه عن السيطرة على الأمن في ظل الاختلالات الأمنية الواسعة، كما اتهم ضمنيا أتباع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالوقوف وراء الحوادث الأمنية التي تعصف بالبلاد.
جاء ذلك ضمنيا في بيان رسمي أصدره مجلس الوزراء عقب انعقاد جلسة مخصصة لمناقشة حوادث الاختطافات والحوادث الأمنية التي طالت العديد من الشخصيات التجارية والدبلوماسية وغيرها، كان آخرها حادثة اختطاف محمد منير أنعم، أحد افراد مجموعة هائل سعيد أنعم، أكبر مجموعة تجارية وصناعية في اليمن.
وكانت تقارير يمنية تتحدث منذ منتصف العام الجاري عن أن الحوثيين على وشك “تفجير حرب” في العاصمة اليمنية، ونقلت صحيفة “يمن برس” في يونيو الماضي عن مصدر استخباراتي يمني قوله أن “جماعة الحوثي استحدثت خلال الأشهر الماضية أماكن شبه عسكرية وسط الأحياء السكنية وخزنت فيها ترسانة عسكرية ضخمه”
الوضع الأمني المتدهور جاء، بحسب تقارير، نتيجة عوامل عديدة أبرزها: عدم قدرة حكومة “الوفاق” على إدارة الملف الأمني، ووجود كم هائل من السلاح- خصوصاً لدى مليشيات القوى السياسية المختلفة- وضعف الأجهزة الأمنية التي تفتقد للإمكانيات والقدرة على حفظ الأمن الداخلي، وتصارع مراكز القوى سواء سياسية أو قبلية، أم دينية.
كما قال تقرير صدر في نفس الفترة بواسطة المبعوث الأممي جمال بن عمر أنه على ما يبدو “أن فصائل سياسية رئيسة لا تزال مسلحة وتواصل التسلح رغم مشاركتها في العملية السياسية، ما يخلق ظروفاً لمزيد من العنف وعدم الاستقرار”
ويُرجع المحللون أسباب تدهور الوضع الأمني والسياسي في اليمن إلى سوء الأوضاع الاقتصادية، التي تتحمل جزءا كبيرا منها السعودية، الجارة الشمالية لليمن، ودول مجلس التعاون الخليجي.
فعلى طول حدودها مع اليمن، من ساحل البحر الأحمر إلى الحواف الغربية لسلطنة عمان، تشيد المملكة العربية السعودية سور حدودى يمتد لمسافة 1،100 ميل مكون من أكياس الرمل، والأسوار، وأنظمة الكشف الإلكترونية.
وفي تقرير آخر صدر الشهر الماضي، قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن “على المملكة العربية السعودية و بقية دول مجلس تعاون الخليج العربيالمساعدة فى معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في اليمن حيث يعيش ما يقرب من نصف السكان تحت خط الفقر. وبدلا من تثبيط الحركة عبر الحدود و التضييق على المواطنين اليمنيين والعمال، ينبغي أن المملكة العربية السعودية العمل على احداث دمج اليمن وقوتها العاملة في اقتصاد المنطقة.”
وقد استضافت السعودية أكثر من مليون مهاجر من العمال اليمنيين خلال فترة الثمانينيات ، ومع رفض الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح لإدانة غزو العراق للكويت في عام 1990، قامت السعودية ودول الخليج المجاورة بطرد العمالة اليمينة فعاد ما يقرب من مليون يمني إلى وطنهم، ونتج عن هذا عدم قدرة الحكومة على استيعاب العمال مما تسبب فى الانكماش الاقتصادي اللاحق وساهم في وقوع الحرب الأهلية عام 1994.
وهو ما لا يمكن استبعاده خاصة مع ترحيل السعودية مئات الآلاف من اليمنيين مرة أخرى إلى بلادهم ضمن حملة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة إلى السعودية، التي طالت قرابة مليون عامل، بينهم ٢٠٠ ألف يمني على الأقل.
وقال مقال الفورين بوليسي الذي نُشر في ٨ نوفمبر أنه “قد يكون تشييد السياج الحدودي وطرد المهاجرين اليمنيين من المملكة العربية السعودية عاملا مساعدا لاستعداء الجاره الجنوبية الفقيرة وتفاقم الأزمة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التى تشهدها البلاد حاليا.”
كذلك لا يمكن تجاهل ما ورد في مقال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست والذي نشره نون بوست الشهر الماضي مترجما إلى العربية بعنوان (الصراع السعودي الداخلي على السلطة يرسل بارتداداته عبر الحدود الدولية) والذي قال فيه “قد أفرزت الحرب التي يشنها بندر (بن سلطان) على الإسلاميين تداعيات كان لها وقعها على حدود السعودية المضطربة مع اليمن. فالرغبة السعودية الجامحة في الحد من تقدم حزب “الإصلاح” الإسلامي في اليمن دفعت بالسعوديين إلى دعم المليشيات الحوثية التي كان السعوديون من قبل في حرب معها. ويذكر ضمن هذا السياق بأن الزعيم الحوثي البارز صالح هبرة نقل بالطائرة عبر لندن لكي يلتقي برئيس الاستخبارات السعودي.”
فبسبب الهيستيريا لدى العائلة المالكة السعودية من وصول الإسلاميين إلى الحكم في الدول المجاورة مثل مصر وسوريا واليمن، تقوم السعودية بدعم الأطراف المقابلة للإسلاميين ما يفتح الباب أمام توترات أكبر لا يمكن التنبؤ بها ولا بعواقبها.
ويأتي الانفجار في وقت يشهد فيه اليمن تأزما في سير الحوار الوطني الذي يفترض أن يساهم في إنهاء المرحلة الانتقالية والوصول إلى دستور جديد وشكل جديد للدولة.