لليوم الرابع على التوالي، تستقبل حدود قطاع غزة الشرقية والشمالية “رسائل الحرب” من الجانب الإسرائيلي، عبر القصف العشوائي والغارات المكثفة، التي أدت حتى اللحظة لاستشهاد مسنة فلسطينية وإصابة آخرين بجراح، إضافة لتدمير كبير في البنية التحية للقطاع.
“رسائل الحرب” التي كانت هذه المرة بطعم “النيران والدم” أعادت سكان قطاع غزة لأجواء حرب الصيف الساخن عام 2014، لم تقرأها فصائل المقاومة الفلسطينية فقط، بل كان لها الرد القوي على الخروقات الإسرائيلية، في محاولة لرفض سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية ورسم واقع فلسطيني جديد بيد المقاومة.
صفيح ساخن
وتتواصل لليوم الرابع على التوالي موجة التصعيد على حدود قطاع غزة، الأعنف منذ انتهاء العدوان الأخير على غزة عام 2014، ففي حين استهدفت المقاومة الآليات المتوغلة بقذائف الهاون، شنت طائرات ومدفعية الاحتلال عمليات قصف مكثفة على قطاع غزة من شماله حتى أقصى جنوبه.
الفصائل الفلسطينية وأجنحتها العسكرية، وجهت تحذير شديد اللهجة للجانب الإسرائيلي، في حال واصل عدوانه العسكري على القطاع، فقال خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” إن:” حماس لن تسمح للاحتلال بخلق وقائع جديدة على الأرض”، معتبراً أن “أي دخول أو توغل للعدو في أرضنا لن يقبله شعبنا ولن تقبله المقاومة”.
ولفت لوجود اتصالات من وساطات عربية وأممية شملت مصر وقطر والأمم المتحدة لتهدئة الأوضاع الميدانية في القطاع، مشدداً على التزام حركته ببنود اتفاقية وقف إطلاق النار التي وقعت في القاهرة عقب عدوان الاحتلال على القطاع صيف 2014.
كما أكدت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، أنها لن تسمح باستمرار التوغل والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
بدورها، حذرت حركة “الجهاد الإسلامي” الاحتلال الإسرائيلي من نقل التصعيد العسكري إلى دائرة استهداف المواطنين، “الأمر الذي سيدفع المقاومة للرد بالمثل”، وفق قولها.
واعتبرت الحركة، أن استهداف المواطنين الفلسطينيين الأبرياء في القصف، واستشهاد المواطنة زينة العمور، إثر قصف مدفعي استهدف أرضها الزراعية جنوب قطاع غزة، يحمل إشارة “تصعيد خطير يتحمل الاحتلال نتائجه”.
وحمّلت “الجهاد” الاحتلال مسؤولية استمرار التصعيد ضد قطاع غزة، لا سيما في ظل عدم التزامه بتدخلات تثبيت وقف إطلاق النار، وأضافت “عدم توقف العدوان سيكون له تداعيات ويضع الشعب الفلسطيني والمقاومة أمام حقها في الرد والدفاع عن النفس”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن رفع حالة التأهب العسكري في صفوف قواته على حدود قطاع غزة، على خلفية بوادر التصعيد الثنائي بين الجانبين، ويضاف هذا العدوان إلى سلسلة الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال منذ توقيع اتفاق التهدئة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال في السادس والعشرين من آب / أغسطس 2014، برعاية مصرية.
رسائل الحرب
المحلل وأستاذ العلوم السياسية مخيمر أبو سعدة، قدم قراءة واضحة للوضع المتصاعد في قطاع غزة، وقال: “إن ما يجري في القطاع بين المقاومة والجيش الإسرائيلي، تبادل للرسائل الحرب قبل المواجهة الساخنة الكبيرة”.
وأضاف أبو سعده: ” الجانبين يرغبان بأن تكون لهما الكلمة القوية على أرض الواقع، لذلك حرصت المقاومة على الرد المباشر على الخروقات الإسرائيلية في غزة، والمستمرة منذ الثلاثاء الماضي، من قصف وغارات واستهداف للفلسطينيين”.
وأوضح، أن لا إسرائيل ولا حماس تريدان في الوقت الراهن الحرب الشاملة، مضيفاً:” من مصلحة كل من إسرائيل وحماس عدم دفع الوضع إلى التصعيد، في ظل الوساطات والتحركات الكبيرة التي تقوم بها كل من قطر ومصر لوقف التصعيد العسكري، والعود للهدوء”.
من جانبه، قال د. ناجي البطة، المحلل السياسي والباحث في الشأن الإسرائيلي، إن:” الاحتلال يتعمد إلى استغلال حالة الفوضى، وعدم الاستقرار في المحيط العربي لاستهداف غزة، ويحاول في هذا الإطار استفزاز المقاومة.
وأكد البطة، أن: “الهدف من التوغلات هو الاستمرار في ترميم ورفع معنويات الجيش المنهارة بعد العدوان الأخير، مضيفاً:” أن العدو يحاول بث روح الطمأنينة في المجتمع الصهيوني المذعور، برسالة مفادها أن جيش الاحتلال ما زال يمتلك زمام الأمور، ويستطيع أن يتوغل رغم أنها محدودة وفي مناطق ساقطة أمنية.
وأوضح، أن التوغلات المكشوفة التي تدخل فيها جرافة أو مدرعات، هدفها أن تجعل المنطقة مكشوفة، والعمل على مسح كل ما يشوش المنطقة والرؤية.
وأضاف، ما لم تحدث أحداث كبيرة تبرر الحرب فالكيان لن يفكر بحرب حتى لخمس سنوات قادمة، لأسباب كثيرة أهمها الجبهة الداخلية أصبحت في مرمى المقاومة فيجعها أقل استقرار وجبهة مستهدفة.
إسرائيل تهدد
الجانب الإسرائيلي من جانبه يواصل التصعيد تجاه غزة، وقال وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون، إنه:” لن يسمح بتعطيل الحياة لسكان مغتصبات غلاف قطاع غزة”.
وأضاف يعلون في كلمته مساء اليوم بحفل ذكرى ما يسمى “المحرقة النازية” والذي أقيم في كيبوتس “ياد مردخاي”، “على حماس أن تعلم أنها ليست بعيدة، واذا حاولت تعطيل مجرى حياتنا فسوف نوجه لها ضربة قوية”.
وتابع: “لن نتسامح مع عودة إطلاق النار ومحاولات استهداف المستوطنين والجنود، والمنظمات في غزة تتحمل المسئولية وعلى رأسها حركة حماس”.
ويشهد قطاع غزة توترًا مستمرًا على حدوده، ويخضع منذ عشر سنوات لحصار إسرائيلي صارم، وتغلق مصر معبر رفح، الطريق الوحيد الذي يصله بالعالم، وهذا التصعيد آثار المخاوف بشأن مصير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي وقع في أعقاب حرب الخمسين يوما بين الجانبين التي أودت بحياة 2251 فلسطينيا معظمهم من المدنيين و73 إسرائيليا، معظمهم من العسكريين.