ما إن يتحدث السياح عن تونس كوجهة سياحة حتى يتبادر مباشرة إلى الأذهان بعض الأماكن المعروفة كأفضل المناطق السياحية في تونس على غرار مدينة الحمامات وجزيرة جربة وولاية سوسة وكذلك المدينة العربية في سيدي بوسعيد، إلا أن تونس تتميز بالعديد من الأماكن الخلابة الأخرى والتي تسحر الأنظار ويمكن لقاصدها التمتع بأروع المشاهد وبتكاليف بسيطة أقل بكثير من غيرها من الوجهات السياحية.
ونقدم لكم في هذا التقرير بعض الأماكن التي يجهلها الكثير من القاصدين تونس والذين ننصحهم بزيارتها خلال هذه العطلة الصيفية.
جزيرة قرقنة
جزيرة قرقنة هي أرخبيل يتبع إداريًا ولاية صفاقس ويمتد على طول 20 كيلومترًا من سواحل صفاقس، ويتكون أرخبيل قرقنة من جزيرتين رئيسيتين (غربي وشرقي) و12 جزيرة صغيرة هم على التوالي: شرمندية، سفنو، الرومدية، الرقادية، لزداد، قرمدي، ويحتوي الأرخبيل على جزيرتين مأهولتين فقط وهما الشرقي والغربي أو مليتة .
تقدم قرقنة مشاهد خلابة تزيدها أشجار النخيل جمالاً، ويتميز بحرها بتفريعاته ذات اللون الأزوردي عند مغيب الشمس فيما تتعرج الدروب الرملية بين المباني لتنتهي عند الشواطئ الخالية، ولا يمكن التمتع بجمال قرقنة إلا عند التجول على متن “اللّد”، وهو قارب صغير بقاع مسطح وشراع مثلث، وتمثل الإقامة في جزيرة قرقنة فرصة للاستمتاع بأجوائها الرائعة، الصافية ذات الجمال البسيط والأخّاذ.
ولاية توزر أو جوهرة الصحراء
تعتبر ولاية توزر “جوهرة الصحراء” وهي واحة تتميز بجودة تمورها، متاخمة للصحراء مما جعلها قبلة للسائحين قصد التمتع بالرمال الذهبية وأشعة الشمس على مدار السنة ويكون مناخها شبه جاف وحار صيفًا ومعتدلاً بقية الفصول.
توزر (Tusurus) أو توزروس كما سماها الرومان مدينة الأحلام، جوهرة الصحراء، باب الجنة، تقع في الجنوب الغربي من تونس، على الحدود الجزائرية والحد الشمالي الشرقي للصحراء ويحدها شرقًا شط الجريد وتمثل إحدى الواحات الأكثر شهرةً في العالم وأجملها لا سيما أنها ترتوي من مائتي نبع ماء وغابة نخيل رائعة بها أكثر من مليون نخلة فوق مساحة تزيد على الألف هكتار.
تبدو كلمة الصحراء قاسية بحق توزر فهي منطقة تضج بالحياة والحركة والخضرة، وفيها واحد من أجمل ملاعب الغولف في تونس إن لم يكن في حوض المتوسط، وفيها يغمرك الإحساس بأنك مقبل على المتنبي أو الشابي وعلى عالم من الشعر والجمال، فواحاتها وبيوتها المصنوعة من الآجرّ الأصفر الصحراوي وأجواؤها الهادئة عالم يداعب المخيلة ويستقر في الذاكرة.
مدينة عين دراهم
تتبع هذه الولاية ولاية جندوبة وتعتبر الوجهة الأفضل للسياح الجزائريين لقربها من الحدود التونسية الجزائرية، وترتفع هذه المدينة 1000 متر فوق سطح البحر وتغطي الثلوج كل فصل شتاء جبال الشمال الغربي، وقد سجلت عين دراهم رقمًا قياسيًا في تونس من حيث سماكة الثلوج، وتعتبر عين دراهم جنة ضائعة بحكم عدم الاهتمام بها رغم أنها إحدى أجمل المدن التونسية خصوصًا في فصل الشتاء عندما تتزين جبالها وغاباتها باللون الأبيض.
ويتمثل الجزء الأجمل في عين دراهم في قراها الجميلة المحاذية للجبال ومنازلها المعلقة في قمم جبال الكرومي ذات الغابات الكثيفة بأشجار الصنوبر والبلوط والفلين والزان، وتجمع 3 خصائص قل وجودها في العديد من الأماكن وهي سحر البحر والثلوج والجبال، وتتحول المدينة صيفًا إلى منتزه غابي يستطيب فيه المقام لاعتدال جوها، حتى إنك تضطر أحيانًا للتدثر بملابس إضافية حين حلول الليل العليل بها، والأجمل من كل هذا أنه بإمكانك ملامسة السحاب بيديك نتيجة الارتفاع الذي تعرفه المنطقة وقراها الجميلة.
جزيرة جالطة
وهي الجزيرة العذراء التونسية أو الفردوس المفقود وهو أرخبيل يتكون من مجموعة من الجزر الصغيرة التي تقع قبالة الساحل الشمالي للبلاد التونسية، على بعد 81 كيلومترًا من مدينة بنزرت، وهي محمية طبيعية تتمتع بمناظر طبيعية ساحرة ويقصدها السياح طلبًا للاسترخاء والاستمتاع بعيدًا عن الضجيج، وتعتبر الجزيرة اليوم محمية فريدة من نوعها عربيًا وإفريقيًا وهي آخر مكان استوطنه حيوان الفقمة المهدد بالانقراض كليًا، وتتمتع هذه الجزيرة بالخصائص الجيولوجية (المغارات البحرية خاصة) والنباتية التي سمحت لحيوان الفقمة بالبقاء.
وتقطن بالجزيرة عائلات تعيش على صيد السمك وترحب بالقادم دومًا وما زال في الجزيرة بعض القبور الرومانية والآثار الفينيقية وذلك لكثرة الحضارات التي تعاقبت على الجزيرة، وتعتبر جالطة نقطة الانطلاق إلى تونس أو المدخل البحري للبلاد التونسية .
ولاية تطاوين
هي عروس الصحراء وأكبر الولايات التونسية من حيث المساحة، وتتنوع فيها المناظر الصحراوية (واحات، جبال، صحراء مترامية الأطراف، قصور صحراوية، قرى بربرية، معالم أثرية، مواقع جيولوجية، تحصينات عسكرية…) وجعل هذا المخزون من الولاية إحدى أفضل الوجهات للسياحة الصحراوية، كما يمكن استغلال هذه الولاية في أنواع أخرى من السياحة على غرار السياحة البيئية والتي تعتمد أساسًا على توظيف ثراء صحراء الجهة بالحيوانات النادرة (كالغزال وابن آوى) واستغلال تواجد المحمية الطبيعية بوادي دكوك والتي تعتبر الأولى من نوعها بالجنوب التونسي، بالإضافة إلى السياحة الجبلية والثقافية والرياضية .
وتتعدد المعالم السياحية التي يمكن زيارتها في تطاوين على غرار القصور الصحراوية وهي بناء عمراني فريد من نوعه، وكذلك منطقتي شنني والدويرات وهي مناطق تحتفظ بروايات الحضارات المتعاقبة التي سكنت المدينة.
صورة من الفيلم الأمريكي الشهير “Stars Wars” الذي مثل في القصور الصحراوية بتطاوين
منطقة طبرقة
هناك في طبرقة حيث يتعانق البحر والساحل مع الطبيعة والآثار، حيث تتميز المنطقة بالطبيعة الساحرة والمناظر الطبيعية الخلابة بالإضافة إلى الأماكن الأثرية القديمة، وتتميز مدينة طبرقة الحالية عن بقية المدن التونسية، بمنازلها البيضاء والزرقاء، ذات الأسقف المكسوة بالقرميد الأحمر، وكذلك بشاطئها الجميل الممتد بين الغابة والجبل في سلسلة من الكثبان الرملية والخلجان الصخرية، ولذا يجد هواة الغوص في أعماق البحر خير ميدان لممارسة هواياتهم.
وتعتبر طبرقة مدينة الموسيقى حيث تحتضن سنويًا أربعة مهرجانات موسيقية هي مهرجان الجاز ومهرجان موسيقى العالم ومهرجان الموسيقي اللاتينية ومهرجان موسيقي الراي، ويعتبر مناخها شديد البرودة، وتختص أيضًا بامتزاج المناطق الساحلية مع المناطق ذات الجبال فهي تطل على البحر بجبالها العالية .
ولاية زغوان
وهي مدينة بربرية أندلسية أبوابها الزرقاء العتيقة وحدائقها الغناء ومرتفعاتها الخضراء جعلت منها قبلة سياحية بيئية وحضارية ثرية وتمثل قلبًا للمناطق السياحية المحيطة بها، وتزخر الجهة بالعديد من المناظر الخلابة والساحرة، وخاصة الجبل الذي تميزه مجموعة الأودية التي تروي لك حكايات عن جمال الطبيعة اللامتناهي.
أيضًا يمكن اعتبار المغارات الطبيعية والتاريخية من أروع ما نحت وأبدع الخالق لما توفّره من مركبات ومكونات طبيعية تأخذ الأبصار فضلاً عن المغامرة التي يعيشها زائر هذه المدن المدفونة داخل تجاويف الجبل كأنها شرايينه التي تزودنا بماء الحياة، أما بساطة الناس وطرق عيشهم العفوية، فهي الروح التي تزود تساكني المدن والأحياء البربرية بحرارة الحياة، فلا يمكن اعتبارها إلاّ جزءًا من الطبيعة كأن كل منه يتماهى في الآخر .
وتتميز هذه المدينة بمسالكها السياحية والصحية التي تعتبر مستقبل السياحة البديلة في تونس، ويوجد بها إقامتان ريفيتان “دار زغوان” و”قصر الزيت” يقصدهما الزائر لما يتمتعان به من طابع معماري وديكور داخلي، إذ تعبق “دار زغوان” بأريج النسري ويهيمن طعم زيت الزيتون البيولوجي على أطباق “قصر الزيت”، كما تتميز الولاية بحماماتها الاستشفائية وتصنف في المرتبة الثانية عالميًا في هذه الخدمة .
مدينة قربص
هي المدينة التونسية البيضاء التي تغسل زوارها، وهي مدينة صغيرة تقع في ولاية نابل على بعد 60 كيلومترًا من تونس العاصمة، شهيرة بعيونها المائية الاستشفائية، وتوجد في قربص عدة محطات للاستشفاء بالمياه المعدنية، منها محطات تقليدية، ومنها محطات عصرية مجهزة لاستقبال السياح والاستشفاء بالمياه المعدنية، وهي مدينة ناصعة البياض معلقة على سفح جبل أخضر، تتدفق من ينابيعها مياه سخنة مليئة بأملاح معدنية ينصح بها الأطباء لمعالجة أمراض كثيرة، ويعود اكتشاف ميزات المدينة إلى العهد الفينيقي حينما اشتهرت منذ ذلك الحين بحماماتها وينابيعها الطبيعية وموقعها الفريد المطل على خليج تونس وتعد “قربص” من أقدم المدن السياحية في تونس على رغم صغر حجمها ولا يستبعد مؤرخون أن يكون اسمها تحريفًا لجزيرة قبرص.