وقع انقسام حاد بين غرفتي البرلمان البرازيلي فيما يتعلق بالموقف من رئيسة البرازيل الحالية ديلما روسيف، فبينما يحاول القائم بأعمال رئيس مجلس النواب، وولدير مارانهاو، عرقلة التصويت على إقالتها بعد ظهور قضية التلاعب بمالية الدولة التي أحدثت أزمة سياسية حادة وصفت بأنها فضيحة الفساد الأكبر المتعلقة بشركة بتروبراس، والتي باتت تلطخ عمليًا سمعة النخبة السياسية في البلاد.
وفي نفس الوقت تعهد مجلس الشيوخ البرازيلي بالمضي قدمًا في إجراءات التصويت على محاكمة رئيسة البلاد ديلما روسيف، رغم قرار مجلس النواب ببطلان هذا الإجراء في وقت سابق، والدعوة إلى إجراء تصويت جديد على محاكمة روسيف في مجلس النواب.
حيث دعي أعضاء مجلس الشيوخ للاجتماع الأربعاء لاتخاذ قرار يحتاج فقط لأكثرية بسيطة بشان البدء بإجراءات إقالة أول امرأة تحكم البرازيل، وفي حال تأمين هذه الاغلبية، ستتنحى الزعيمة اليسارية عن السلطة لمدة قد تصل إلى 6 أشهر بحد أقصى في انتظار الحكم النهائي لأعضاء مجلس الشيوخ.
تصر رئيسة البرازيل ديلما روسيف منذ بداية الأزمة على وصف ما يحدث بأنه “انقلاب برلماني” وأنها ضحية له
ولا تساور أحدًا الشكوك حول نتيجة التصويت الذي سيجرى الخميس. بعدما أعلن قرابة 50 من أصل 81 عضوًا في مجلس الشيوخ عزمهم على التصويت على بدء إجراءات الإقالة.
انقلاب برلماني
القائم بأعمال رئيس مجلس النواب يؤكد إن هناك مخالفات عديدة حدثت أثناء التصويت على مساءلة روسيف، وهو التصويت الذي انتهى بأغلبية لصالح بدء إجراءات المحاسبة.
حيث كان من المفترض ألا يفصح أعضاء مجلس النواب عن قرارهم قبيل التصويت، كما أن بعض قيادات الأحزاب أملوا على أعضاء المجلس المنتمين لهذا الحزب موقفًا يصوتون لصالحه، داعيًا إلى إعادة التصويت على محاسبة الرئيسة في مجلس النواب.
هذا وتصر رئيسة البرازيل ديلما روسيف منذ بداية الأزمة على وصف ما يحدث بأنه “انقلاب برلماني” وأنها ضحية له، ويقتصر منذ بضعة أيام جدول أعمال ديلما روسيف على احتفالات تسليم مساكن اجتماعية تدأب خلالها على الدفاع عن نفسها.
وكانت ديلما روسيف قد انتقدت ما اعتبرته “انتخابات غير مباشرة على شكل اقالة”. وما أسمتهم “مغتصبو السلطة”، التي اعتبرت من بينهم نائبها ميشال تامر، المتواطئ في إجراء الإقالة، معلنة استبعادها الاقدام على فكرة الاستقالة.
بينما يستعد حليفها السابق، الذي يشغل نائب الرئيس وهو ميشال تامر لتولي منصب الرئاسة بالوكالة، بعدما أقدم على دفع حزبه “حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية” للخروج من الحكومة الحالية، وهو ما تسبب في حرج بالغ لروسيف، رغم أن حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية الذي ينتمي إليه نائب الرئيس ميشال تامر متهم في التورط بنفس القضايا.
فتح ملفات الفساد
تحوم الشبهات حول تمويل حملات ديلما روسيف الانتخابية، كما فتحت فجأة قضايا من قبل قبل مدعي الجمهورية طالب فيها بفتح تحقيق ضد الرئيسة حول محاولات مفترضة لعرقلة التحقيق في عمليات اختلاس أموال من شركة بتروبراس النفطية العامة.
ديلما روسيف: “أنا بريئة وسوف أقاتل حتى النهاية”
بينما تصر المعارضة على اتهامها بارتكاب “جريمة مسؤولية” عندما حملت المصارف الحكومية أعباء النفقات العامة لاخفاء العجز الكبير في الميزانية في العام 2014 لدى إعادة انتخابها، وكذلك بسبب موافقتها أيضا بمراسيم على نفقات إضافية من دون الرجوع إلى البرلمان في ذلك.
بينما يرى البعض أن هذه الحملة لا تستهدف روسيف بشخصها وإنما تستهدف إسقاط حزبها “حزب العمال” من السلطة، باستهداف شخصيات بعينها داخل الحزب بصورة مباشرة، وفي مقدمتهم الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
فيما تعيش البرازيل حالة من التخبط بعدما أوقفت المحكمة الفيدرالية العليا، رئيس مجلس النواب إدواردو كونها، عن ممارسة مهامه، وهو الشخصية الثالثة في الدولة، ومهندس إجراء إقالة ديلما روسيف، ويشكل هذا القرار سابقة من نوعها في البرازيل أحدث تخبطًا في الأوساط السياسية والنيابية هناك، فيما يشير البعض إلى وجود محاولات من الموالين لروسيف لتخطي فخ الإقالة.
وذلك بعد تولى مارانهاو، الذي صوت ضد محاكمة روسيف، منصب القائم بأعمال رئيس مجلس النواب منذ أسبوع واحد فقط بعد وقف رئيس المجلس إدواردو كونها عن العمل، وهو المؤيد لقرار الإقالة.
وفي مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي أجرتها رئيسة البرازيل مع تليفزيون “بي بي سي”، قالت روسيف إنها “بريئة” وأنها سوف تقاتل حتى النهاية، في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية ديلما روسيف بين المواطنين، بعدما أكدت ذلك استطلاعات رأي أشارت إلى أن البرازيليين يميلون إلى تركها زمام السلطة.