“قرابة الساعة الثانية عشرة من مساء أمس الثلاثاء، تعرض أحد قادة المقاومة الإسلامية الأخ المجاهد الحاج حسان هولو اللقيس لعملية إغتيال أمام منزله الكائن في منطقة السان تيريز- الحدث وهو عائد من عمله فقضى شهيدا والتحق بقافلة الشهداء النورانية.إن الأخ القائد الشهيد حسان اللقيس أمضى شبابه وقضى كل عمره في هذه المقاومة الشريفة منذ أيامها الأولى وحتى ساعات عمره الاخيرة، مجاهدا، مضحيا ومبدعا وقائدا وعاشقا للشهادة وكان أبا لشهيد ارتفع مع كوكبة الشهداء في حرب تموز 2006”
هكذا صدر بيان حزب الله والذي أعلن فيه عن اغتيال أحد قادته الثلاثاء الماضي (٣ ديسمبر/ كانون أول) وبابتسامة صفراء، استقبل ضابط المخابرات الإسرائيلي صباح الأربعاء الخبر قائلا “اليوم ستُعقد قمة في السماء” مشيرا إلى أهمية حسن اللقيس الذي يُعتبر المسؤول عن التطوير التكنولوجي والعسكري في حزب الله
تفاصيل الاغتيال غير معروفة وغير معلنة، فعلى العكس من عماد مغنية (الحاج رضوان) الذي أعلن الحزب عن تفاصيل اغتياله كاملة في دمشق، لم يذكر بيان الحزب أو أي من تصريحات قادته اللاحقة أي معلومات عن عملية اغتيال اللقيس (الذي تقارب أهميته أهمية حاج رضوان لدى حزب الله) ، سوى ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر لبناني مسؤول، رفض الافصاح عن اسمه، من أن مسلحين ملثمين اختبئوا في مكان ما ونفذوا العملية ضد اللقيس الذي نقل فورا للمستشفى لكنه لفظ انفاسه متأثرا بجراحه.
لا نعرف الكثير عن اللقيس، إلا أن بعض المعلومات التي توفرت عنه (من ملفه لدى المخابرات العسكرية الإسرائيلية أمان) تقول أنه انخرط في العمل السياسي مع المجموعات الشيعية في لبنان منذ سن التاسعة عشرة، درس بعض الدراسة التكنولوجية في جامعة لبنانية، لكن معظم خبرته مع السلاح والتكنولوجيا جاءت من خبرته التراكمية في التصنيع العسكري لدى حزب الله.
اللقيس يعود إليه الفضل (والمصدر ما زال ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلية) في تطوير قدرات حزب الله وفي التنسيق مع إيران في ذلك الشأن تحديدا. ومنذ منتصف التسعينات، وضع بعض ضباط “أمان” اللقيس على لائحة المستهدفين، مؤمنين أنه يجب تصفيته بأسرع وقت، لكن حزب الله حينها لم يكن يُعتبر تهديدا استراتيجيا لإسرائيل، وحتى بعدما أصبح تهديد حزب الله مزعجا لإسرائيل، كان اللقيس قد بدأ في اتخاذ إحتياطات أمنية مشددة استطاع من خلالها أن يتجنب محاولات اغتيال عديدة (قال حزب الله أنه تعرض لها).
حسن اللقيس كان أيضا مطلوبا في الولايات المتحدة وفي كندا، بتهمة إدارة مجموعات تابعة لحزب الله في تلك البلدان أوائل التسعينات. وطبقا لورقة مصنفة على أنها سرية لدى المخابرات الإسرائيلية، فإن اللقيس شكل مجموعات في فانكوفر الكندية وكارولينا الشمالية وميتشغن بالولايات المتحدة.
حزب الله اتهم إسرائيل بالطبع، الإسرائيليون نفوا كالعادة، لكن لديهم من الأسباب ما يجعلهم يقدمون على تلك الخطوة. لكن هناك طرف آخر لا يمكن تجاهله في تلك اللحظة: السعودية.
السعودية تحارب إيران في لبنان، وحزب الله يعلم ذلك جيدا. اتهم حسن نصر الله في وقت سابق هذا الأسبوع السعودية بالوقوف خلف التفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت الشهر الماضي وتبنته جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة.
وقال نصر الله في تصريحات لقناة أو تي في اللبنانية إن “كتائب عبد الله عزام” التي تبنت العملية ليست اسما وهميا. وتابع “هذه الجهة موجودة بالفعل، ولها أميرها وهو سعودي، وقناعتي أنها مرتبطة بالمخابرات السعودية التي تدير مثل هذه الجماعات في أكثر من مكان في العالم”. واعتبر نصر الله أن “تفجير السفارة له علاقة بالغضب السعودي من إيران”، لأن المملكة “تحمل إيران تبعات فشل مشاريعها في المنطقة”.
أما الجهة الثالثة التي من الممكن أن تنفذ عملية اغتيال لشخصية بهذا الحجم فهم الثوار السوريون، وسواء كانت السعودية أو مجموعات مرتبطة بالقاعدة أو الثوار السوريون، فجميعهم يعبرون عن مصلحة واحدة ودافعهم واحد. أما المصلحة فهي الضغط على إيران وحزب الله، وأما الدافع فهو مشاركة حزب الله في القتال الدائر في سوريا ضد الشعب السوري بجانب نظام الأسد.
حزب الله أدخل نفسه في صراع مختلف تماما عن كل الصراعات التي خاضها من قبل، فمن ناحية، حزب الله في سوريا يحارب مجموعات عقائدية، تختلف تماما في طبيعتها عن جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين واجههم حزب الله من قبل، كما أن أفراد المعارضة السورية على اختلاف توجهاتهم لم يكونوا -غالبا- في صفوف قوات نظامية من قبل، لذلك فإن حرب الشوارع التي يبرع فيها حزب الله لن تكون بنفس كفاءتها مقابل جنود غير نظاميين.
الحقيقة الأخرى أن حزب الله الآن لا يستعدي فقط المقاتلين في سوريا، في الحقيقة الحاضنة الشعبية الضخمة التي تمتع بها حزب الله منذ تحرير الجنوب اللبناني وبعد الحرب الأخيرة في ٢٠٠٦ هي من المسلمين السنة، الذين تضرر غالبهم من تدخل حزب الله في سوريا، ولذلك فإن على حزب الله أن يدرك أنه بقتاله في سوريا فهو لا يخسر فقط الشعب السوري (والذي احتضن المقاومة الإسلامية لفترات طويلة كذلك) لكنه أيضا يخسر الأرض في لبنان ومصر والأردن وفلسطين.