أطلق رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصريحات شائكة خلال حفل تأبين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، خلال الاحتفاء بذكرى موظفي وزارة الخارجية الذين قتلوا خلال مهمات في الخارج.
استدعى نتنياهو ذكريات حادث حصار السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في العام 2011 عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث قال “هنا، قبل عدة سنوات، في غرفة العمليات بوزارة الخارجية، تعاملنا مع حصار اشتد حول موظفينا في سفارة إسرائيل في القاهرة”.
لكن نتنياهو كشف في حديثه عن معلومة تخرج لأول مرة للرأي العام في هذه الأحداث، تتعلق بتهديده لمصر بإرسال قوة خاصة من الجيش الإسرائيلي لإطلاق سراح موظفي السفارة خلال الاضطرابات التي عمت مصر في 2011،هذا وقد زعم نتنياهو خلال تصريحاته أن تهديداته لمصر أدت إلى نهاية ناجحة للأحداث.
ووفقًا لحديثه: “جاء الغوغاء لذبح موظفينا، وفي تلك الليلة، استخدمنا كل ما لدينا من وسائل، بما في ذلك التهديد بعملية للجيش الإسرائيلي، الأمر الذي كان حاسمًا، وقاد السلطات المصرية للتنسيق جنبًا إلى جنب معنا من هنا، وذلك لإيجاد ختام ناجح لهذا الحدث”.
تصريحات استدعت توضيح
هذه التصريحات استدعت توضيحًا من نتنياهو خاصة وأنها تُخرج معلومات للرأي العام المصري و ربما الإسرائيلي لأول مرة، وتضع المجلس العسكري المصري الممثل للجيش في الحكم في تلك الفترة بعد ثورة يناير في وضع في غاية الحرج، بعد أن تعرض المجلس العسكري الحاكم لتهديد مباشر من إسرائيل بإرسال قوات من الجيش إلى مقر السفارة الإسرائيلية إذا لم يستطيعوا السيطرة على الأمر.
وفي وقت متأخر للغاية، خرج توضيح من مكتب نتنياهو لتصريحاته، التي أثارت ضجة واسعة خاصة في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي، ليستدرك بالقول أن النية كانت “عملية مشتركة وليست أحادية”.
وخلال البيان التوضيحي، قال نتنياهو أن “سياسة إسرائيل هي الدفاع عن مواطنيها المهددين في كل مكان. وفي هذه الحالة، كانت النية تنفيذ عملية مشتركة وليست أحادية. نحن سعداء أنه لم تكن هناك حاجة إلى ذلك، ونشكر الجيش المصري الذي عالج الأزمة بشكل مسؤول، وأتى بحل لتلك المشكلة”، وقد أضاف نتنياهو في بيانه أنه يُقدر للغاية العلاقات مع مصر، وكذا الامتثال لاتفاق السلام باعتباره عنصر مهم لاستقرار المنطقة.
وكان نتنياهو قد أكد أثناء حديثه بوزارة الخارجية أن إسرائيل تعمل باستمرار للحفاظ على أمن مواطنيها حول العالم، قائلًا: “نبذل جهودًا، خصوصًا عبر الموساد والشاباك، للدفاع عنكم وعن كل طواقمنا الدبلوماسية وممثلينا في العالم”.
هذه المعلومات لا يستبعد أن تكون استدعت طلبًا من القاهرة أيضًا لإخراج بيان توضيحي من الجانب الإسرائيلي الذي ورط الجيش المصري والمجلس العسكري الحاكم بمثل هذه التصريحات، ولكن الثابت في الأمر أن المجلس العسكري الحاكم في مصر وقتها لم يشر إلى أي طلب إسرائيلي بإرسال قوات لفك الحصار عن السفارة، سواء كانت عملية أحادية أو مشتركة.
وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقات بين القاهرة وتل أبيب في هذه اللحظة الهامة من تاريخ مصر، والتي لم تؤرخ حتى الآن بشكل كافي، ولا زالت خبايا تلك الفترة تخرج بطرق غير مباشرة عبر تصريحات خارجية.
جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تورط فيها إسرائيل الجانب المصري بسبب تصريحات حول طبيعة العلاقة بين الطرفين، وهو ما استدعى قرارًا إسرائيليًا في السابق بعدم الخوض في هذه المسألة كثيرًا على وسائل الإعلام، منعًا لإحراج النظام المصري الحليف الآن بقيادة عبدالفتاح السيسي، الذي وصل إلى أعلى درجات التنسيق مع تل أبيب لأول مرة في التاريخ، لكن نتنياهو هذه المرة ورط سلفه من قادة المجلس العسكري.
أحداث السفارة الإسرائيلية
الأحداث التي تحدث عنها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي تعود إلى سبتمبر من العام 2011، حين هاجم محتجون السفارة الإسرائيلية في الجيزة ما أدى إلى إجلاء كل العاملين فيها. واتتبع ذلك دخول المتظاهرون عبر حائط أمني خارجي وألقوا وثائق السفارة من الشرفات ومزقوا العلم الإسرائيلي.
كان ذلك أثناء تظاهرات سميت بـ “جمعة تصحيح المسار”، حيث قام المئات من المتظاهرين المصريين بكسر أجزاء من الجدار الخرساني الذي قامت السلطات المصرية ببنائه عند السفارة، وقد أسفرت هذه الحادثة عن مقتل 3 واصابة ما يزيد عن ألف آخرين.
وقد عد البعض هذا الحدث هو التطور الأبرز في تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ توقيع معاهدة السلام في العام 1979، وقد انتهت الأحداث بتدخل من القوات الخاصة المصرية لإخراج ستة حراس محتجزين داخل مبنى السفارة.
وعلى إثر هذه الأحداث عاد السفير الإسرائيلي بالقاهرة، إسحق ليفانون، مع 80 من موظفي السفارة وعائلاتهم في اليوم التالي إلى دولة الاحتلال، ثم تبعهم الحراس الستة، وظلت الأوضاع هكذا بين البلدين حتى الانقلاب العسكري، وصعود عبدالفتاح السيسي إلى الرئاسة في مصر، الذي أعاد بدوره السفير الإسرائيلي إلى القاهرة.