تصاعدت حدّة الأزمة القائمة بين النظام الحاكم في موريتانيا وجماعة الإخوان المسلمين هناك ممثلة في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المعارض “تواصل”، في الفترة الأخيرة، منذرة بإمكانية الصدام بين الطرفين.
ولوّحت مصادر مقربة من الرئيس الموريتاني إلى إمكانية حل حزب تواصل لوضع حد لنشاطاته “غير القانونية” التي تهدد ديمقراطية بلادهم، حسب وصفهم، وقال المكلف بمهمة استقبال الشكاوى ورسائل الاحتجاجات في الرئاسة الموريتانية عبد الله ولد أحمد دامو “لو كان لي رأي شخصي لذكرت بأن التصريحات، والنشاطات التي يقوم بها حزب تواصل تعدت كافة الخطوط الحمراء، ورئيس الجمهورية والحكومة بوصفهما مسؤولين عن مصلحة البلاد واستقرارها وأمنها، عليهم أن يفكروا في حل هذا الحزب لأن الديمقراطية اليوم مهددة، بفعل تصرفات ونشاطات هذا الحزب”.
وقال ولد أحمد دامو “إن حزب تواصل منذ 2010 وهو يلعب على أوكار تفكيك الوحدة الوطنية، وزج البلاد في فتنة، كلما أتيحت له الفرصة”، مردفًا أنه يتوفر على قدرات بشرية ووسائل مادية كبيرة، وكل هذا موظف من أجل زعزعة البلاد وأمنها واستقرارها”.
وأضاف ولد أحمد دامو خلال حديثه في برنامج على قناة الوطنية الخاصة: “يجب بصورة صريحة، إن كان هناك حدًا، أن يوضع لمثل هذه الانحرافات عن الخط العام، وهو فك حزب تواصل، لأنه بات يشكل خطرًا حقيقيًا على المسار الديمقراطي، وعلى الحريات في موريتانيا”.
ويتهم قادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، قادة حزب تواصل بالوقوف خلف التفسير المتداول لخطاب الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، الذي أثار موجة سخط كبيرة في موريتانيا.
واتهمت المعارضة الموريتانية محمد ولد عبد العزيز بمحاولة المسّ من اللحمة الوطنية من خلال توجيه خطابه في مدينة النعمة، الثلاثاء الماضي، إلى شريحة الحراطين واتهامها بالتسبب في الفوضى في النسل.
من جهتها عبرت قيادات في حزب تواصل عن استعدادها لأي قرار يمكن أن يصدر من النظام الموريتاني، معتبرين أن ما يروج له أتباع النظام في الفترة الأخيرة قد يكون منحة للشعب الموريتاني.
وأكد منخرطون صلب الحزب أن مساعي إقصاء حزبهم وتهميشه غير ممكنة أو مجدية نتيجة القبول الشعبي الذي يتمتع به، معتبرين أن البلد الذي لا يتمتع فيه الدستور بقيمة رمزية لدى صناع القرار، ولا تحترم فيه القوانين ولا الاتفاقيات الدولية من قبل واضعيها والمكلفين بتنفيذها، تكون القرارات الصادرة من قبله أقل قيمة ومعنى.
وقال آخرون إن حزب تواصل حزب وطني مناضل وهو حزب حقيقي له جمهور على الأرض وليس مثل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم الذى تموله الدولة وتحشد له القبائل ورغم ذلك فشل في إيجاد أرضية وموطئ قدم على الساحة وبمجرد رحيل الجنرال سيتحول إلى أطلال وحزب جمهوري سابق ويحال إلى المتحف حسب قولهم.
تأسس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” في 3 أغسطس عام 2007، بعد فشل التيار الإسلامي في العقود الماضية في اكتساب الشرعية الحزبية، ليصبح حزبًا معترفًا به من طرف الدولة.
نشأ التيار الإسلامي بموريتانيا في حقبة السبعينات من القرن الماضي في أوساط خريجي الجامعات القادمين من المشرق العربي، كأحد العوامل الخارجية التي أسهمت بالإضافة إلى عوامل داخلية كالثقافة الإسلامية المحظرية، في ظهور تيار إسلامي موريتاني تطلع فيما بعد للحركية والسعي للحزبية، فكان نتاج ذلك التلاقح ما عرف فيما بعد بحزب تواصل.
وكان تنظيم “الجماعة الإسلامية” أول من ظهر عام 1978، لكن كجمعية فقط، وفي عام 1990 انضوى عدد من الجمعيات الإسلامية في تنظيم سياسي أطلق على نفسه لقبًا مختصرًا هو “حاسم”، نسبة إلى الحركة الإسلامية في موريتانيا.
طلب الإخوان المسلمين، بعد صدور القانون المنظم للأحزاب في 25 يوليو 1991، بتأسيس حزب سياسي لكن السلطة رفضت، فانخرطوا في المعارضة السياسية لنظام الرئيس معاوية ولد الطائع، وفي سنة 2005 بعد سقوط نظام معاوية، حاولوا مجددًا دخول المعترك السياسي، فتم إنشاء حزب الملتقى الديمقراطي ثم حركة الإصلاحيين الوسطيين، وأخيرًا تجربة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل”.
ومن أبرز قادة تيار الإخوان المسلمين في موريتانيا الشيخان ولد إبراهيم ولد بيب، وهو أحد أبرز رموز العمل الثقافي الإسلامي، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي قبل أن يغادر البلاد في منحة خارجية عاد منها ليلتحق بصفوف التيار الإسلامى حيث عمل ناشطًا في العمل الثقافي والطلابي مطلع الثمانينات قبل أن يتولى إدارة جمعية الحكمة للأصالة والتراث الإسلامي، واستمر في إدارتها 4 سنوات قبل اعتقاله عام 2003 مع عدد من رموز الحركة، وإصدار السلطات الأمنية قرارًا بإغلاق الجمعية في مايو 2003، وقد انتخب الشيخان في ديسمبر الماضي 2006 عمدة لبلدية دار النعيم بالعاصمة نواكشوط، ويعتبر الآن أحد أبرز القادة السياسيين للتيار الإسلامي الموريتاني.