صوم زكريا
اعتاد العراقيون من المسلمين والصابئة المندائيين (أتباع النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام) صيام أول أحد من شهر شعبان، حيث تصوم النساء العراقيات صوم زكريا إيفاءً بنذورهن والمتعلقة غالبًا بإنجاب الأولاد وذلك بالصوم عن الأكل والشرب والكلام من الفجر وحتى المغرب.
وقد سمي هذا اليوم بيوم زكريا لاقترانه بالنبي زكريا – عليه السلام – حين بشره الله – عز وجل – بغلام أسماه يحيى، وقد كانت زوجته عاقرًا وقد تجاوزت التسعين من العمر، كما جاء في محكم كتابه العزيز {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} صدق الله العظيم، وهكذا كانت معجزة النبي زكريا أملاً يدفع المرأة العراقية للدعاء والتضرع الى الله والصيام ليرزقها الذرية من البنين خصوصًا، وبهذا أصبح أول أحد من شهر شعبان مناسبة دينية وموروثًا شعبيًا.
صينية زكريا
اقترن صوم زكريا بإعداد صينية زكريا والتي تعد موروثًا شعبيا اشتهرت به العراقيات من العديد من الأديان والطوائف، حيث تقوم المرأة العاقر أو من تريد أن يرزقها الله بطفل ذكر أو صاحبة النذر مهما كان، بإعداد صينية مملوءة بأنواع مختلفة من الحلويات كالزدة (الحليب والرز) والحلقوم الملونة والحامض حلو (سكاكر ملونة) واللوز والسكر والسمسم والسكر والكليجة وأنواع مختلفة من المكسرات والأكلات المشهورة كالدولمة وبعض الفواكه والخضراوات وتوضع الشموع في الصينية شمعة لكل فرد من أفراد الأسرة وتكون شمعة صاحبة النذر مميزة عن باقي الشموع كما وتزين الصينية بأوراق الأس الأخضر والورود.
وتوضع الصينية في منتصف فناء الدار ويوضع حولها إبريق لكل ذكر من الأولاد ووعاء لكل بنت ومع حلول المغرب توقد الشموع ويبدأ الاحتفال ويقوم الأطفال بالضرب على الطبول وترديد أنشودة زكريا من الموروث الشعبي “يا زكريا .. عودي عليَْ .. كل سنة وكل عام .. أهدي صينية)، ثم توزع الحلويات على الجيران ومن تريد طلب نذر توقد شمعة من شموع أحد الجيران أو الأصدقاء وإن تحقق نذرها تقوم بعمل صينية خاصة في العام المقبل، ومن يمنعها المرض وتقدم السن عن الصوم تقوم بالطلب من إحدى قريباتها أو معارفها بالصوم نيابة عنها.
الصواني العراقية
من الموروث العراقي الشعبي صواني المناسبات والاحتفالات؛ فلكل مناسبة وحفلة صينية خاصة ونذكر منها:
صينية (السبع بياضات) والتي تحضر يوم المهر (عقد القران) وتوضع فيها سبع مواد بيضاء كالسكر والملبس واللبن أو القيمر أو الحليب والرز والطحين والملح وأي مادة بيضاء، فحسب المعتقد العراقي أن صينية البياضات تجلب السعادة للعروس وتجعل حياتها بيضاء.
صينية (السبع بياضات)
صينية البخت (الحظ): وتحضر هذه الصينية يوم عقد القران أو يوم الحنة وتوضع فيها أنواع مختلفة منالحبوب والبهارات كالهال والفلفل الاحمر وترتب بشكل فني حسب الالوان وتوضع امام العروس لاعتقادهم انها تجلب الحظ وتطرد الحسد.
صينية البخت
صينية الحنة (الحناء): تحضر صينية يوم الحنة (ليلة الزفاف) وتوضع فيها عجينة الحنة وأشرطة حمراء، وتوقد حولها شموع الكافور المزينة والمرصعة باللؤلؤ وتزين بالياس الأخضر، وتوضع الحنة في راحة يد العروس وتوضع فوقها ليرة ذهب أو روبية وتلف بشريط أحمر مزين وتبقى حتى صباح يوم الزفاف تزيلها العروس، وبعد الزفاف تضعها في صندوق الذهب لكي يزيد ذهبها ويبارك الله فيه كما يعتقدون، وكذلك توضع الحنة على إصبع الخنصر للعريس كما ويزين كل من صديقات العروس وقريباتها وأصدقاء العريس أصابعهم بالحنة.
صينية الحنة
صينية الطهور (الختان): تحضر صينية الطهور ليلة الطهور وتلصق بها الشموع وتوضع بها كؤوس الحنة وتزيين بالياس الأخضر تبركًا وتيمنًا بالطهور.
صينية الطهور
صينية المولد: تحضر صينية المولد احتفالاً بذكرى مولد الرسول – عليه الصلاة والسلام – تيمنًا وتبركًا بمولده، وتحتوي الصينية على الحلويات والسكاكر والزردة (رز وحليب) والمكسرات وتوضع حولها الشموع وتزين بالياس الأخضر.
صينية المولد النبوي
وتبقى الصواني العراقية تراث عراقي متوارث رغم تحريم البعض منها كونها تخالف تعاليم بعض الطوائف والأديان وتتركز هذه التقاليد في العاصمة العراقية بغداد وتختلف في بعض المحافظات وهي دليل واضح على التشابك الثقافي في العراق حيث تشاهد الإحتفالات لطائفة معينة تنتقل لتكون عراقية يشترك فيها الجميع.