أطلقت تسمية “حرائر الإسكندرية” على إسراء ورفيقاتها على إثر إصدار الحكم الجائر بسجنهم لمدة 11 عاما، وأطلقت تسمية “شارة رابعة” على إشارة الأربع أصبع بعد أن رفعها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ولكن ما لا يعلمه كثيرون، هو أن يوم المحكمة لم يكن أول عهد إسراء مع الحرية، وكذلك لم يكن أردوغان أول من بادر إلى رفع شارة رابعة.
فقبل وقوع مجزرة فض الاعتصامات في ميداني رابعة والنهضة بيومين، فاجأت بنت ال19 ربيعا من كانوا معها في الاعتصام برسم يحمل الأصابع الأربعة لشارة رابعة، ويتخلل الأصابع علم مصر، فيما تنزف الأصابع دِماء توقعتها إسراء وأكدتها الأيام، وزينتها بعبارة: “يقين بنصر الله”:
ويقين إسراء بنصر الله، جعل والدتها آمال تتحدث للأناضول عن مصير ابنتها بصوت تملأه الثقة قائلة:”ابنتي البكرية (أول مولود) هادئة، لا تعرف الشقاوة، تحمل روحا طيبة، تمضي وقت فراغها بين الرسم والشعر، تلك هي ابنتي، وستظل هكذا مهما قالوا عنها، ابنتي لا تعرف كيف تمسك سكينا من الأساس فكيف ستمسك بالسلاح”، وتضيف أم إسراء قائلة: “صحيح أنني لا أتخيل أن تبات ليلها بعيدا عني، لكني أشعر بيدها تربت على كتفي وتخبرني ألا إن نصر الله قريب يا أمي، مثلما كانت دائماً تقول لي ولأخوتها”.
وبريشتها الحرة الممتلئة بألوان الحرية، حملت رسوم إسراء ما يعبر عن شخصيتها، ومن بين تلك الرسوم “وجوه كارتونية”، وأخرى لـ”عصافير” تحمل ألوانا مبهجة انتقلت بينها إسراء بريشة طفلة لم تلتحق بالجامعة بعد، ورسوم أخرى لها وهي تتسلم شهادة تخرجها من الثانوية العامة كما كانت تنتظر، فيما كان لثورة 25 يناير النصيب الأوفر من رسوماتها.
وفي يوم اعتقالها، وقبل أن تذهب إلى المظاهرة بساعات، كتبت إسراء عبر صفحتها على موقع الفايسبوك: “حركة 7 الصبح .. محدش ينام (لا تناموا)، غدا يوم عالمي”، وتقول والدتها عن ذلك اليوم: “كنت أعرف أنها تخرج للمظاهرات بعد الظهر، لكنها لم تخبرني ذلك اليوم بمظاهرة الصباح، ولا أعرف كيف يقبضون على فتاة في مقتبل العمر، لم تفعل شيئا عدا أنها أرادت أن تدافع عن حقها وحقنا في بقاء الرئيس الذي انتخبناه”.
وتتابع الأم بابتسامة تتذكر فيها كيف كبرت ابنتها سريعا: “كانت أول مرة تنتخب فيها، وكانت سعيدة جدا، وقفنا وقتها خمس ساعات بسبب طول الطابور لكنها كانت الأكثر حماسا بيننا، كانت تشعر أن صوتها الانتخابي دليل على أنها “كبرت خلاص” .. بعد الإنقلاب شعرت أنها قد سُرقت.. وسرقونا .. سرقوا صوتها”.
وإلى الآن تتذكر الأم كيف كانت ابنتها ذات الخمار الأبيض تؤازر أخاها في دراسته وكيف دفعت به للالتحاق بكلية الهندسة، حيث أرادت أن يحقق لوالديها ما لم تحققه هي، بعد أن اختارت لنفسها كلية الفنون الجميلة راغبة في صقل ريشتها وتهذيب ذوقها ، وهو ما يعلق عليه شقيقها خالد قائلا: “ولكن يبدو أن القاضي اختار لها السجن وجدرانه وقضبانه الحديدية”.
ورغم حسرة العائلة على فراق إسراء، فإنها ترفض بشدة ما يتردد عن طلب “العفو الرئاسي” عنها، وتقول والدتها: “أكيد أنا أم وأريد ابنتي اليوم قبل الغد لكن العفو يكون لمن أجرم، وبناتنا لم يجرموا، فلماذا أنتظر العفو عنها؟ ابنتي بريئة والعفو هذا بمثابة تثبيت لتهمة لم ترتكبها.. وإذا ما استحقت أن تعين مدرسة بالجامعة بعد الأربع سنوات كيف سيقبلون بصحيفتها الجنائية ومكتوب بها عفو رئاسي؟”.
ويؤكد خالد كلام أمه: “أختي عندما سمعت الحكم عليها ب11 عاما وشهر من مدير السجن، ضحكت، لأنها تعرف أنها مظلومة، قالت لأمي أثناء زيارتها لها هذه منحة (إلهية) يا أمي، وليست محنة … إسراء نفسها لم تكن لتقبل بهذا العفو”.