مع اقتراب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من مدينة مصراتة وسيطرته على بعض المدن والقرى المجاورة لها، تُطرح من جديد فرضية تدخل عسكري أجنبي لإنقاذ هذه المدينة الأهم لحكومة الوفاق الوطني الليبية.
وأشارت تقارير إخبارية أمس إلى سيطرة تنظيم داعش على منطقة أبو قرين القريبة من مصراتة غرب ليبيا بعد اشتباكات بدأت قبل أسبوع تقريبًا مع قوات عسكرية تابعة لحكومة الوفاق الوطني.
وبعد سيطرته على أبو قرين، أصبح تنظيم الدولة الإسلامية قريبًا للغاية من مدينة مصراتة، إذ أضحى يحاصرها من ناحية طريق رئيسية كانت تربطها بالشرق الليبي.
وسبق لتنظيم داعش السيطرة على المناطق الممتدة من بن جواد شرقًا إلى أبو قرين غربًا على طول نحو 250 كيلومترًا من السواحل الوسطى لليبيا.
ومع اقتراب داعش من مدينة مصراتة الداعمة لحكومة السراج، عادت مسألة التدخل العسكري الأجنبي للواجهة، في وقت ذكرت فيه صحيفة واشنطن بوست، الخميس، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين أن قوات أمريكية للعمليات الخاصة تتمركز في موقعين في ليبيا منذ أواخر العام الماضي، كجزء من استراتيجية عسكرية أمريكية، تحسبًا لزيادة مقاتلي داعش في ليبيا مع هزائمهم المتزايدة في سوريا والعراق.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين، أن فريقين من الجنود يقل عددهما الإجمالي عن 25 جنديًا يعملان من مناطق حول مدينتي مصراتة وبنغازي، سعيًا إلى استمالة حلفاء محتملين وجمع معلومات مخابرات بشأن التهديدات المحتملة.
وأشارت الصحيفة إلى وجود قوات عسكرية خاصة (كوماندوز) من الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، تشارك مع كتائب مصراتة الموالية لحكومة السراج، في مناوشاتهم ضد تنظيم داعش في غرب البلاد.
واقتصر التحرك الأمريكي في ليبيا، حتى الآن، إلى جانب إرسالها مجموعة صغيرة من قوات النخبة إلى ليبيا لجمع المعلومات الاستخبارية والاتصال بعدد من الفصائل المقاتلة، على تنفيذ غارات جوية على موقع يشتبه في استخدامه معسكرًا لتدريب عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وعلى شخص يشتبه في تورطه في هجمات دامية في تونس.
وتأتي مساعي داعش للسيطرة على مدينة مصراتة والمدن المجاورة لها بعد فشل التنظيم في السيطرة على منطقة الموانئ النفطية شرقي بن جواد.
وتعمل قوات مصراته الداعمة للمجلس الرئاسي في طرابلس على صد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية المتتالية، لكنها تبقى عاجزة عن ذلك دون مساعدة قوية من أطراف أخرى حسب العديد من الخبراء.
وأعلنت كتائب مصراته، مؤخرًا، حالة النفير في جميع مناطق الغرب الليبي، وعقدت اجتماعات متتالية مع عدد من كتائب المدن الليبية في الغرب، للتنسيق فيما بينهم والعمل على طرد داعش من منطقة أبو قرين والزحف نحو معقلها الرئيسي في سرت.
وتنتظر أمريكا والعديد من الدول الغربية، طلبًا رسميًا من حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، للتدخل العسكري هناك ومحاربة تنظيم داعش والحد من الهجرة غير الشرعية التي تتخذ من ليبيا مكان انطلاق.
في هذا السياق أفادت تقارير صحفية عن مسؤولين ودبلوماسيين أمريكيين أن الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لتخفيف الحظر المفروض من الأمم المتحدة على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، وذلك بهدف مساعدة حكومة الوفاق الوطني على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وتخضع ليبيا لحظر على الأسلحة فرضته الأمم المتحدة عام 2011، غير أنه انتهك مرارًا لصالح فصائل مسلحة تنشط في هذا البلد.
وتزامنًا مع التطورات الأخيرة في الجانب السياسي والميداني، اتخذت الحكومة خطوات صغيرة لاستعادة السيطرة على الوزارات والبدء بتشكيل قوة جيش وطنية فعلية، حيث أعلنت الحكومة تشكيل قوة “حرس رئاسي” في وقت سابق هذا الأسبوع لحماية المباني الحكومية والمواقع الحكومية والمنشآت الحيوية والشخصيات المهمة.
وفي سياق متصل، أعلنت الولايات المتحدة الجمعة أنها أقرت عقوبات ضد عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق الذي يرفض الموافقة على حكومة الوفاق الوطني.
واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية، صالح، في بيان لها، بعرقلة عملية التصويت على منح الثقة أكثر من مرة لحكومة السراج، ومعارضة عملية الانتقال السياسي في ليبيا، وكان الاتحاد الأوروبي قد اتخذ قرارًا مماثلاً في الأول من أبريل، يشجب سياسة صالح “المعرقلة” لعمل الحكومة الجديدة.
وبسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، فشل مجلس النواب في طبرق في عقد جلسة له لنحو 8 مرات، خلال الشهرين الماضيين، من أجل المصادقة على ممارسة حكومة الوفاق الوطني أعمالها من طرابلس؛ ما دعا بعض أعضاء الأخيرة إلى التوجه لطرابلس قبل بضعة أيام، وبدء ممارسة مهامهم منها.
وفي فبراير الماضي، تشكلت حكومة الوفاق الوطني ومجلس رئاسي لها في ليبيا، وفق الاتفاق السياسي بين أطراف الصراع في البلاد الموقع في مدينة الصخيرات المغربية بموجب خطة تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء حالة الفوضى والصراع التي تعاني منها ليبيا منذ ثورة 2011، ولم تنل تلك الحكومة ثقة مجلس نواب طبرق المنحل حتى اليوم.