“مثل غاندي، مارتن لوثر كينغ، ونيلسون مانديلا …” كم مرة سمعت أو قرأت جملة مثل تلك لوصف سياسي في مكان ما في محاولة لاستلهام النموذج السلمي والنضال اللاعنيف؟ في الحقيقة يمكنك أن تبحث عن الثلاثة أسماء في أي محرك بحث كي تدرك الأمر
من الممكن طبعا أن نقبل ربط الأشخاص ذوي السلطة الأخلاقية الضخمة ببعضهم، لكن هذا في الحقيقة مضلل بعض الشيء. مانديلا لم يكن أبدا داعية لا عنف، فعندما جلب أسلوب غاندي، الذي يعتمد على العصيان المدني اللا عنيف، العنف من الدولة، قال مانديلا بوضوح: “هناك وقت يمر بحياة الأمم، عندما لا يبقى هناك سوى حل من اثنين: إما الاستسلام أو القتال، هذا هو الوقت الذي تمر به جنوب إفريقيا الآن. لن نستسلم ولا نملك خيارا آخر سوى أن نرد الضربات بأقصى ما نستطيع دفاعا عن أنفسنا، شعبنا، مستقبلنا وعن حريتنا”
مانديلا لم يكن إرهابيا، لكنه عندما شارك في تأسيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ANC ، وجناحه المسلح الذي ارتكب بعض أعمال العنف، التي لم تكن أبدا ضد مدنيين أو غير محاربين من العرق الأبيض، ذهب إلى الجزائر وحصل على تدريب من جبهة التحرير الوطني في الجزائر، الذين كانوا قد ساهموا لتوهم في طرد المحتل الفرنسي من بلادهم.
مانديلا أوقف أعمال العنف التي تقوم بها منظمته فقط بعد أن قرر نظام الفصل العنصري (الآبارتهايد) اعتماد الديمقراطية. لم يكن مانديلا “سلميا” بهذا التعريف إذا، ولم يتردد مطلقا في حمل السلاح عندما رأى أنه لا بديل سوى الاستسلام أو القتال، لكننا لا يمكن أن نصفه بأنه داعية عنف كذلك، مانديلا لم يفكر مرتين عندما وجد أمامه طريقا سياسيا ليسلكه، وفي هذا تحديدا، لدى مانديلا الكثير ليتعلم منه العالم.
الولايات المتحدة تعرف ذلك جيدا، ومنذ عهد الرئيس رونالد ريغان، كان المؤتمر الوطني الإفريقي و نيلسون مانديلا شخصيا على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة، لكن في عام 2008 أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كونداليزا رايس عن امتعاضها من الأمر قائلة إنه “ينطوي على إحراج كبير”. ثم أُلغي التصنيف بقانون وضعه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، هاورد بيرمان.
مانديلا كانت له العديد من المواقف التي رأى فيها حق الشعوب في استخدام العنف، ومن الكلمات التي نُقلت عنه أنه أدان بشدة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عندما وقع اتفاق أوسلو.
https://twitter.com/Razanzhdh/statuses/408886117447258112
إن ما يمكننا فعله الآن هو التفكير مليا فيما تعنيه الرغبة الدولية الجامحة في تحويل نيلسون مانديلا إلى بطل من أبطال النضال السلمي اللا عنيف، في وقت لم يكن ليستطع هو ولا شعبه الحصول على حريتهم والتخلص من نظام الفصل العنصري بدون استخدام العنف المنظم.
مترجم بتصرف من Africa As Country