ترجمة وتحرير نون بوست
كيف استطاع جيش من الشباب إقناع فيسبوك، غوغل وعمالقة إنترنت آخرين بأن يعترفوا بدولتهم الوليدة “كوسوفو”؟
ربما يبدو مصطلح “أبطال الديجيتال” مألوفا كإسم لبرنامج رسوم متحركة شهير للأطفال، لكن في كوسوفو الوضع مختلف، فأبطال الفضاء الإلكتروني وما يُعرفوا بدبلوماسيو الديجيتال استطاعوا أن يوجدوا لبلدهم مكانا على الخريطة.
لقرون طويلة، “أن تضع بلدا على الخريطة” كان يعني بحارا من الدماء في معارك يسجلها التاريخ، أو حتى بمحاورات ومناقشات ومفاوضات بين دبلوماسيين في غرف مليئة بدخان السيجار المتوتر. لكن الدول الجديدة وجدت طريقا آخر: فاعتراف الأمم المتحدة بك عبر أصوات الدول ليس كافيا، تحتاج أيضا أن تفوز على عمالقة الانترنت مثل غوغل وفيسبوك.
الدبلوماسية في الفضاء الإلكتروني (لنسمها الإلكترونية)، ونقصد بها أن يشتبك الدبلوماسيون مع مواطنيهم، المتحالفين معهم وأصدقاءهم، أو حتى مع منافسيهم وأعداءهم في جدالات وحوارات، هي مصطلح جديد نسبيا، لكنه يعيد صياغة العلاقات التقليدية للسلطة بالدبلوماسيين.
طبقا لمعهد بروكنغس للأبحاث، وزارة الخارجية الأمريكية لديها ما لا يقل عن ١٥٠ موظفا بدوام كامل يعملون كدبلوماسيين على الإنترنت فقط، بريطانيا والاتحاد الأوروبي لديهم الأمر نفسه، بل حتى إيران وضعت رئيسها الجديد حسن روحاني على تويتر رغم أنها تمنعه بالأساس عن مواطنيها.
لكن اليوم، دولة جديدة مثل كوسوفو استطاعت أن تحقق أقصى النجاحات الممكنة من خلال هذا الطريق، عبر شباب مليء بالطموح والإمكانات، استطاعوا بالفعل أن يغيروا ما تعنيه كلمة الدبلوماسية الإلكترونية.
من المؤكد أن كوسوفو لديها الكثير لتحارب من أجله، فبعد خمس سنوات من الاعتراف الأحادي الجانب باستقلالها عن صربيا، وبعد اعتراف ١٠٦ دولة عضو بالأمم المتحدة بها، كوسوفو لا تزال تناضل من أجل الاعتراف بها من دول مثل روسيا، الهند والصين والكثير من الدول المؤثرة الأخرى.
وفي العادة، تستطيع الدبلوماسية الإلكترونية أن تربط بين النشطاء في كوسوفو وبين النشطاء في تلك الدول الذين يضغطوا على دولهم للاعتراف بدولة أصدقائهم الوليدة، لكن هذا ليس ما فعله شباب كوسوفو.
فالدولة الوليدة يتم تجاهلها من أشباه أمازون، إي باي، غوغل، سكايب وياهو الذين لم يعترفوا باستقلال كوسوفو على مواقعهم الإلكترونية حتى الآن. وآلاف المواقع الأخرى الأقل انتشارا لم تُضف بعد دولة كوسوفو من ضمن الدول في القائمة المنسدلة التي يختار منها المستخدم دولته.
الأمر مستفز للغاية ويشكل عبئا على المواطن الكوسوفي، فليطلب أحد المواطنين مثلا كتابا من موقع أمازون، وأراد أن يتم توصيله إلى بيته في بريشتينا عاصمة كوسوفو، فإنه لا يمكنه أن يفعل ذلك إلا باختيار “ألبانيا” كالدولة التي يقيم بها.
الدولة التي يقيم بها أكثر من ٢ مليون شخص، يبلغ عدد الشباب بها تحت سن الثلاثين أكثر من ٧٠٪، معظمهم متصلون بالإنترنت. ومع الأدوات المناسبة، يمكنهم دعم مساعي بلادهم في الحصول على حقهم الطبيعي للغاية من أن يتم الاعتراف بدولتهم من قبل الجميع.
الآداة الأهم التي يستخدمها الشباب في كوسوفو هي آداة طورتها شركة وطنية عبر موقعها على الإنترنت. فالموقع الذي يعمل منذ سبتمبر يحتوى على العديد من القوالب الجاهزة للإرسال فورا للشركات والمواقع التي لا تحتوي على كوسوفو في قائمة الدول بها، كما أنه يحتوي أيضا على تعليمات للمستخدمين عن كيفية التصرف في حالة كان الموقع أو الشركة قد اعتبر كوسوفو جزءا من صربيا أو من ألبانيا.
القوالب يتم إرسالها خلال ثوان بعد إضافة اللمسة الشخصية عليها إلى أعلى السلم الإداري لدى تلك الشركات.
المقصود من تلك القوالب أن تضع المزيد من الضغط على الشركات، المطارات، الصحف، والجامعات التي لا تعترف بكوسوفو كدولة مستقلة. الهدف النهائي: أن يستخدم المواطن من كوسوفو الإنترنت بشكل طبيعي للعمل، حجوزات الطيران، والتسوق الإلكتروني وكل شيء آخر!
كوشتريم زاكلي يريد أن يغير الأمر الواقع، فالشاب الكوسوفي استطاع أن ينسق حملة يضم فيها جيل كامل من الكوسوفيين إلى السلك الدبلوماسي .. الإلكتروني هذه المرة.
فشركة زاكلي هي التي طورت الأداة سابقة الذكر، كما أنه يحاول الآن إغراق خدمة خرائط غوغل بآلاف الرسائل الجاهزة مطالبين غوغل بالاعتراف بالدولة، كما أرسلوا تلك الرسائل كذلك إلى مطارات لندن وسيدني الذين استجابوا بالفعل وأضافوا كوسوفو كدولة مستقلة، أو إلى مطار بروكسل الذي ما زال يعتبر العاصمة بريستينا جزءا من صربيا، حتى بعد أن أزيلت مساحة كوسوفو من خريطة صربيا على لوحة معلومات المطار.
داعمي تلك التحركات يضمون وزارة الخارجية الكوسوفية بالإضافة إلى المركز الثقافي البريطاني والسفارة النرويجية في بريستينا يرون أن الاعتراف بكوسوفو على الإنترنت له رمزية وأهمية فائقة.
الحملة نجحت بالفعل سابقا، ففي نوفمبر، وكما نشرنا على نون بوست ، فقد قبل فيسبوك إضافة كوسوفو كدولة مستقلة بعد أن كان مستخدموه يضطرون إلى إضافة أنفسهم كمواطنين من صربيا. الحملة أيضا نجحت في إضافة كوسوفو إلى بعض المواقع الصغيرة نسبيا مثل موقع ميل تشيمب.
المصدر: فورين بوليسي