كثيرًا ما نادى تونسيون بمقاطعة برنامج تليفزيوني أو إذاعي أو حتى منتج تجاري، لكنها المرة الأولى التي يقاطعون فيها قناة فضائية تعتبر الأكثر مشاهدة في البلاد.
أطلق تونسيون بداية الشهر الماضي حملة مقاطعة لقناة الحوار التونسي الخاصة على خلفية ما اعتبروه سعي القناة لبث الرذيلة وتفكيك المجتمع التونسي من خلال برامجها التلفزيونية، وانطلقت الحملة بعد اعتزام القناة بث فقرة خاصة بأحد الشواذ جنسيًا، في برنامجها الاجتماعي “عندي ما نقلك” قبل أن تعدل عن قرارها وتلغي البث نتيجة الضغط المجتمعي الذي مورس عليها، ومع مرور الوقت تطورت الحملة وتجاوزت مقاطعة برنامج واحد إلى مقاطعة القناة ككل.
وتعتبر قناة الحوار التونسي حسب العديد من التونسيين من بين القنوات والإذاعات التي تعمل على إلهاء الشعب التونسي بقضايا هامشية على حساب القضايا الأهم في البلاد، ويتهمها آخرون بالعمل وفق مخطط يهدف إلى تمييع القضايا الجدية واستغلال كل مصاب بالبلاد لخدمة أجندات حزبية، من ذلك موضوع الإرهاب، إذ جعلته قصدًا موضوع تجاذبات سياسية، حسب قولهم.
ودشّن نشطاء ومدونون على مواقع التواصل الاجتماعي بتونس هاشتاج #قاطع_قناة_الحوار #قاطع_اعلام_العار في إشارة لقناة الحوار التونسي لصاحبها سامي الفهري.
من جهتها نشرت صفحة “معاً لنكتشف الحقائق الخفيه” فيديو يظهر تونسي يقوم بحذف قناة الحوار التونسي بعد وصف سمير الوافي المقاطعين بالحثالة حسب تعبيرها.
بدوره كتب المدون التونسي ياسين العياري في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “المقاطعة خيار شخصي، سلمي، وطريقة احتجاج ومواطنة راقية، أعتقد أنها ناجعة، ألزم بها نفسي ولا ألزم بها أحدًا، ولا أحد مهما علا قدره يختار الذهاب إلى التونسية معفي من النتائج، مقاطعة التونسية ومن يذهبون إليها ومستشهريها، تشمل الحديث عنهم وبرتاج حكاياتهم وصورهم وأسمائهم على الفايسبوك والتعليق على أي شيء يحدث في برامجهم”.
واعتبرت صفحة “رجال الثورة بالكرم 2” أن المقاطعة ثقافة شعب، وكتبت تدوينة “المقاطعة ثقافة شعب، المقاطعة متواصلة، نحن لكم بالمرصاد يا أعداء هذا الوطن”.
وعلق تونسي يدعى لطفي على موقف رئيس حزب التيار الديمقراطي محمد عبو من حملة المقاطعة ودعوته إبداء الرأي والتحلي بحسن الأخلاق “نحن سنواصل مقاطعتنا وهذا سلاحنا الوحيد، وسنقاطع كل ما ومن تخول له نفسه بأن ينتقص من هذا الشعب ويحاول جاهدًا استحماره، هذه بداية ثورة ثانية وستكون ثورة فريدة من نوعها كما عودنا العالم، لا دخل للمشانق ولا للسحل في الشوارع ولا للتجمهر في الشوارع، هذي ثورة ثقافية فكرية من وراء شبكات التواصل الاجتماعي، سنتحكم في كل شيء وسنقلب الأدوار، كفانا من لعبة الديمقراطية، لقد أظهرت فشلها وكشفت عن ثغراتها، سنواصل المقاطعة ليس حقدًا أو كرهًا للطرف الآخر وإنما حفاظًا على إنسانيتنا وعلى الأجيال اللاحقة وحقهم في العيش الكريم”.
وانتقد آخرون حضور بعض السياسيين في برامج قناة الحوار التونسي واعتبر ذلك ضربًا لحملتهم، في هذا الإطار نشر المشرف على صفحة تونس حرة و التجمع على برة صورة لبعض السياسيين الذين حضروا في القناة وعلق عليها قائلاً: “عادي في بلادي! سياسي كل نهار يحكي (يتحدث) على مكافحة الفساد ثم يجري (يذهب) على بسكلات (دراجة هوائية) لقناة معروف أنها وكر للفساد المالي والأخلاقي (في إشارة لقناة الحوار التونسي)، عادي في بلادي! سياسي آخر، في يدّو (يديه) سبحة يمشي (يذهب) لبرنامج كلّه بذاءة وكلام سوقي، قلّك المبادئ لا تتجزّأ، في تونس تتجزّأ وتتّقسم وتُمحى، المهم الكرسي! إذا هاذي هي السياسة فما أقذرها! ومحلاها حملة المقاطعة التي أسقطت أقنعة الكاذبين”.
وكتبت صفحة “اتحاد صفحات جندوبة: كلنا جندوبة” “قاطع من أجل فرض مشهد إعلامي محترم في تونس، فرضت الهبة الشعبية وحملة المقاطعة الواسعة لأحد رؤوس إعلام العار في تونس وجودها وتأثيرها، المشرفون على قنوات وإذاعات إعلام العار مضطرون إلى تغيير وتعديل منهاجهم وأساليبهم، ولن يستطيعوا تجاهل هذه الحملة لأنها أصبحت مقلقة جدًا وتهدد كيانهم ماديًا ومعنويًا، أدعو أحرار تونس إلى مزيد من المقاطعة والضغط، بالتأكيد سوف يفرضون معادلة جديدة على الإعلام أفضل بكثير من مرحلة ما قبل المقاطعة، كلما اشتد الخناق عليهم مضطرون للتنازل والتغيير ومسايرة الواقع الجديد، واصلوا المقاطعة يا أحرار تونس من أجل فرض مشهد إعلامي محترم وراقٍ”.
ونفى القائمون على هذه الحملة أن تكون أحزاب سياسية وراء حملتهم، وكتبت الناشطة حليمة معالج في هذا الشأن “إن حملة مقاطعة قناة الدعارة التي نخوضها منذ حوالي شهر هي حملة تلقائية التقى حولها من يختلفون عادة حول عدة مسائل أخرى إلى درجة التنافر، ولذا الرّجا عدم تسيس الحملة”.
وتجاوزت الحملة مقاطعة القناة إلى مقاطعة منتجات الشركات التي تقوم بالإشهار فيها، ونشر المقاطعون لأسماء شركات قالوا إنها تساهم في انتشار هذه القناة ونادوا التونسيين بضرورة مقاطعتها.