نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية تقاريرًا للحكومة الألمانية تتضمن مسودة لخطط الحكومة بإنفاق ما يقرب من 100 مليار دولار حتى عام 2020 تشمل استقبال 1.9 مليون لاجئ على أراضيها خلال الخمس سنوات المقبلة، وبحسب الصحيفة فإن حسابات وزارة المالية بنيت على أساس حساب تكاليف السكن وتأهيل اللاجئين للاندماج في المجتمع الألماني.
وبحسب المسودة فإنه من المتوقع أن ينخفض عدد اللاجئين هذا العام إلى 600 ألف بسبب الاتفاق الذي وقعته دول الاتحاد الأوروبي مع تركيا مؤخرًا والذي يمنح المواطنين الأتراك الدخول إلى دول الاتحاد بدون تأشيرة شنغن مقابل إيواء تركيا عدد أكبر من النازحين على أراضيها، أما في العام 2017 فإنه من المتوقع أن تستقبل ألمانيا قرابة 400 ألف لاجئ و300 ألف لاجئ في السنوات التالية حتى عام 2020، كما تتوقع الحكومة الألمانية أن يتمكن 55% من اللاجئين الذين ستقبل طلباتهم للاستقرار في ألمانيا من الحصول على عمل بعد التأهيل خلال خمس سنوات.
وبحسب المسودة فإن الحكومة الألمانية ستنفق 25.7 مليار يورو على مصاريف السكن والإقامة التي ستدفع للاجئين ضمن نظام إعانة العاطلين عن العمل، وهو نظام معمول به في دول الاتحاد الأوروبي التي تحدد حد أدنى لمستويات المعيشة لجميع المواطنين كما تملي عليها دولة الرفاه، وستنفق الحكومة 5.7 مليارات يورو على برامج تعليم اللغة الألمانية لللاجئين و4.6 مليار يورو على التأهيل والتدريب لتجهيزهم لسوق العمل.
كما تشير التقارير أن كلفة حل أزمة اللجوء ستكلف الخزانة الألمانية في عام 2020 حوالي 20.4 مليار يورو مقارنة بحجم الإنفاق الحالي البالغ 16.4 مليار يورو.
ما الذي يستدعي ألمانيا لاستقبال اللاجئين؟
تواجه أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص أزمة ديمغرافية تتمثل في نقص أعداد الشباب القادرين على العمل مقابل زيادة أعداد المسنين، إذ ساهم نظام الرفاه الذي تبنته أوروبا منذ الستينات إلى زيادة أعمار المواطنين ورفع نسبة كبار السن بين السكان في أوروبا، وهذا ببساطة سيؤدي إلى نقص الأيدي العاملة في سوق العمل ويخلق أزمة اقتصادية في العديد من الدول الأوروبية خلال العقود المقبلة، أي أن أوروبا لن تتمكن من مقابلة احتياجات الإنفاق في السنوات المقبلة ما لم يرتفع عدد القوى العاملة القادرة على دفع الضرائب لدعم ميزانيات الإنفاق على المعاشات والرعاية الصحية للكبار، وبحسب دراسة اقتصادية أفادت أن أوروبا بحاجة إلى 50 مليون يد عاملة من المهاجرين حتى تتمكن من تفادي الوقوع في الكساد الاقتصادي.
دراسة اقتصادية أخرى ترى أن ألمانيا وحدها بحاجة إلى 1.5 مليون مهاجر شاب يدخلون سوق العمل سنويًا، حتى تتمكن الحكومة الألمانية من مقابلة نفقات معاشات المتقاعدين، كما أن ألمانيا وحسب الدراسة بحاجة إلى اثنين من العمال على الأقل لكل متقاعد عن العمل بحلول عام 2060.
على الطرف الآخر هناك من يرفض سياسات الحكومة الألمانية لاستقبال اللاجئين من أحزاب اليمين المتطرف والجماعات المناهضة للاجئين وعمدت إلى الخروج بمظاهرات وتحريض السكان ضد المهاجرين، وبحسب دير شبيغل فإنه من المتوقع أن تشهد ألمانيا احتجاجات بسبب تلك التقارير التي تنوي الحكومة إقراراها بعد التشاور مع الولايات الألمانية.
وبحسب الملياردير الأمريكي جورج سوروس فإنه توقع أن أزمة اللاجئين في أوروبا ستقود إلى تداعيات سلبية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ما لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب، وقد تؤدي لصعود الأحزاب والتيارات العنصرية لتسلم الحكومات وتفكك من وحدة الاتحاد الأوروبي.
واقترح خطة ستكلف دول الاتحاد بحدود 30 مليار يورو سنويًا حتى تستطيع أوروبا تحويل أزمة اللاجئين من عبء إلى فوائد تعم اقتصاد المنطقة الأوروبية كلها، علمًا أن الكلف المقترحة على أساس استقبال دول الاتحاد 500 ألف لاجئ سنويًا، ولا تقتصر على إيواء اللاجئين وإنما توفير الطرق التي ينفذ من خلالها اللاجئون إلى أوروبا.