منذ سنوات طويلة، تحاول الحكومة الإسرائيلية وبكل الطرق القمعية وغير القانونية المتوفرة لها، كسر “شوكة” حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الصلبة داخل مدن الضفة الغربية المحتلة، إلا أنها وحتى هذه اللحظة لم تنجح في ذلك، بل على العكس تمامًا، فالحركة تزداد قوةً والشعب يلتف حولها بحلقات أكبر وأقوى.
فحين تقوم قوات الاحتلال بشن حملات الاعتقال المنظمة لقيادات ونواب ومناصري حماس بالضفة الغربية، فنجد أن الحركة مستمرة في نهجها المقاوم والسياسي معًا وتقنع الفلسطينيين كثيرًا بذلك وهي محل ثقة بالنسبة لهم، وهذا ما ظهر مؤخرًا خلال الفوز الكبير الذي حققته في الانتخابات الداخلية، وكان آخرها نجاحهم في جامعة بيرزيت، حيث هزت نتائج تلك الانتخابات منافستها حركة فتح التي تعتبر الضفة معقلًا أساسيًا لها.
وبحسب مراقبين، فإن الهجمة الإسرائيلية ضد حركة “حماس” بالضفة الغربية، لم تنجح حتى اللحظة ولم تحقق أي نتائج إيجابية بالنسبة لحكومة الاحتلال، مؤكدين أن استمرار انتفاضة القدس والمقاومة الفلسطينية، ونجاح حماس في الانتخابات الداخلية بالضفة دليل على أن شوكة حماس عصية على الكسر، وستبقى عالقة في حلق الاحتلال ومعاونيه.
مخطط القضاء على حماس
وصفي قبها، القيادي في حركة حماس بالضفة الغربية المحتلة، أكد أن هناك دور مشبوه للسلطة الفلسطينية في ملاحقة المقاومين وقادة الفصائل بالضفة.
وقال قبها، قبل اعتقاله بساعات من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد مداهمه منزله في جنين شمال الضفة، “إن ما يجري بالضفة من ملاحقة أمنية من قِبل أجهزة السلطة، تحرك مشبوه وبعيد عن السياق الوطني، وهدفه القضاء على أي تحرك شعبي ضد الاحتلال الإسرائيلي للقضاء على الانتفاضة”.
كما كشف القيادي في حركة حماس، لمراسل “نون بوست” في غزة، عن وجود مخطط للقضاء على الحركة بالضفة الغربية المحتلة، عبر اعتقال قادة ونواب الحركة ووضعهم في السجون الإسرائيلية، موضحًا أن تلك المخططات مستمرة منذ سنوات ولكن اشتدت خلال الأيام الأخيرة.
وشدد قبها أن حركة حماس ونهجها السياسي سيبقى ثابتًا وراسخًا في عقول الفلسطينيين، وكل المخططات للقضاء على الحركة والحد من تحركاتها السياسية والشعبية ستفشل، ولن تجد طريق النجاح.
واتهم السلطة الفلسطينية بتسهيل عملية اعتقال الفلسطينيين، وأنها تقوم بدور أمني بكفاءة عالية لخدمة الاحتلال في البحث عن الفلسطينيين، والإبلاغ عن أماكن تواجدهم لتسهيل عملية اعتقالهم ووضعهم داخل السجون الإسرائيلية.
ودعا القيادي في حركة حماس، الفصائل الفلسطينية بالتحرك العاجل، لوضع حد لممارسات السلطة التي وصفها بـ “القمعية” ضد حركة حماس وباقي فصائل المقاومة بالضفة الغربية المحتلة، مؤكدًا أن صمت تلك الفصائل شجع السلطة والاحتلال على ممارسة عدوانهم على الفلسطينيين.
كما أكد قبها – المتواجد الآن داخل السجون الإسرائيلية – أن حركة حماس ستبقى شوكة في حلق إسرائيل وكل معاونيها، ومهما قست الحملة الأمنية على قادة الحركة فستبقى تحمل الفكر المقاوم في الدفاع عن الأمتين العربية الإسلامية والمقدسات.
حملة مسعورة
شنَت قوات الاحتلال فجر الأربعاء، حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية والقدس المحتلتيْن، طالت قياديات بارزة في حركة حماس.
قال فؤاد الخفش، الناشط الفلسطيني في قضايا المعتقلين، إن “قوة عسكرية إسرائيلية داهمت منزل القيادي بحماس، وصفي قبها، في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، واعتقلته بعد تفجير مدخل منزله”، وأضاف أن الاحتلال منع قبها من وداع عائلته ونقله لجهة غير معلومة.
وكان قبها قد شغل منصب وزير الأسرى في الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس عام 2006، إثر فوزها بالانتخابات التشريعية في حينه.
في سياق متصل، لفت الناشط الفلسطيني أن قوات من جيش الاحتلال، اعتقلت أيضًا، القيادي بحركة حماس في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية رأفت ناصيف.
ولم يذكر الناشط الفلسطيني، الأسباب التي أدت إلى اعتقال القياديين، لكن عادة ما يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي باعتقال فلسطينيين، بحجة أنهم مطلوبين.
وكان جيش الاحتلال اعتقل، الثلاثاء الماضي، النائب عن حركة حماس في المجلس التشريعي (البرلمان) عبد الجابر فقهاء، من رام الله وسط الضفة الغربية.
وتعمد قوات الاحتلال إلى تنفيذ عمليات دهم وتفتيش واعتقال بشكل شبه يومي بالمدن والبلدات الفلسطينية، حيث كثفت من هذه الإجراءات منذ انطلاقة “انتفاضة القدس” في الأول من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، في خطوة تهدف إلى التضييق على المواطنين، ومحاولة إخماد الانتفاضة.
وكان الفقهاء اعتقل أكثر من مرة وخضع للاعتقال الإداري، بسبب حظر إسرائيل عمل “كتلة الإصلاح والتغيير” التابعة لحركة حماس.
يذكر أن إسرائيل تحتجز في سجونها سبعة نواب، هم أربعة من حركة حماس، وثلاثة من حركة فتح والجبهة الشعبية، من ضمنهم أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات.
كسر شوكة المقاومة
بدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس “إن اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي لعدد من قادة وكوادر الحركة بالضفة الغربية المحتلة لن يكسر شوكة الشعب الفلسطيني، ولن يوقف المقاومة والانتفاضة”.
وشدد القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان، على أن الاعتقالات تُدلل على مدى التخبط والإرباك الإسرائيلي في مواجهة انتفاضة القدس، واستدرك “اعتقال القيادات يأتي في سياق سياسة الاحتلال لإجهاض انتفاضة القدس”، مُحذرًا الاحتلال من الاستمرار في السياسة العنصرية الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.
وأضاف رضوان أن الاعتقالات الإسرائيلية لن تكسر شوكة الفلسطينيين، ولن توقف مسيرة الانتفاضة والمقاومة في الضفة الغربية، وستزيدها اشتعالًا وتوهجًا.
ودعا القيادي في حماس، السلطة الفلسطينية لتوفير الحماية لأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، منددًا بحملة الاعتقالات التي تطال قيادات كوادر حركته في الضفة المحتلة.
ضرب للجبهة الداخلية
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي أسعد أبو شرخ، أن هذه الحملة هي تخريب لجهود المصالحة، لأن أهمية المصالحة تكمن في المجلس التشريعي الفلسطيني الهيئة الوحيدة المنتخبة، فبذلك تريد دولة الاحتلال أن تفسد أجواء المصالحة بحبس النواب وقادة حماس ووضعهم في السجون.
وأشار أبو شرخ إلى أن هذه الحملة المسعورة تبعث برسالة للشعب الفلسطيني أن الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة نتنياهو ستكون أكثر تطرفًا وإجرامًا بحق الشعب وقيادته، مضيفًا: “هذه رسالة لبعض الأطراف أن تحركوا لتخريب المصالحة فإن لم تخربوها أنتم فسنخربها نحن”.
وعن استهداف الحملة الإسرائيلية لأبناء حماس فقط، أوضح المحلل السياسي قائلًا: “لأن حماس هي التي ترفع لواء المقاومة، وهي التي ترفض أن تفاوض إسرائيل وهي التي تنادي بالجهاد والتحرير جهارًا نهارًا”، لافتًا إلى أن هذه الحملة تستهدف من خلالها دولة الاحتلال أن تطوع حماس كما طوعت البعض الفلسطيني من أجل القبول بها، مضيفًا: “لكن إسرائيل جربت كل أنواع الضغوط مع حماس ولم ينفع معها شيء وظلت حماس كما هي ولم ولن تقبل بأي ضغوط”.
وطالب المحلل أبو شرخ، الكل الفلسطيني بالتمسك بطريق المصالحة، مشددًا على ضرورة أن تقوم السلطة بواجبها تجاه هؤلاء النواب وأن تعمل على إخراجهم وأن تقوم بحملات سياسية ودبلوماسية عالمية لكشف الوجه القبيح عن الاحتلال وأنه ليس شريكًا في السلام.