يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بتشغيل العمالة الأردنية في فنادق ومنشآت منطقة إيلات المحتلة، بل يبدو أنه سيتوسع في استقدام العمالة وطلبها للعمل في الفنادق المطلة على البحر الميت في الضفة الغربية.
ما سبق، أعلن عنه الجانب الإسرائيلي في شهر نيسان/ أبريل الماضي، في الوقت الذي نفى فيه مصدر بوزارة العمل علم الوزارة عن أي شيء من هذا القبيل.
وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه إنه “لم يتناه للوزارة أي معلومات حول نية إسرائيل طلب مزيد من العمالة الأردنية للعمل في فنادق المطلة البحر الميت بالضفة الغربية، بحسب تعبيره.
في حين بيّن الجانب الإسرائيلي أن إقدامه على استقدام وتوظيف العاملة الأردنية يأتي بسبب نقص العمالة الإسرائيلية، عقب ترحيل مئات المهاجرين الأفارقة الذين كانوا يعملون في هذا المجال.
مغريات للتطبيع… ورفض نقابي
في هذا الإطار، يتوجه أكثر من 500 عامل أردني إلى مدينة إيلات المحتلة يوميًا للعمل في فنادق المدينة، وفق ما كشف عنه مدير العمل والتأشيرات في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية وسيم جرابعة.
وحسب الجرابعة، فإن بروتوكول رسمي موقع بين العقبة وايلات، ينص على إيفاد عمال للعمل في قطاع الإنشاءات بمدينة إيلات في الأراضي المحتلة.
وتعاني فنادق إيلات من نقص شديد في الأيدي العاملة لعزوف أغلب المستوطنين عن العمل فيها بسبب ارتفاع درجات الحرارة وبعد المسافة عن باقي المدن، ما حدا بالاحتلال إلى وضع مغريات ومحاولة استقطاب العمالة الأردنية.
بيد أن العمل لدى منشآت الاحتلال الإسرائيلي، يعتبر أحد جوانب التطبيع التي يرفضها الشعب الأردني، باعتبار إسرائيل دولة محتلة وغير شرعية، ولا يجوز التعامل معها سواء في الجانب الاقتصادي أو السياسي.
في هذا الصدد، جددت لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع النقابية رفضها لإرسال عمال أردنيين للعمل لدى الكيان الصهيوني، مشددة على ضرورة إفشال مخططات الكيان المحتل في استقطاب الأيدي العاملة الأردنية، بحسب الدكتور مناف مجلي رئيس اللجنة.
وقال مجلي “إن ما يدفع الكيان الصهيوني إلى استقدام وطلب العاملة الأردنية، هو الموقع الجغرافي للمملكة، حيث قرب المسافة تعمل على توفير تكاليف النقل والإقامة”.
وبين مجلي أن لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع، تعمل على جمع المعلومات حول الشركات التي تتولى توظيف الأردنيين لدى الاحتلال، وذلك بهدف كشفها للرأي العام وبالتالي مقاطعتها وعدم التعامل معها.
ودعا مجلي السلطات المحلية إلى توفير فرص عمل للشباب الأردني، لتكون بديلاً للوظائف الإسرائيلية التي تعرضها على الأردنيين، الأمر الذي يعمل على حماية الشباب الأردني من مخاوف الاحتراق والتجنيد لدى العدو الإسرائيلي.
عاملون في إيلات يقعون في شباك الخداع
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية وترجمته مواقع إخبارية محلية، خرج العاملون الأردنيون في فنادق إيلات عن صمتهم، وكشفوا عن أن الرواتب التي تسلموها من الكيان الصهيوني لا تقارن بما وعدوا به، وأنهم يفكرون بشكل جدي بترك عملهم، ولكن ما يمنعهم هو الشرط الجزائي والتي تبلغ قيمته حوالي 2000 دينار.
وبيّن العاملون من خلال التقرير، أنهم قدموا للعمل بفنادق إيلات بحماس كبير ووعدوا براتب شهري مقداره 1150 دينارًا، لكن الراتب الذي دفع لهم لم يتجاوز 350 دينارًا.
وأشار العاملون إلى أنهم تركوا عائلاتهم وذهبوا للعيش في العقبة لتسهيل تنقلهم إلى إيلات، وبعد نحو شهر من بداية عملهم بإيلات، اكتشفوا تعرضهم للخداع من قبل الشركة التي قامت بتوظيفهم.
وأوضح العاملون أنه بموجب الاتفاق الذي وقع بينهم وبين الشركة التي أرسلتهم، فإنه يتم خصم 9% من رواتبهم مقابل السكن والتأمين الصحي والتنقلات بين المعبر الحدودي ومساكنهم.
في المقابل، ادعت وزارة السياحة الإسرائيلية أن العمالة الأردنية تحظى بالامتيازات والمساواة التي يحظى بها الموظفون الإسرائيليون، وفقًا لما جاء في تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
واستعرضت الصحيفة في الوقت ذاته ما يواجهه المشروع من معارضة الشارع والإعلام الأردني، لدرجة أن بعض الجهات الإسرائيلية طرحت نظريات تجنيد العمال الأردنيين من قبل الموساد الإسرائيلي.
تحذيرات من التجنيد للموساد
بدوره، كان رئيس اتحاد نقابات العمال مازن المعايطة، أكد أن الاتحاد ملتزم بقرار الاتحاد العربي للنقابين العرب بعدم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، منوهًا إلى أنه يجب تأسيس لجنة للنظر في ظاهرة العمالة الأردنية لدى الكيان الصهيوني والعمل على وقفها.
وقال المعايطة الذي كان يشارك في حلقة تلفزيونية محلية إنه يجب العمل على تصدير العمالة الأردنية لدول صديقة للأردن وليس لليهود الذين ينقضون العهود مع الأردن ويقتحمون الأقصى ويعملون على تغيير معالم مدينة القدس.
ودعا المعايطة الشباب الأردني إلى عدم العمل عند الكيان الصهيوني خوفًا من تجنيدهم كجواسيس يعملون لصالحه، فقد استطاع تجنيد آلاف العمال الفلسطينيين فيما سبق.
ورأى أن العمل لدى اليهود حرام قولاً واحدًا وحرام أيضًا من الناحية الوطنية والقومية، لافتًا إلى أن اليهود يستقطبون العمالة الأردنية ليس حبًا بالأردن بل طمعًا في التخلص من العمالة الإفريقية المكلفة.
أما الناشط العمالي محمود الحياري، شدد على رفض العمل عند الكيان الصهيوني، معتبرًا أن اندفاع بعض الشباب الأردني للعمل عنده بحجة الظروف المعيشة أمر غير مقنع وغير مبرر.
وألقى الحياري خلال مشاركته بالحلقة التلفزيونية باللائمة على الحكومة في هذا الأمر، لأنها وعدت بأن تتحول رمال العقبة إلى ذهب حين قالت “سننشر الرمل ذهبًا” ولكنها نشرت الفقر والبؤس والجوع.
وأضاف أن الحكومات تدفع بالقبول بالعدو الصهيوني من خلال عجزهم عن خلق فرص عمل للشباب الأردني، فالحملات الوطنية للتشغيل مجرد إعلانات ودعايات فهي فرص طائرة ومؤقتة، وليست أصيلة ولا يوجد فيها أمن وظيفي.
ورأى الحيارى بأن ظاهرة عمل الأردنيين في الكيان الإسرائيلي المحتل هي طارئة على المجتمع الأردني حيث تخالف موروثنا الثقافي وعادتنا وتقاليدنا.
المصدر: أردن الإخبارية