استوقفتني مقالـة من مقالاتهارفـرد الأخيـرة والتي تكلمـت فيهـا عن ســر نجـاح الشركات التي تسمـى باليونيكوررن Unicorn ذات القيمة السوقية الخيالية والتيتنشـأ برأس مــال متـواضـع ومبالغ بسيطة ثم لا تنفــك أن تنجح هذه الشركات وتصبح قيمتها السوقية بالملايين بـل المليارات، ويتهافت عليها المستثمرون لشراء أسهمها عندما تطرح في السوق. ما استوقفني في المقالة ليـس وصف الشركـات وكيفية منشأها، بــل كيفيـة التنبــؤ بنجـاح تلك الشركات في المستقبل واعتبارهـا منجـم للذهـب بـل للألمـاس، وكانت مـن أحـدى العلامات هو أن صاحب الشركة لابد أن يكون قد مـر بتجارب غيـر موفقـة في مشـوار حياتـه العمليـة، وأنشـأ فـي الغالـب شركات لم يكتب لها النجاح.
شرحت المقالة أن المُخاطر صاحب الأفكار والمشاريع التي لم تنجح من قبل لكنه استمر في المتابعة والبحث عن طرق أخرى وعديدة لتطوير مشروعه أو فكرته وعدم استسلامه بل محاولة النهوض في كل مرة للبدء من حيث وقف أو حتى من جديد إن لزم الأمر هو مؤشر قوي على أن صاحب المشروع له فرصة كبيرة في النجاح في مشروعه التالي، ويعتبر فرصة جيدة للاستثمار من قبل الشركات والمستثمرين وأنها مخاطرة رابحة لجني الأرباح.
أصبحنا في زمـن يعــي أن المخاطـرة هـي جـزء لا يتجزأ مـن الوصول إلى الهدف وأن الفشل ما هو إلا خطوات تقرب إلى النجاح، صاحب الفكرة الذي قبـل أن يخاطر بكل ما لديه حتى يصل إلى هدفه ويحقق حلمه الذي طالما عـمل من أجلـه له فرص في النجاح أوفـر لأنه لم يستسلم أو يقبل بأن يتخلى عن فكرته أو مشروعـه بسهولة.
شركات وصلت قيمتها الملايين من الدولارات
شركـة airbnb تقدر بقيمة تقريبيـة تصل إلى 25 مليـار دولار، أي قيمتها السوقية أكثر من سلسلة فنادق ماريوت الشهيرة التي تقدر قيمتها 21 مليار دولار وتملك أكثر من 4000 سلسلة حول العالم، وشركـة سناب شات Snapchat بقيمة 16 مليار دولار التي بدأت قبل في مدة زمنية أقل من العشر سنوات، وشركة UBER لخدمـة التاكسي والتوصيل بقيمة تصل إلى 63 مليار دولار، وغيرها من الشركات التي بدأت صغيرة وما لبثت أن كبرت في القيمة السوقية واشتهرت بين المستخدمين لخدماتها والذين وصل عددهم للملايين.
كلها بدأت بأفكار بسيطة لحلول عملية من قبل أصحاب الفكرة الذين غالبا لم ينجحوا من المرة الأول في مشاريعهم وحتى في المرة الثانية أو الثالثة ولكن لم يجعلوا لليأس نصيب في سعيهم لتطوير مشاريعهم بطرق عملية وسد الثغرات حتى يصلوا إلى النتيجة النهائية.
لقــد ذهب الزمن الذي كان يعتبر فيه أن المجازفة حماقة وتصرف غير سليم أو غير واع بل بتنا في عصر يعتبر أن المخاطرة والفشل ما هو إلى مؤشر من مؤشرات النجاح المؤكـد طالما هناك استمرارية وجـدية وتطويـر في المشروع، وتقبـل الفشـل على أنه جزء من الرحلـة لكـي يصـل صاحب الفكرة والمشروع إلى النتيجة المرجوة ويحصد ثمار النجاح والإصرار وتكون شركته من أكبر الشركات وفي مصاف الشركات الكبيرة التي مضى على إنشائها وقت طويل وذات تاريخ عريـق.
أصبحنا في عصر نجد فيه شركات الاستثمار وتمويل المشاريع تبحث عن هذه النوعيات من المبادرين مؤسسي الشركات الصغيرة المبتدئة لأنهم بذور لحصد ثمار الجد والتعب وعدم الاستسلام لأي إخفاقات لأن إخفاقاتهم ما هي إلا خطوات مؤكدة نحو تحقيق حلم. لا توجد تجارب فاشلة لمن يحلم بأن يصل إلى هدفه وإلى تحقيق حلمه بل هناك دروس يتعلمها من يقبل أن يخاطــر لكـي يصل إلى مبتغـاه.