ترجمة وتحرير نون بوست
لم يُظهر الضغط الاقتصادي على المملكة العربية السعودية أي بوادر تُذكر على تراجعه هذا الأسبوع، رغم قيام البلاد بصياغة الرؤية الجديدة والجريئة للتحول الاقتصادي في أبريل الماضي.
نتيجة لاعتماد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم على سلعة النفط بشكل شبه منفرد، عانت السعودية من أزمات اقتصادية رهيبة جرّاء انخفاض أسعار النفط، وعلى الرغم من الارتفاع الطفيف الذي شهدته الأسعار مؤخرًا، ما زالت الأخبار السيئة تتوارد على أسماع المملكة، وهنا نسلط الضوء على ما حدث خلال الأيام السبعة الماضية.
السعودية ستمضي قدمًا في خططها لبيع سندات دولية لأول مرة في تاريخها
توقعات صندوق النقد الدولي
أشار صندوق النقد الدولي يوم الخميس الماضي بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السعودية سيتوقف عند 1.2% هذا العام منخفضًا من 3.5% في عام 2015.
وأضافت المنظمة العالمية بأن انخفاض إيرادات النفط في البلاد أدى إلى إحداث عجز في الحساب الجاري وبالميزانية العامة يُتوقع أن يصل إلى حوالي 9% و 14% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي في عام 2016، وذلك وفقًا لتوقعات خبراء صندوق النقد الدولي.
بيع السندات
أشارت صحيفة فاينانشال تايمز يوم الخميس، نقلًا عن أشخاص مطلعين على الوضع، بأن المملكة العربية السعودية ستمضي قدمًا في خططها لبيع سندات دولية لأول مرة في تاريخها، وربط محللون لدى بي إن بي باريبا زيادة الاقتراض في المملكة مع حقيقة أن مستويات العجز الحالية ضمنها لم تعد قابلة للاستمرار.
البنك المركزي السعودي يدين بمبلغ 116,8 مليار دولار لصالح خزانة الولايات المتحدة في نهاية مارس الماضي
وفي ذات السياق، أوضحت البنوك الفرنسية في مذكرة صادرة عنها يوم الخميس بأن “الاقتراض العام باشر بلعب دور أكبر في تمويل العجز المالي السعودي، مما يساعد على تبطيء تآكل الاحتياطيات المالية، ولكن الافتقار إلى الشفافية حول مساعي وحقائق الاقتراض العام يجعل من الصعب رصد التطورات المالية”.
الاحتياطيات النقدية
عاد موضوع الاحتياطيات النقدية السعودية للظهور إلى سطح المشهد هذا الأسبوع بعد تصريح وزارة الخزانة الأمريكية يوم الاثنين بأن البنك المركزي السعودي يدين بمبلغ 116,8 مليار دولار لصالح خزانة الولايات المتحدة في نهاية مارس الماضي، وأضافت صحيفة بلومبرغ بأن مجمل احتياطي المملكة من النقد الأجنبي يبلغ اليوم حوالي 587 مليار دولار.
وفي هذا السياق تشير مجموعة بي إن بي باريبا إلى “الانخفاض السريع والمتواصل” في احتياطيات النقد الأجنبي يجب أن تدق ناقوس الخطر، وأضافت: “التراجع في الاحتياطيات منذ عام 2015 يتجاوز بأشواط عجز الحساب الجاري، وهذا ما يعني أنه وبالإضافة إلى صدمة التبادل التجاري، تواجه البلاد أزمة تدفقات خارجية في رأس المال أيضًا”.
وفاء المقاولين بسندات الدين
ذكرت صحيفة بلومبيرغ يوم الأربعاء نقلًا عن أشخاص مطلعين على المناقشات، بأن البلاد تفكر في وفاء ديون المتعاقدين معها من خلال سندات دين، حيث أشارت إلى تخفيض المملكة العربية السعودية لمعدل مدفوعاتها النقدية الممنوحة للمقاولين والموردين الذين يعملون ضمن مشاريع البنية التحتية في المملكة، وهو ما قد يعني بأن شكلًا من أشكال صفقات سندات الدين ستكون أكثر فائدة للمقاولين من عدم حصولهم على عائداتهم المالية على الإطلاق، وتضيف الصحيفة بأن هذا النهج يوضح بصورة متزايدة الحالة الاقتصادية المزرية التي وصلت إليها البلاد اليوم.
التراجع في الاحتياطيات منذ عام 2015 يتجاوز بأشواط عجز الحساب الجاري، وهذا ما يعني أنه وبالإضافة إلى صدمة التبادل التجاري، تواجه البلاد أزمة تدفقات خارجية في رأس المال أيضًا
“بدون إصلاح حقيقي، نعتقد بأن المملكة العربية السعودية ستواجه دورة مطولة أخرى من الركود والانخفاض بالتزامن مع انتهاء طفرة أسعار النفط الأخيرة، كما نعتقد بأن النتائج ستكون مقلقة للغاية بالنظر إلى أن عدد سكان المملكة حاليًا تضاعف عمّا كان عليه عند انخفاض الأسعار في المرة الماضية”، قال سايمون وليامز ورزان ناصر، الاقتصاديان في بنك اتش.إس.بي.سي، في مذكرة صدرت يوم الثلاثاء.
تخفيض التصنيف
خفّضت وكالة موديز يوم السبت المنصرم التصنيف الائتماني للسعودية بمقدار درجة واحدة، مشيرة إلى أن السبب يعود للانخفاض في أسعار النفط، وأضافت بأن الحكومة وضعت خطة “طموحة وشاملة” لمعالجة الصدمات الاقتصادية من خلال تنويع قاعدتها الاقتصادية والمالية، ولكنها أوضحت بالمقابل بأن هذه الخطط لا تزال في مرحلة مبكرة من التطور وما زال أثرها على الاقتصاد السعودي غير مؤكد.
رؤية 2030
أخيرًا، وضعت المملكة خطة لمواجهة المشاكل الاقتصادية في أبريل المنصرم، حيث كشفت الحكومة السعودية عن خطة اقتصادية طويلة الأمد للحياة ضمن عالم تنخفض فيه أسعار النفط، وتتضمن الخطة التي جاءت تحت عنوان “الرؤية السعودية 2030″، تغييرات تنظيمية ومالية وسياسية سيتم تنفيذها على مدى السنوات الـ15 المقبلة.
السعودية تفكر في وفاء ديون المتعاقدين معها من خلال سندات دين بدلًا من النقد
في هذا السياق، يعتقد تيموثي آش، رئيس الأسواق الناشئة في بنك ستاندرد، بأن الرؤية السعودية تخلق إمكانيات واعدة هائلة بالنسبة للشركات الأجنبية للمساعدة في المرحلة الانتقالية السعودية، “أنا لست قلقًا بشأن قدرة المملكة على الدفع، فالسعودية تمتلك الكثير من الأموال، وتمتلك قدرة كبيرة على الاقتراض، فضلًا عن الكثير من الأصول الصالحة للبيع”، قال آش لصحيفة سي إن بي سي في رسالة بريد إلكتروني.
المصدر: سي إن بي سي