أعادت حركة النهضة، اليوم الإثنين، انتخاب زعيم الحركة راشد الغنوشي رئيسًا لها، خلال المؤتمر العاشر الذي عقدته في العاصمة التونسية.
وفاز راشد الغنوشي (74سنة) برئاسة الحركة، بأغلبية أصوات المؤتمرين، متقدمًا على منافسين اثنين بفارق كبير، حيث حصل الغنوشي على 800 صوت في حين حصل رئيس مجلس الشورى المتخلي فتحي العيادي على 229 صوتًا وحصل القيادي محمد العكروت على 29 صوتًا.
وترشح لمنصب رئيس الحركة 8 قيادات هم: الشيخ عبد الفتاح مورو، الحبيب اللوز، راشد الغنوشي، عبد المجيد النجار، عبد اللطيف المكي، عبد الحميد الجلاصي، فتحي العيادي، ومحمد العكروت.
ويعتبر الغنوشي أحد مؤسسي حركة النهضة (حركة الاتجاه الإسلامي سابقًا)، سنة 1972 إلى جانب الشيخ عبد الفتاح مورو وأحمد نيفر، وعاش الغنوشي في المنفى بلندن نحو 20 عامًا قبل أن يعود إلى تونس بعد ثورة 2011.
تزامن انتخاب رئيس الحركة مع انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى، وسبق ذلك تصويت المؤتمر العاشر لحركة النهضة لصالح اختيار أعضاء المكتب التنفيذي بالتعيين من قِبل الرئيس، والتزكية من مجلس الشورى في إطار التوافق بين إرادة رئيس الحركة في الاختيار وسلطة الشورى في التعديل.
وشهدت قاعة المؤتمر نقاشًا حادًا حول آلية إفراز المكتب التنفيذي، ووقع عرض ثلاث مقترحات تم التصويت عليها في دورتين.
ورغم تغيب سمير ديلو عن أشغال المؤتمر العاشر للحركة إلا أنه تم انتخابه كعضو في مجلس شورى الحركة بـ 727 صوتًا من جملة الحاضرين.
ومن التقاليد التي دأبت عليها حركة النهضة ألا يرشح فيها العضو نفسه لأي منصب قيادي بل يقع ترشيحه من قِبل أعضاء آخرين، وحسب القانون الأساسي المعدل لحركة النهضة فيحق لرئيس الحركة الترشح للمناصب العليا في الدولة وهي الرئاسات الثلاث (رئيس الدولة، رئيس الحكومة، رئيس البرلمان).
وانطلق يوم الجمعة الماضي في العاصمة التونسية، المؤتمر العاشر لحركة النهضة، لانتخاب قيادة جديدة ووضع استراتيجيات للسنوات الأربع القادمة، بحضور الرئيس الباجي قايد السبسي وآلاف المنتمين للحركة.
وفي خصوص غياب عامر العريض عن أشغال المؤتمر، فقد أكّد الغنوشي أن العريض قد اختار التخصص باعتباره رئيس لجنة في مجلس نواب الشعب.
بدأت النواة الأولى للحركة تتشكل عام 1969 ليتم في 1972 تأسيسها “سرًا” بقيادة مواطنين تونسيين، في مقدمتهم راشد الغنوشي الذي أصبح أول رئيسًا للحركة في أبريل/ نيسان 1972، وفي 6 يونيو/ حزيران 1981، ظهرت الحركة إلى العلن بشكل رسمي، حيث عقدت مؤتمرًا صحفيًا في العاصمة تونس، واختارت لنفسها اسم “الاتجاه الإسلامي”.
المؤتمر يقر الفصل بين الدعوي والسياسي
أقرت حركة النهضة في ختام مؤتمرها العاشر الفصل بين الجانب الدعوي والسياسي، بهدف التخصص الوظيفي حسب عديد القيادات.
وقال الغنوشي للصحافيين مساء الأحد “إن النهضة حركة تونسية تتطور (…) مع تونس”، مؤكدًا “نتجه بشكل جدي وتم تبني ذلك اليوم باتجاه حزب سياسي وطني مدني ذي مرجعية إسلامية ويعمل في إطار دستور البلاد ويستوحي مبادئه من قيم الإسلام والحداثة”، ومضيفًا “دستور البلاد نص على استقلالية منظمات المجتمع المدني عن الأحزاب، ونحن إذن نستجيب لتطور داخلي في البلاد”.
تم التصويت على الفصل بين الدعوي والسياسي بنسبة 80% حسب المتحدث باسم المؤتمر أسامة صغير.
وفي أول أيام المؤتمر قال رئيس النهضة راشد الغنوشي، إن حزبه حريص على “النأي بالدين عن المعارك السياسية”.
من جانبه قال الأمين العام لحركة النهضة التونسية ورئيس مؤتمرها العاشر علي العريض، في تصريحات إعلامية له على هامش مؤتمر حركته، “إن النظام التونسي أصبح يعبر عن المجتمع، ولم يعد هناك خشية من أن يستهدف الدين والهوية”، وفقًا لتعبيره، وتابع العريض، أنه “ليس هناك خوفًا اليوم من إمكانية أن تستهدف الدولةُ الدين والهوية، أو تدخل في صراع مع المجتمع”.
وأضاف، أن “حركة النهضة ستتخصص وتتفرغ لما درجت عليه الأحزاب السياسية في البلدان الديمقراطية، وسيكون هناك فصل تنظيمي بين الجانب الدعوي والسياسي”، وأوضح، أن الجزء الدعوي الذي كانت الحركة مهتمة به، خاصة قبل ثورة عام 2011 (التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي)، وفي بداياتها من تربية ووعظ وإرشاد وإصلاح ديني، سيتغير وفق الدولة الديمقراطية التي أصبحت تعبر عن المجتمع.
وفي نفس الإطار، قال العريض “سيكون في المجتمع جمعيات حقوقية، ودعوية، وسياسية، وإغاثية، وخيرية، بينما ستبقى مسائل أخرى كالفلاحة، والصناعة، والتجارة، والصحة، والتعليم، والسياسات الدينية والثقافية العامة، من اختصاص الأحزاب”.
وقدم مسؤولو النهضة هذا التحول باعتباره نتيجة تجربة الحكم ومرور تونس من الاستبداد إلى الديمقراطية إثر ثورة 2011، ويؤكد قيادات حركة النهضة أن الفصل بين الدعوي والسياسي لا يعني كيانين ولكن يعبر عن التخصص الوظيفي.
وفازت حركة النهضة بأول انتخابات تشريعية في تونس بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011، وتشكل اليوم القوى السياسية الأولى في البرلمان التونسي.
المصادقة على كل اللوائح
خلال مؤتمرها، استعرضت حركة النهضة الحزب الأول في البرلمان التونسي، حصيلة أدائها خصوصًا منذ ثورة 2011 ووضعت استراتيجية للسنوات المقبلة.
وصادق المؤتمر العاشر للحركة على التعديلات الجديدة للقانون الأساسي للحركة وعلى كل اللوائح المقدمة للتصويت، وقال الصغير في مؤتمر صحفي عقده أمس، بالمركز الإعلامي للمؤتمر “تم الانتهاء من المصادقة على اللوائح”.
وأضاف الصغير، أن اللوائح تضم تقييم مسار الحركة منذ النشأة إلى اليوم، ولائحة الفكر، وإدارة مشروع النهضة، واللائحة السياسية، والاقتصادية، والسياسات الأمنية والهيكلية والتنظيمية.
وصادق المؤتمر على التقريرين الأدبي والمالي، وعلى اللائحة الخاصة بالتقييم والرؤية الفكرية والخيار الاستراتيجي والرؤية السياسية واللائحة الاقتصادية والاجتماعية ولائحة التحدي الأمني ومقاومة الإرهاب واللائحة الهيكلية والنظام السياسي، وصادق أيضًا على مقترحات تعديل النظام الأساسي للحركة.
وأقرت التعديلات الجديد للقانون الأساسي للحركة فتح باب الانخراط أمام التونسيين دون الالتزام بشرط التزكية من قبل عضوين، وهو الذي كان ضروريًا في السابق.
ومن أبرز التنقيحات في القانون الأساسي للحركة دعم الهيكلة المحلية والجهوية من خلال انتخاب الكتاب العامين والمحليين من قبل هياكلهم، ومنح لرئيس الحركة صلاحيات اختيار المكتب التنفيذي على أن يتم تزكيتهم من قِبل مجلس الشورى وتم التخفيف في شروط التزكية من أغلبية الأعضاء إلى أغلبية الحاضرين ومنح مجلس الشورى ضمانات سحب الثقة من أعضاء المكتب التنفيذي.
وتم كذلك النص على ضرورة منح الشباب والمرأة نسبة لا تقل عن 10% في المراكز القيادية.
ووفقًا للقانون الداخلي للحزب فإن المؤتمر العام هو أعلى سلطة في الحركة، ويتكون من نواب عن المنخرطين حسب نسب وتمثيلية يحددها مجلس الشورى يضاف إليهم رئيس الحزب ورئيس مجلس الشورى وأعضاء المكتب التنفيذي المتخلين، وقد عقدت النهضة 9 مؤتمرات، منها 8 قبل 2011 في تونس وفي الخارج، ومؤتمرها التاسع في 2012 علنًا، وشارك في المؤتمر 927 مؤتمرًا منهم 172 امرأةً و178 شابًا وشابةً وحوالي 150 ملاحظًا.