ترجمة وتحرير نون بوست
كتبت: شذا خليل
أقف أمام صورة التقطها عام 2009، طفلة فلسطينية تقف عاجزة عن الكلام، شاهدت وابلًا من الأجساد البشرية في هجوم إسرائيلي على الحي الذي تسكن فيه، يقول المصور الياباني ريوتشي هيروكاوا أنه قرر أن يصبح مصورًا صحفيًا بسبب الفلسطينيين.
بدأ هيروكاوا في التقاط الصور عندما كان مراهقًا عبر السفر في وطنه اليابان لتوثيق القصص المحلية في الجبال والجزر المنعزلة، وفي عام 1967 بعد إنهاء المرحلة الجامعية، سافر إلى إسرائيل.
يقول هيروكاوا “لقد دخلت إحدى الكيبوتسات، في اليابان أخبرونا أن الكيبوتس مثل الجنة”، وأشار هيروكاوا إلى أنه وصل قبل اندلاع حرب 67 بوقت قصير، يتابع “لقد غيرت رأيي، في اليابان علمونا أن الحرب أمر سيء، لكن الناس هنا يحتفلون”.
هيروكاوا، والذي ظهر مؤخرًا في المؤتمر الفلسطيني الدولي الثاني للإعلام ووسائل الاتصال بتركيا، بدأ في استعادة ذكريات عثوره على أنقاض بجوار الكيبوتس.
يقول: “سألت الناس ماذا كانت تلك الأنقاض، لكن لم يجبني أحد”، ويشير إلى أنه بدأ في الاستكشاف والبحث عن تلك الأنقاض بعد ذلك، لقد بدأ في معرفة تاريخ المأساة الفلسطينية، يضيف: “لقد بدأت في العثور على بعض القرى ودرست ما حدث، استغرق الأمر مني 30 عامًا، لكن انتهى بي الأمر مصورًا وصانعًا للأفلام الوثائقية عن القرى الفلسطينية”.
“لقد جعلني الفلسطينيون مصورًا صحفيًا”
ومع مواصلته الدراسة، تعلم هيروكاوا المزيد والمزيد عن تاريخ الفلسطينيين، بدأ هيروكاوا المشاركة في المظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي، “لقد ألقينا الحجارة عليهم”، أمضى سنوات عدة في تعقب أنقاض القرى والعثور عليها واحدة تلو الأخرى، ثم بدأ في دراسة ما حدث لكل قرية، كما ساعده صديق يهودي على تعقب تلك القرى من خلال المقارنة بين الخرائط القديمة والحديثة.
يقول “لقد درست ما حدث، ولماذا هجر الناس بيوتهم، بعد ذلك بحثت عن هؤلاء الأشخاص في مخيمات اللاجئين، تطلب الأمر مني 20 عامًا ربما 30، وربما أكثر من 30 عامًا، لكنني كنت قادرًا على التقاط الصور وعمل الأفلام الوثائقية عن القرى الفلسطينية، ما يقرب من حوالي 500 قصة للقرى، كانت تجربة مؤثرة”.
في عام 1982، كان هيروكاوا في لبنان وقت حدوث مذبحة صبرا وشاتيلا، يقول: “كان وجودي في صبرا وشاتيلا من أصعب ما مر عليّ، كان هناك رجلاً مسنًا ظلّ يسألني لماذا جئت الآن؟ لماذا لم تأت منذ شهر؟ بعدها فهمت أن ابنه كان قد قُتل منذ شهر، قال لي: لو كان هناك صحفيًا، ما كان الجنود ليقتلوه أمام صحفيّ”.
كانت صورة الأب الحزين قد دفعت هيروكاوا لدخول صبرا وشاتيلا مباشرة بعد المذبحة.
يتابع هيروكاوا قائلاً: “لقد تذكرت هذا الشخص، فبدون الصحفيين حدث شيء مريع هنا”، وأشار إلى أنه كان خائفًا أول الأمر من دخول المخيم، حيث يقول “كان جسدي يخبرني ألا أذهب، فالأمر خطير، كان المخيم مغلقًا بالدبابات الإسرائيلية، لكنني دخلت، وبمجرد دخولي وجدت جثث الموتى”.
يتذكر هيروكاوا صدمته لمشاهدته المذبحة داخل المخيم، لكنه في نفس الوقت قام بالتقاط صورًا للموتى، كان بحاجة للعودة مرة أخرى لمعرفة من هم، لكن كان من الصعب العودة إلى المخيم في أعقاب المذبحة، فالمنطقة كانت مغلقة تمامًا.
بعد عام عاد هيروكاوا مرة أخرى وقال “لقد وجدت عائلات الضحايا وكتبت قصصهم”.
وفي لفتة أخرى لدعم الفلسطينيين، أسس هيروكاوا لجنة يابانية، وهي مؤسسة خيرية تسمح برعاية الأيتام وتتلقى التبرعات لبناء روضات للأطفال، يقول هيروكاوا: “الناس بحاجة للمساعدة”.
المصدر: الجزيرة الإنجليزية