أعلنت أوساط إعلامية داخل مكتب الإخوان المسلمين المصريين في الخارج، ومن المؤيدين لجناح اللجنة الإدارية العليا التي تم انتخابها قبل فترة لإدارة شؤون الجماعة في مصر، أن ما يعرف بجناح “عزت – حسين” في جماعة الإخوان المسلمين في مصر (في إشارة إلى القائم بأعمال المرشد محمود عزت، والأمين العام للجماعة في مصر محمود حسين)، قد تم تجميد عضوية عدد من أبرز قادة النشاط الإخواني المعارض.
تشمل الأسماء التي تم تجميد عضويتها، الدكتور محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد السابق، الذي أعلن استقالته قبل بضعة أيام لإفساح المجال أمام جهود إصلاح ذات البين داخل الجماعة، وأحد أهم الرموز التي تُتهم من القيادات الحالية لإخوان مصر، والتي تتبع الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين، بخروجها عن الشورى والقرارات المركزية للجماعة.
بجانب كمال، هناك الدكتور عمرو دراج، أمين عام حزب الحرية والعدالة بمحافظة الجيزة، ومسؤول الحزب للعلاقات الخارجية، وكان يشغل كذلك منصب وزير التعاون الدولي في حكومة الدكتور هشام قنديل، وأحد الرموز الـ15 المستقيلة قبل فترة من المجلس الثوري المصري.
شملت الأسماء المتداولة كذلك، الدكتور يحيي حامد وزير الاستثمار الأسبق، والدكتور أحمد عبد الرحمن مسؤول المكتب الإداري للإخوان المصريين في الخارج، والدكتور علي بطيخ عضو مجلس شورى الجماعة، والدكتور رضا فهمي رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق بمجلس الشورى المصري.
كذلك شملت الدكتور عبد الغفار صالحين رئيس لجنة الصحة بمجلس الشورى المصري السابق، وأحد أبرز رموز الحراك الاحتجاجي في نقابة الصيادلة المصريين، والدكتور أشرف عبد الغفار الأمين العام المساعد لنقابة أطباء مصر ومقرر لجنة الإغاثة الإنسانية فيها.
وللتدقيق، فإن القرارات عبارة عن “تجميد” وليست “فصلاً”، بسبب تجاوزهم لما كانوا مكلفين به، وعدم استجابتهم لقرارات الجماعة من خلال مؤسساتها، ومن بين ذلك، مخالفة قرارات مجلس الشورى العام، في رابعة 2013م، وفبراير 2014م، ويونيو 2015م، وأخيرًا مارس 2016م.
فأصدر الدكتور الدفراوي ناصف القيادي المحسوب على جبهة عزت، والدكتور رضا فهمي الذي عُيِّن متحدثًا محل محمد منتصر في قرارات الأزمة الكبرى، في ديسمبر 2015م الماضي، بيانَيْن، حملا ذات المعنى تقريبًا بعد انتشار التقارير الإعلامية التي كشفت عن قرارات التجميد هذه.
فأشارا إلى أن قرارات التجميد “مؤقتة” حتى “انتهاء التحقيق معهم (المجموعة التي تم تجميدها) لوجود مخالفات كثيرة ثابتة وستكون معروضة أمام لجنة التحقيق”، وأنه قد تم إبلاغ هذه المجموعة فرادى من خلال رسائل بريد إلكترونية.
إلا أن أي طرف منهما لم يذكر الأسماء التي تم تجميدها، ولكن رضا فهمي على وجه التحديد، انتقد تداول هذا الأمر إعلاميًّا من جانب أصحابه، مما أدى إلى تأكيد بعض الأسماء السابقة، بالإضافة إلى ما نشره بعض النشطاء من المقيمين في تركيا وفي قطر، من أسماء.
فذكر فهمي في بيان له على صفحة “فيس بوك” التي ينشر عليها بيانات جناح عزت باسم “المتحدث الإعلامي – الإخوان المسلمون”، يوم 20 مايو الآتي:
“أصدرت الجماعة قرارات بحق مجموعة من الإخوة، حرصت على إبلاغهم به بصفة شخصية، دون الإعلان العام عنه، على أمل إعطاء مهلة لمراجعة النفس، وقطعًا للطريق على أي تجريح أو تشهير إعلامي متوقع، حفاظًا على أدبيات الجماعة، ومراعاة لحقوق الإخوة، إلا أن البعض أبى إلا الإعلان عن القرار مصحوبًا بتعليقات وكتابات متعددة في وسائل الإعلام المختلفة، مخالِفًا لما تربى عليه جموع الإخوان”.
من بين هؤلاء الذين ردوا على ذلك، وتداولوه إعلاميًّا، الدكتور رضا فهمي، الذي أصدر بيانًا قال فيه: “يبدو أن ساعة الحسم الداخلي قد اقتربت، وعلى نفسها جَنَتْ بَرَاقش”.
إلا أن الأهم، ورد على لسان الدكتور أشرف عبد الغفار، الذي قال إن قرار تجميده “لا قيمة له” لأنه يأتي من جهة غير مخوَّلة ذلك، حيث قال حرفيًّا في تعليقه على هذا بيان رضا فهمي على “فيس بوك”: “الأخ طلعت فهمي هذا البيان كله كذب صريح نحن فوجئنا بهذا القرار دون سابق إنذار، ودون أي تحقيق مع أي أخ ممن ذكروا، و تاريخنا في الجماعة لا نزايد به، فهو لله وكفي بالله، أتحداك أن تثبت صحة ما ذكرت في تقريرك باليوم أو التاريخ أو الموقف لنا نحن الثمانية”.
حرب صلاحيات ومواقف!
لم تكن القرارات قاصرة على تجميد عضوية هؤلاء الثمانية، وإنما شملت كذلك، وفق ذات النشطاء الذين سربوا الأسماء الثمانية – قيل في البداية إنهم عشرة – بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المقيمين في مصر، ومؤيدين لجناح اللجنة العليا، قرارات أخرى بالفصل تمت بحق عدد كبير غير محدد بدقة منهم، وذكروا أن ذلك تم من دون تحقيق مع المفصولين.
كما تم “تسريب” أسماء أخرى ينوي جناح عزت تجميد عضويتهم أو فصلهم، بحسب موقع “مصر العربية”، يوم 12 مايو الجاري.
شملت الأسماء الأخرى التي تم تداولها في هذا الصدد، النائب السابق عادل راشد، والداعية عصام حلمي تليمة، والإعلامي المثير للجدل حمزة زوبع، والداعية وصفي عاشور أبو زيد، والدكتور محمد الفقي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى المصري، والدكتور محمد عماد عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري السابق، وقيادي يدعى محمد جابر.
“التسريب” ذكر أن السبب الحقيقي وراء هذه المجموعة من القرارات هو “رفضهم التام لأي اتفاق سياسي يقضي بتنازل الجماعة عن حقوق الضحايا أو الدخول في تسوية سياسية مع النظام المصري”.
وبالرغم من أن القرارات التي تم إرسالها إلى مجموعة الثمانية التي تأكد تجميد عضويتها، كانت تحمل توقيع إبراهيم منير أمين سر جماعة الإخوان المسلمين على المستوى العالمي، بحسب المادة (32) من اللائحة العالمية للإخوان المسلمين، إلا أن الجهة الحقيقية التي تقف هذا الأمر، هي المكتب التنفيذي للإخوان في تركيا.
المكتب جهة تتبع أو توالي جناح القائم بأعمال المرشد، الدكتور محمود عزت، وعلى وجه الدقة، مسؤول المكتب، المهندس مدحت الحداد، ونائبه سعيد سعد، إضافة إلى الأمين العام للمكتب، حسن عابدين، والمحامي مختار العشري، المستشار القانوني لجمعية رابعة التي تُعتبر واجهة من الواجهات المهمة المعبِّرة عن الإخوان المصريين في تركيا.
على الإثر اندلع ما يمكن أن نطلق عليه “حرب بيانات وتصريحات” بين الطرفَيْن، ربما كان أهمها البيان الذي صدر يوم 18 مايو، عن اللجنة الإدارية العليا قالت فيه إن ما يصدر عن محمود الإبياري ومحمد سودان (كلاهما من مكتب لندن الذي يدعم جناح عزت) “لا يعبر سوى عن نفسهما”، مؤكدةً أن أي قرار يصدر عن مكتب لندن “لا يعبر عن الجماعة ومنهجها وتوجهاتها”، وأوضحت أن الجهة الوحيدة المفوضة من “اللجنة الإدارية العليا” للحديث باسم إخوان مصر بالخارج، هي مكتب الإخوان المسلمين المصريين بالخارج، برئاسة الدكتور أحمد عبد الرحمن.
وفي يوم 19 مايو، صدر بيان آخر حمل توقيع الأمين العام للجنة العليا، قال فيه إن “تطورات الوضع الداخلي للجماعة تدعو جميع أبناء الدعوة المخلصين للوحدة والتماسك، ولا يمكن القبول بإجراءات وممارسات تضيع نضالات عشرات السنين من أجل الدين والأمة ووطننا الحبيب مصر، وتؤثر على الحراك الثوري ومساراته ومآلاته”.
يوم 20 مايو، ظهرت ورقة من أربع نقاط، منسوبة للجنة العليا، تحت عنوان “رسالة للصف”، لكنها لم تُنشر على صفحة “جماعة الإخوان المسلمون – المركز الإعلامي” على موقع “فيس بوك”، والتي تنشر بيانات اللجنة العليا، والمتحدث باسمها، محمد منتصر، كما لم تحمل – كما العادة – شعار الإخوان المسلمين.
إلا أنه مهما كان مصدر الورقة، فهي تناولت الموقف الراهن، وتأكيداتها على أن اللجنة هي الجهة الشرعية الممثلة للإخوان المسلمين في مصر، مع مكتب الإخوان المصريين في الخارج، ثم ذكرت أنها قد أصدرت قرارات بإيقاف عدد من قيادات الجماعة التاريخية والمكتب التنفيذي للإخوان في تركيا، عن أية مسؤولية تنظيمية، وتحويلهم للتحقيق.
والقيادات المذكورة في هذه الورقة، هم: الدكتور إبراهيم منير، والدكتور محمود حسين، الدكتور محمود الإبياري، والدكتور محمد عبد الوهاب، والدكتور مصطفى طلبة، والدكتور محمد شلبي، والدكتور محمد الحلوجي، والمهندس مدحت الحداد.
هذا “البيان” الأخير أهميته تأتي في أنه لم يعقب على قرارات التجميد فحسب، وإنما جاء ردًّا على تصريح مهم – أيًّا كان الموقف القيمي منه – لمحمد سودان (كان قبل الانقلاب يشغل منصب أمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة) خلال حوار له مع تليفزيون “العربي” الذي يُبث من العاصمة البريطانية، قال فيه إنه “على الرغم من التضحيات التي قدمتها الجماعة خلال الفترة الماضية إلا أن الخروج من الأزمة الراهنة يحتاج إلى كثير من الحكمة”.
وهي نقطة مهمة أشارت تسريبات “مصر العربية” المشار إليها، والتي تتعلق بالخلاف بين طرفي الأزمة حول كيفية التعامل مع الموقف السياسي الراهن في مصر، ومع النظام؛ حيث يميل جناح عزت، إلى التهدئة، فيما ترفض اللجنة الإدارية الهليا بالمطلق أية تسوية مع النظام، أو التفريط في الدماء التي أريقت خلال فض رابعة والنهضة، وما تلاها من أحداث.
إلا أن الأسوأ لم يأتِ بعد في تصريحات سودان، حيث إنه قال إن ثورة 25 يناير “لم تكن ثورة، ولكن انتفاضة ومؤامرة تم فيها الزج بالإخوان وغيرهم لوقف نقل الحكم إلى (نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك) جمال مبارك، والهانم (في إشارة لسوزان مبارك قرينة الرئيس المخلوع)”.
ولا تُعتبر تصريحات سودان هذه فريدة من نوعها بالنسبة لجناح عزت، حيث أصدرت الجماعة قبل ذلك بعض البيانات عن عدد من الحوادث التي جرت في مصر في الآونة الأخيرة، كانت ذات لهجة تصالحية، بعضها وصل إلى مستوى “الجريمة” من وجهة نظر الجناح الأكثر راديكالية داخل اللجنة العليا ومكتب إخوان المصريين في الخارج.
أهم هذه البيانات، هو ذلك البيان الذي صدر يوم 8 مايو الجاري، حول حادثة تصفية ثمانية من عناصر الشرطة المصرية في منطقة حلوان، جنوب العاصمة المصرية، حيث أدانت الجماعة، وبعبارات صريحة للغاية، هذا “الاعتداء الآثم”، وعلى “حرمة الدماء، أيًّا كانت الدوافع في إطار من التزامهم بدينهم ومبادئهم ووطنيتهم، ومنهجهم السلمي الواضح”.
ثم كان الموقف المتفجر على موعد مع محطة أخرى يوم 18 مايو، عندما نشرت وكالة “الأناضول” التركية حوارًا هاتفيًّا مع الدكتور جمال حشمت، تحت عنوان “جمال حشمت: الإخوان ستعلن قريبًا فصل الدعوي عن الحزبي”، قال فيه إن جماعة الإخوان المسلمين “ستعلن قريبًا فصل الدعوي عن الحزبي”، وأنه تأكَّد عزم كل الأطراف داخل الجماعة على ضرورة فصل الجانب الحزبي التنافسي عن الجانب الدعوي والتربوي.
بعد هذا التصريح الذي أثار نقاشات عدة داخل الأوساط الإخوانية وغير الإخوانية المعنية بشؤون الجماعة وبالشأن المصري العام، بثلاثة أيام، وتحديدًا يوم 21 مايو، صدر تصريح عن الدكتور رضا فهمي المتحدث باسم جناح عزت، قال فيه إن الجماعة ترحب بأية أطروحات وكذا، لكن عبر مؤسساتها وآلياتها المعتمدة وفقًا لأولويات المرحلة، التي يتوجب أن تتوجه فيها كل الجهود لكسر الانقلاب بمشاركة جموع الثوار وكافة القوى السياسية، وأن الجماعة تؤكد للإخوة الكرام أعضاء جماعة الإخوان المسلمون أنها ما كانت لتبرم أمرًا دون الرجوع لأفراد الصف أصحاب الحق الأصيل في الشورى واتخاذ القرار.
الصراع على التنظيم
قاد هذا الموقف المتصاعد إلى نقطة شديدة الأهمية، وتمثل مفصل أي تحرك آني أو مستقبلي لجناحَيْ الأزمة، بل هو محور الأزمة نفسها، وهو اشتداد الصراع على التنظيم.
إن من يسيطر على ثلاثة مفاصل أساسية في الجماعة؛ فقد سيطر على الجماعة فعليًّا، وهي: قطاع الشباب، والمكاتب الإدارية، والتمويل
ولعل أهم الأطر الإدارية محور هذا الصراع بين الجانبَيْن، هي قطاع الشباب، والمكاتب الإدارية للقطاعات الإقليمية والمحافظات.
وفي حقيقة الأمر، فإن من يسيطر على ثلاثة مفاصل أساسية في الجماعة؛ فقد سيطر على الجماعة فعليًّا، وهي: قطاع الشباب، والمكاتب الإدارية، والتمويل، ولكن التمويل مرتبطٌ بشكل أساسي، بنشاط المكاتب الإدارية، التي تسيطر بدورها على الصف العامل، وتجمع منه الاشتراكات والتبرعات.
فيما يخص قطاع الشباب، نلمس ذلك واضحًا – أولاً – في التصريحات الصوتية المنسوبة للدكتور محمد كمال، والتي أعلن فيها أستقالته من اللجنة العليا، وعدم تقيده بأي منصب إداري آخر في الجماعة، مما مثَّل إحراجًا لقيادات الجناح الآخر، التي بدت وكأنها هي التي ترفض المصالحة، والمبادرات المختلفة التي طُرحت في صددها خلال الفترة الماضية.
فيما يخص الشباب في استقالة كمال، ذكر نقطتَيْن؛ الأولى أنه دعا “قيادات المراحل السابقة” في إشارة للقائم بأعمال المرشد محمود عزت والمجموعة التي معه، بأن “يسلموا راية القيادة لشباب الجماعة” الذين وصفهم بـ”قادة الميادين وفرسان المرحلة”.
النقطة الثانية أنه أكد على أن شباب الإخوان حاليًا “على أعتاب تسلم قيادة أكبر جماعة إسلامية في التاريخ الحديث”، وقال إنهم أهل لذلك بعدما أثبتوا أنهم أهل لتحمل المسؤولية خلال الفترة الماضية.
ومنذ فترة، توافرت معلومة مؤكدة من أطراف مؤيدة وداعمة حتى للقائم بـعمال المرشد، الدكتور محمود عزت، قالت فيها إن الانتخابات التي أشرفت عليها اللجنة العليا قبل الانتقسام الكبير بينها وبين الدكتور محمود عزت وباقي لجنة الستة التي كُلِّفت بإدارة شؤون الجماعة في مرحلة ما بعد فض اعتصامَيْ رابعة والنهضة، في بعض المناطق والشعب والمحافظات، في فترة ما من العام 2014م، كانت عبارة عن “تصعيد” أكثر منها “انتخابات”.
السيطرة الإدارية والمالية لجناح عزت، تضمن له الاستمرار باعتبار أنه “القيادة الشرعية” للجماعة، بموجب اللائحة، والمسيطر الفعلي عليها بموجب التمويل والأطر الإدارية الداعمة له.
وقالوا إنها جاءت بالكثير من الشباب الذي كان مؤيدًا لنهج الدكتور محمد كمال والدكتور محمد حسين إبراهيم، والدكتور محمد وهدان والدكتور محمد سعد عليوة، والذي مال إلى التبكير بخيار العنف ضد النظام الحالي في مصر.
ومنذ فترة تتداول أوساط مؤيدة لهذا الجناح أو ذاك، بعض البيانات والمعلومات التي تفيد بأن أيّ من الحناحين، قد حصل على تأييد بعض هذه المكاتب أو تلك.
فالأستاذ بدر محمد بدر المشرف على الموقع الإلكتروني لحزب الحرية والعدالة، وصفحاته على “فيس بوك”، أشار منذ فترة إلى أن هناك 17 مكتبًا إداريًّا للمحافظات، قد أعلنوا تأييدهم للقائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمود عزت.
في المقابل نشرت صفحة اللجنة العليا على صفحة “جماعة الإخوان المسلمون – المركز الإعلامي” على “فيس بوك”، مجموعة من البيانات باسم الأمين العام للجنة العليا، نسبتها إلى بعض المكاتب الإدارية للقطاعات والمحافظات، لتأكيد تأييدها للجنة، وللانتخابات التي أجرتها خلال الفترة الماضية، ضمن محاولات حسم أمر الشرعية داخل الجماعة، وأفرزت تصعيد بعض الشخصيات الشابة، الأكثر راديكالية لمناصب إدارية، ولم يعترف بها جناح الدكتور عزت.
هذه البيانات صدرت كالآتي:
– بيان المكتب الإداري للإخوان المسلمين بالإسكندرية (هناك مكتب آخر للإخوان في المحافظة يدعم عزت، والبيان المنشور على صفحة اللجنة العليا، أشار إلى ذلك، وانتقد موقف المكتب الآخر).
– بيان لقطاع شمال الصعيد، شمل المكتبَيْن الإداريَّيْن للإخوان المسلمين بالفيوم وبني سويف، واللجنة الإدارية للإخوان المسلمين بالمنيا، وليس المكتب الإداري للإخوان في المحافظة، الذي لا يزال على ولائه لجناح عزت.
– بيان لقطاع جنوب الصعيد، ولكنه لم يذكر أيًّا من المكاتب الإدارية للمحافظات التي يضمها، مثل قنا وسوهاج وأسوان، واكتفى بذكر عبارة “الإخوان المسلمون – قطاع جنوب الصعيد”.
سيطرة… ولكن!!
في ظل الصورة السابقة، ينقسم الصف، وإن كان هناك سيطرة غالبة للآن لجناح محمود عزت المدعوم من الأمانة العامة للتنظيم المحلي، الذي يتولاه الدكتور محمود حسين، والأمانة العامة للتنظيم الدولي، الدكتور إبراهيم منير، بسبب استمرار المكاتب الإدارية، وخصوصًا المكاتب الإدارية للمحافظات، التي تُعتبر العصب الإداري للجماعة، في العمل التنظيمي وفق الخطط والأوراق التربوية والتنظيمية المرسلَة من هذا الجناح، وفي المقابل، جمع الاشتراكات من الأعضاء.
ويدعم من ذلك، استمرار اللائحة الحالية للجماعة سارية، وهي تمنع إضفاء صفة الشرعية على أي إجراء يتم بمعزل عن القائم بأعمال المرشد، والأطر التنظيمية الأخرى للجماعة، مثل مكتب الإرشاد ومجلس شورى تنظيم مصر
وهي نقطة بدورها يدرك جناح اللجنة العليا ومكتب الإخوان المصريين في الخارج أهميتها ومفصليتها، ولذلك طرحوا فكرة تعديل اللائحة مع إجراء انتخابات شاملة، ولكن جناح عزت لم يقبل أي منها، ومتهم بتعطيل كلا الإجرائَيْن.
هذه السيطرة الإدارية والمالية لجناح عزت، تضمن له الاستمرار باعتبار أنه “القيادة الشرعية” للجماعة، بموجب اللائحة، والمسيطر الفعلي عليها بموجب التمويل والأطر الإدارية الداعمة له.
إلا أن هناك عدد من الاعتبارات قد بدأت في الأخذ من شرعية هذا الجناح وسيطرته، الاعتبار الأول، هو الضغوط المتزايدة بسبب مواقف لقيادات مهمة في تنظيم مصر، مثل الدكتور محمد كمال، وبعض التنظيمات الإخوانية القُطْرية، مثل تنظيم الأردن الذي أعلن انفصاله عن الجماعة العالمية، أي أنه لم يعُد يتبع محمود عزت باعتبار الأخير هو القائم بأعمال المرشد العام للجماعة بأكلمها بموجب اللائحة.
وللمزيد من التوضيح، فإن الدكتور محمود عزت في الوقت الراهن ليس نائبًا للمرشد العام كما كان قبل الانقلاب وفض اعتصامَيْ رابعة والنهضة، حيث كان أحد نواب المرشد العام في تنظيم مصر، إنما هو الآن هو قائم بأعمال المرشد.
ثم جاء التطور الكبير الذي حصل في تونس، من حركة النهضة الإسلامية، التي تمثل إخوان تونس، لكي يزيد من الضغوط الأخلاقية والتنظيمية على جناح عزت، في ظل الخطوة التقدمية الكبيرة التي أخذتها النهضة بفصل الدعوي عن السياسي، وتطوير آليات عمل التنظيم باعتباره “كيانًا سياسيًّا ينتمي لدولة قومية” محددة الحدود والسياقات.
وبدا التأثير الأوَّلي للوضع في تونس، في تصريحات الدكتور جمال حشمت المشار إليها، وفي ردود الفعل المؤيدة لها من شريحة لا بأس بها من الشباب، التي انتقدت ما وصفته بـ”الجمود” الذي تُبديه قيادة عزت للجماعة، إزاء كل محاولات التطوير.
وفي هذا، فإن هناك الكثير من المنطق لدى منتقدي جناح عزت، حيث إنه، وبعيدًا عن الاعتبارات التي تفرضها الأزمة، فإن صيرورات الواقع وتطورات الوضع السياسي المحلي والإقليمي، تفرض – بكل تأكيد – تحديث الإدارة، وإدخال تجديدات على الأطر الإدارية والمورد البشري القيادي، وحتى على الرؤية الحاكمة للسياسات والمواقف.
المأزق الأخلاقي المهم الثالث الذي يواجه الدكتور عزت وجماعته، يتعلق بأسر المعتقلين والشهداء، ممن رفضوا الاستجابة لما طُلِب منهم من مواقف تتفق مع سياسة الكمون التنظيمي والتهدئة التي يتبناها هذا الجناح، وهناك بالفعل قصص إنسانية يمكن وصفها بالمرعبة في هذا الصدد، تعانيها هذه الأسر، التي اضطر بعضها إلى إخراج الأبناء من المدارس، أو الوفاة بسبب نقص المورد المالي اللازم للعلاج، في ظل انغلاق سبل العيش أمامهم بسبب التضييق الأمني.
….
إلا أنه في النهاية، تبقى أن الكلمة – إلى الآن – في يد من يملك المفاتيح الإدارية والمالية… هل تستمر؟! هذا يتوقف على قدرة اللجنة العليا ومن معها في استقطاب المكاتب الإدارية للمحافظات، ودفع الشباب إلى التمرد في الناحية المالية، وتوجيه مواردهم إلى قيادات أخرى بديلة لعزت ومجموعته داخل التنظيم.