انتخب المؤتمر العام الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية المرشح “بن علي يلدريم” رئيسًا للحزب والحكومة التي يقودها حزبه، وهو المرشح الوحيد من قبل اللجنة المركزية في الحزب، خلفًا لـ “أحمد داوود أغلو” والذي قدم استقالته رسميًا بعد انتخاب بن علي يلدرم، وكان داوود أوغلو قد أعلن في وقت سابق عدم ترشحه لرئاسة الحزب والحكومة في المؤتمر الاستثنائي للحزب.
ويشكل اختيار هذه الشخصية المقربة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مفتاحًا لشراكة وجهات النظر في إدارة الحزب والحكومة بين أردوغان ورئيس الحكومة والحزب الذي أسسه.
وحدة الرؤية والانسجام بين أردوغان وبن علي يلدريم ستقود تركيا إلى تحولات سياسية يتطلع إليها حزب العدالة والتنمية دون الحاجة إلى تكاليف زمنية طويلة
بعد إعلان أحمد داوود أغلو عدم ترشحه لرئاسة الحزب والحكومة في وقت سابق، كثرت التكهنات حول الشخصية التي ستحل محله في رئاسة الحزب والحكومة، فقد ذكرت أسماء عديدة وكان من بينها بن علي يلدريم الذي وقع عليه الاختيار، ويعتبر انتخاب هذه الشخصية المتمرسة في قيادة وإدارة العمل الحزبي ضمانة لأردوغان في الحفاظ على صحة وسلامة الحزب، وعدم تكرار نموذج حزب الوطن الأم الذي تخلخل وانهار لما انتقل رئيسه تورغوت أوزال لرئاسة الدولة خلال حقبة التسعينات من القرن الماضي.
ويتقن بن علي يلدرم العمل الحكومي إلى جانب تمرسه في العمل الحزبي من خلال تجربته الوزارية في حكومات حزب العدالة والتنمية منذ وصول الحزب إلى السلطة عام 2002، ويعرف برجل المشاريع العملاقة التي غيرت وجه مدينة إسطنبول ونقلتها إلى الحداثة.
وحدة الرؤية والانسجام بين أردوغان وبن علي يلدريم ستقود تركيا إلى تحولات سياسية يتطلع إليها حزب العدالة والتنمية دون الحاجة إلى تكاليف زمنية طويلة، نظرًا لتطابق وجهات النظر في قيادة الحزب والحكومة وتشارك الهم بينهما في إحداث التحولات السياسية والدستورية للوصول إلى تركيا “2023” التي يعمل العدالة والتنمية للوصول إليها، ومن هذه التحولات: التسويق الجيد للنظام الرئاسي، إقرار دستور جديد، تجفيف منافذ التنظيم الموازي، تفعيل الخطة الجديدة في حل المشكلة الكردية.
التسويق الجيد للنظام الرئاسي
يسعى حزب العدالة والتنمية إلى استبدال النظام السياسي المعمول به حاليًا في تركيا بنظام رئاسي حتى تتفاعل القوة التركية الصاعدة اقتصاديًا وعسكريًا مع سلطة تنفيذية برأس واحد، يقود صلاحياتها رئيس الدولة، حتى يتم إنتاج دولة تمتلك فرض موقفها وقرارها السياسي على المستوى الإقليمي والدولي، وتقاس قوة الدول بقوة سلطتها التنفيذية إذا ترافقت مع قوة اقتصادية وعسكرية، فأضحت تركيا بأمس الجاجة للنظام الرئاسي في ظل التنامي الاقتصادي والعسكري حتى يتم استيعاب تركيا الجديدة.
فأمام بن علي يلردم مهمة إقرار النظام الرئاسي للدولة التركية عبر التسويق والتعريف به لدى المجتمع التركي لإقراره باستفتاء عام إن تعثر إقراره من خلال البرلمان، وكان أحمد داوود أوغلو قد صرح سابقًا أن تركيا قد تجري استفتاءً عامًا لاعتماد النظام الرئاسي.
يعتبر فشل الوصول إلى اتفاق مع الأحزاب في البرلمان فرصة لبن علي يلدريم للتوجه نحو استفتاء عام بعد أن تحصل مسودة الدستور التي يعمل الحزب على إعدادها على 330 صوتًا من أعضاء البرلمان.
إقرار دستور جديد
لم يتمكن حزب العدالة والتنمية حتى الآن من التوصل إلى اتفاق مع الأحزاب الحاضرة في البرلمان التركي لإقرار دستور جديد للجمهورية التركية تخطه أقلام العهد الديمقراطي بدلاً من الدستور الحالي الذي ولد من رحم انقلاب عسكري، وكان أحمد داوود أغلو قد كشف في وقت سابق أن العدالة والتنمية شكل لجنة لصياغة دستور جديد، وفور انتهاء اللجنة من عملها سيتم عرض مسودة الدستور الجديد على البرلمان وهو يحتاج إلى 367 صوتًا لإقراره تحت قبة البرلمان، وإن لم يحصل الدستور الجديد على هذه النسبة يكفي العدالة والتنمية 330 صوتًا من أصوات النواب في البرلمان لطرحه في استفتاء عام.
يعتبر فشل الوصول إلى اتفاق مع الأحزاب في البرلمان فرصة لبن علي يلدريم للتوجه نحو استفتاء عام بعد أن تحصل مسودة الدستور التي يعمل الحزب على إعدادها على 330 صوتًا من أعضاء البرلمان.
زيادة فعالية القضاء على التنظيم الموازي
في هذا المخاض التي تمر به تركيا خلال فترة التحول السياسي الهائل، يدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطورة ما يمكن أن يقوم به عناصر التنظيم الموازي، وبالتالي يريد أردوغان من بن علي يلدريم إغلاق جميع منافذ التنظيم الموازي المادية والسياسية حتى تنهار منظوماته السياسية والإعلامية وتفريغ الأجهزة الحكومية منه.
تفعيل الخطة الجديدة لحل المشكلة الكردية
تبنت حكومة أحمد داوود أغلو خطة جديدة لحل المشكلة الكردية، ضمن محددات تقوم على أساس التواصل مباشرة مع الفعاليات المجتمعية الكردية وتقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي للمناطق الكردية، وتصفية تنظيم بي-كي-كي الإرهابي.
وما يساعد الحكومة التركية الجديدة في نجاح خطتها لحل المشكلة الكردية هو أن بن علي يلدريم ينتمي لعائلة تركية من أصول كردية من محافظة أرزنجان شمال شرق تركيا، ما يجعل الشارع الكردي أكثر استجابة وقبولاً للطرح الجديد في حل المشكلة الكردية جراء اطمئنانهم بأن الدولة لا تقصي أحدًا والدليل هو بن علي يلدرم رئيس الحكومة.