بعناوين متشابهة، مثل:”دخول المجلس براءة”، و”براءة جميع المتهمين في قضية دخول مجلس الأمة”، افتتحت كل الصحف الكويتية وبعض الصحف العربية أعدادها التي صدرت بعد إعلان محكمة الجنايات الكويتية عن براءة 70 مواطنا كانوا متهمين بمحاولة اقتحام مجلس الأمة، خاطفة الأضواء من أخبار انعقاد القمة الخليجية في الكويت اليوم .
وجاء قرار المحكمة بعد أن تحول “الاقتحام” إلى “دخول”، وبعد أن رأت “انتفاء القصد الجنائي والإساءة”، وتأكدت من “عدم إلحاق أضرار بالمبنى” خلال الفترة القصيرة التي قضاها المتهمون داخل المجلس، وذلك بعد أكثر من عامين على الحادثة التي وقعت في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، في قضية تعد الأولى من نوعها، اتهم فيها 70 شخصا من ضمنهم 11 نائبا سابقا جميعهم في صفوف المعارضة، بالإضافة إلى نشطاء سياسيين واجتماعيين بارزين.
وحسب ما نشرته وكالة الأناضول، فإن مراقبين يرونا طابعا سياسيا للحكم، مستدلين بما شهدته الكويت في تلك الفترة من عام 2011، والتي انتهت باستقالة رئيس الوزراء السابق ناصر محمد الأحمد الصباح، وهي المرة الأولى التي يستقيل فيها دون أن يعود لتشكيل حكومة، والمرة الأولى التي يصبح فيها ناصر الصباح خارج دائرة السلطة التنفيذية قانونا، بالإضافة إلى حل مجلس الأمة، ثم عودة من قادوا التجمعات المعارضة، وتحقيقهم لأغلبية في مجلس الأمة الذي أبطلته المحكمة الدستورية لاحقا.
ولعل النبرة التي اتسمت بها تصريحات المتهمين المبرئين أمس تشي بما يصبون إليه بعد أن كادوا يدخلون بدائرة النسيان، فقد مثل الحكم، وفق المراقبين، الأوكسجين المنعش للمعارضة، حيث عبرت الحركة الدستورية الإسلامية في الكويت، حدس، على لسانها أمينها العام، ناصر الصانع، عن احتفائها بالمبرئين داعية إلى “الاستمرار بالحراك والعودة من جديد إلى الساحة السياسية لإنقاذ الكويت من اختطاف المفسدين”.
وكانت المعارضة الكويتية قد أوقفت تحركاتها الميدانية عقب “مسيرة وطن 7” التي نظمتها في 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، واكتفت منذ ذلك الوقت باعتصام رمزي في ساحة البلدية نظمه شباب التيارات السياسية، لتعود الآن إلى نبرة التحدي، حيث قال النائب السابق، مسلم البراك، وهو أحد المبرئين، في حديثه لصحفيين بعد صدور الحكم: “لن نخضع حتى نأتي برئيس حكومة منتخبة يعيد بناء الكويت بعد خمسين سنة من الفساد، و الفاسدون يجلسون في الصفوف الأمامية”، مضيفا: “لا مصالحة مع من انتهك الدستور وزج بالشباب في السجون، وعلى الحكام أن يدركوا بأن الطريق الأفضل هو التصالح مع شعوبهم، وإذا لم يكن هناك بعد مستقبلي بين دول المنطقة والحكام ستكون هناك مخاطر عديدة”.
وأما رئيس مجلس الأمة الأسبق، أحمد السعدون، فقد وصف الحكم بأنه يمثل “تحولاً غير عادي بكل المقاييس”، مؤكدا على ضرورة مواصلة التصعيد: “لا يجب أن نتوقف عند الحكم وآن الأوان أن تكون هناك خطوات محددة لمنع هذا الوضع الفاسد الذي إذا استمر سيؤدي إلى تفكيك الدولة”.
ويذكر أن حادثة اقتحام البرلمان الكويتي في 2011، جاءت بعد مهرجان خطابي كبير عقدته المعارضة في ساحة الإرادة المقابلة للمجلس، وسط العاصمة الكويت، للمطالبة بإقالة رئيس الوزراء الأسبق، ناصر المحمد، وحل مجلس الأمة، لينتقل المتجمعون بعدها في مسيرة باتجاه منزل ناصر المحمد، قبل أن تمنعهم الشرطة من إكمالها ليعودوا باتجاه المجلس ويدخلوه، متهمين عددا من أعضائه بالفساد.