ترجمة وتحرير نون بوست
اختطف شقيقي سليم العرادي، وهو رجل أعمال ليبي/كندي، واعتقل بشكل جائر لمدة تتجاوز الـ600 يومًا من قِبل جهاز أمن الدولة التابع للإمارات العربية المتحدة، وحينها تم اعتقالي أيضًا معه، واستمرت معاناتي الطاحنة في سجون التعذيب السرية الإمارتية سيئة السمعة لمدة 120 يومًا قبل أن يُطلق سراحي، ولكن بالطبع، معاناتي تلك تتضاءل بالمقارنة مع المدة التي قضاها سليم بالمعتقل، والتي بلغت، حتى الآن، خمسة أضعاف الفترة التي قضيتها، وكل ذلك على الرغم من حقيقة أن سليم هو رجل عائلة بريء لم يرتكب أي جرم.
بعد 16 شهرًا، لفّقت النيابة العامة الإمارتية أول الاتهامات لشقيقي، زاعمة بأنه يحوز صلات بمؤسستين منخرطتان بأحداث الثورة الليبية، وذلك اعتمادًا على اعترافات اُنتزعت تحت وطأة التعذيب، ولكن في مارس المنصرم، تراجعت المحكمة عن التهم الموجهة لسليم، وتم توجيه اتهامات أخرى جديدة، أقل خطورة بكثير ولكنها لا تزال مضرّة على نحو كبير، حيث تم اتهامه بتنفيذ أعمال عدائية ضد ليبيا بدون الحصول على إذن من الحكومة الإماراتية، ولم يجرِ دعم هذا الاتهام أمام المحكمة بأي أدلة تؤيده.
للأسف، لم نكن أنا وشقيقي سليم سجناء الرأي الوحيدين الذين اعتقلهم أمن الإمارات في عام 2014، بل شاركنا تلك المأساة 10 أشخاص آخرين جميعهم من أصل ليبي، ومن بينهم ثلاثة أمريكيين، كنديان، ومقيم دائم في فرنسا، تم اعتقالهم ظلمًا وتعسفًا.
في الأشهر الأربعة الأولى لم يعلم أحد، باستثناء خاطفينا، بمكاننا، ولكن بعد أن تم الإفراج عن أربعة منا في ديسمبر 2014، ظل الستة المتبقون معتقلين بدون أي تفسير لمدة 16 شهرًا، وبعد أشهر مؤلمة من الترقب، باشرت نيابة أمن الدولة الإماراتية إجراءات محاكمتهم المشوبة بانتهاكات إجراءات التقاضي السليمة، التهم الملفقة، والخالية من أي أدلة تدعمها.
تم اختطافي وشقيقي سليم من قِبل أمن دولة الإمارات في 28 أغسطس 2014 في دبي، ومرّت العديد من الأشهر قبل أن نحصل على إذن من السلطات لإعلام عائلاتنا بمكاننا وحالتنا، ووفقًا لجميع معايير القانون الدولي، كان اعتقالنا وما زال غير قانوني؛ فلقد تعرضنا للتعذيب الممنهج، الذي يعد، وبصرف النظر عن كونه مخالفًا بشكل صريح للقانون الدولي، انتهاكًا مباشرًا لدستور دولة الإمارات العربية المتحدة ذاتها، وما زلت الصرخات المؤلمة والمروعة التي أطلقها شقيقي أثناء تعرضه للتعذيب في القاعة المجاورة لزنزانتي تلاحقني حتى اليوم.
على مدى عقود قبل عملية اختطافنا، لم نكن أنا وشقيقي سليم إلا أشخاصًا قاطنين في الإمارات وملتزمين بكافة ما يوجبه علينا القانون، حيث استفدنا وأفدنا المجتمع الإماراتي على حد سواء؛ لقد كنا رجال أعمال نحظى باحترام واسع، ونتمتع بعلاقات جيدة مع العديد من المواطنين الإماراتيين الشرفاء، ودولة الإمارات هي بلد وصلنا إليها ونحن نحمل في قلوبنا الحب والاحترام، ولم يكن لتلك المشاعر أن تتغير لولا الظلم المأساوي الذي أخضعنا إليه أمن الدولة في الإمارات.
عندما أدركنا بأن العدل بعيد المنال، قامت عائلتنا بما يتوجب عليها فعله، وبدأت الحملة التي أضحت معروفة الآن عالميًا للمطالبة بتحرير سليم تحت وسم (#FreeSalimAlaradi).
بدأت هذه الحملة من كندا، لتصبح دعوة شعبية دولية من أجل الحرية والعدالة، واستقطبت انتباه المنظمات الدولية، كمنظمة العفو الدولية، التي نددت بالتهم التي لفقتها الحكومة الإمارتية لسليم، فضلًا عن استقطابها لاهتمام الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس واتش، التي عبّرت عن مخاوفها الحقيقية أيضًا من سوء المعاملة الفظيعة التي يتعرض لها شقيقي في معتقله، وفضلًا عن ذلك، غُمرت عائلتنا بدعم واسع من قطاعات كبيرة من المجتمع الدولي، الذين دعوا جميعهم للإفراج الفوري عن سليم من اعتقاله التعسفي.
وفي الآونة الأخيرة، تضامن مئات الأشخاص في جميع أنحاء العالم مع أسرتنا من خلال وسائل الاعلام الاجتماعية، حيث ارتفعت المطالبات التي تطالب الإمارات بمنح الحرية والعدالة في 30 مايو، وهو التاريخ الذي ستصدر فيه المحكمة حكمها النهائي والمبرم بحق شقيقي.
في هذا السياق، ينبغي أن نوضح أمرًا مهمًا للغاية، حملتنا لم تكن أبدًا ضد دولة الإمارات العربية المتحدة ذاتها، أو ضد شعبها، بل بدلًا من ذلك، نسعى لإطلاق شرارة الإصلاح الداخلي من خلال الكشف ورفع مستوى الوعي حول انتهاكات حقوق الإنسان المزرية التي يعاني منها العديد من الأفراد الأبرياء، بما في ذلك أنا وسليم، على أيدي أمن الدولة بالإمارات، المؤسسة التي سُمح لها بالعمل متمتعة بميزة الإفلات من العقاب.
إذا تحققت العدالة، فسيكون 30 مايو 2016 هو اليوم الذي سنشهد فيه أخيرًا حرية شقيقي، البالغ من العمر 45 عامًا، الزوج المتفاني، والأب لخمسة أطفال، من الاعتقال التعسفي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
على مدى عدة أشهر، دافع فريق قانوني دولي مخصص عن سليم ورفاقه المتهمين في القضية، المواطنان الأمريكيان كمال ومحمد الضراط، أمام المحكمة العليا الإمارتية ضد نيابة أمن الدولة، التي لم تتردد في عرقلة العملية القانونية في كل مناسبة ومنعطف، حيث أكدت الأدلة التي قدمها فريق الدفاع المتمكّن بما لا يدع مجالًا للشك بأنه، ووفقًا لقانون البلاد، لا يوجد بديل عن الحكم بالبراءة.
وبالنسبة لآلاف المناصرين الذين يتحدثون الآن بصوت سليم، الحكم بالبراءة هو النتيجة الوحيدة المقبولة؛ إنها فرصة شقيقي وعائلته الوحيدة ليضعوا الألم والمعاناة التي قاسوها خلال الأيام الـ600 الماضية خلف ظهورهم؛ فنحن لا نرغب بمتابعة أي إجراءات أخرى ضد دولة الإمارات إذا أخذت العدالة مجراها، ونرغب فقط بأن يعود سليم إلى منزله وعائلته.
على الرغم من جميع الأحداث، لا نزال نأمل في أن تسود العدالة، وأن تعترف الإمارات بالأخطاء العديدة التي مارستها بحق شقيقي، ومن هنا، نلتمس من الحكومة الإمارتية ألّا تمعن بحرمان سليم من حريته، ونحن متفائلون بحذر بأنه سيعود قريبًا إلينا، ليلتم شمله مع والدته وزوجته وأطفاله.
أخيرًا، وعلى الرغم من أنه لن يستطيع استرجاع ما يناهز السنتين اللتان تم انتزعاهما ظلمًا من حياته، إلا أنني أعلم في داخلي بأن كل ما يريده شقيقي هو فرصة للعودة إلى بيته ليعيد بناء حياته مع عائلته.
المصدر: الغارديان