تبلغ مساحة سوريا 18.5 مليون هكتار، 6.5 مليون منها قابل للزراعة، مستثمر منها 5.7 مليون هكتار، وتبلغ مساحة الأراضي المروية 1.4 مليون هكتار، والبعلية 3.3 مليون هكتار، وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن 8.9 مليون نسمة يقطنون في الأرياف يعمل أكثر من مليون عامل منهم في الزراعة أي ما نسبته 19.4% من قوة العمل السورية، وتسهم الزراعة بـ 17.6% في الناتج المحلي الإجمالي.
الزراعة في سوريا قبل الأزمة
اشتهرت سوريا على مر الحضارات والعصور الغابرة التي مرت عليها بجودة المنتجات الزراعية من فواكه وخضروات وحبوب، وعدت الزراعة كأهم الأنشطة الإنتاجية خصوصًا حول حوض الفرات ودجلة وعلى ضفاف الأنهار كبردى والعاضي وقويق، وهي الموطن الأصلي لأشجار مثمرة مثل الزيتون والفستق الحلبي.
وتؤدي الزراعة دورًا هامًا وكبيرًا في الاقتصاد القومي السوري من خلال مساهمتها بنصيب هام من التجارة الخارجية وتوفير العملات الأجنبية، حيث تبلغ نسبة الصادرات الزراعية 31% من إجمالي الصادرات السورية، علمًا أن هذه النسبة جيدة وتسهم في تعديل الميزان التجاري السوري، كما تعمل على توفير المواد الأولية لمختلف المعامل الصناعية العاملة في مجال الصناعات الغذائية، فضلاً عمّا تسهمه في تشغيل الأيدي العاملة.
يعد القطاع الزراعي موردًا اقتصاديًا لأكثر من 46% من السكان في سوريا.
الزراعة في سوريا بعد الأزمة
إلى أن جاء عام 2011 وتغيرت كل الموازين وأصبحت السلة الغذائية لمختلف الحضارات تستورد الغذاء من الخارج، فأثناء الحرب السورية تبدل حال الحدود السورية التي كانت تعج بسيارات شحن الخضار والفاكهة باتجاه العراق ودول الخليج، فتوقف التصدير إلا ما ندر وأصيب الإنتاج الزراعي في سوريا بشلل شبه تام نتيجة الحصار المطبق من قِبل النظام وحلفائه على المناطق المنتجة للخضراوات والحبوب، فلم يزرع الفلاحون الأراضي كما اعتادوا كل عام، وعمد النظام إلى حرق المحاصيل الزراعية في إطار سياسة التجويع والحصار المطبقة على الشعب الثائر.
ارتفاع أسعار المحروقات وانقطاع المياه والكهرباء وانعدام الأمن وانخفاض قيمة الليرة الحاد كانت أبرز الأسباب ليترك المزارع أرضه وتفقد سوريا أحد أهم ركائزها على مدار القرون الماضية.
وبحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة فإنه يواجه ما يقرب من 9.8 مليون شخص في سوريا انعدام الأمن الغذائي، و6.8 مليون منهم يعيشون حالات حادة من انعدام الأمن الغذائي وبحسب تقارير المنظمة فإن الصراع الجاري بين أطراف الصراع يقوّض الأنشطة الزراعية وأسواق المواد الغذائية على “نحو خطير”.
وأفاد خبراء الاقتصاد لدى برنامج الأغذية العالمي أن قرابة ست سنوات من الصراع أسفرت عن تدمير الاقتصاد السوري ومعه قدرة السكان على شراء الضروريات مثل الغذاء الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة.
وعكس تراجع الإنتاج الزراعي على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية الأساسية وزاد من هذا رفع الدعم الحكومي على تلك المواد وانخفاض قيمة العملة المحلية (الليرة)، حيث ارتفعت حصة إنفاق الأسرة على الغذاء بشكل كبير جدًا منذ بداية الأزمة في سوريا إذ باتت الأسر تنفق أكثر من نصف دخلها على الغذاء وفي بعض المناطق قفزت النسبة إلى 80% من دخل الأسرة.
انخفضت نسبة مساهمة القطاع الزراعي السوري في الناتح المحلي من 18% عام 2010 إلى حدود 5% بعد الأزمة.
تراجعت كميات الإنتاج الحيواني بمقدار 30% وانخفضت أعداد الدواجن بنسبة 40% بحسب إحصائيات لوزارة الزراعة السورية كما تراجعت كمية القمح المنتجة في عام 2014 إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عامًا بحسب منظمة الفاو العالمية، علمًا أن القمح يشكل السلعة الأهم بالنسبة للسوريين لأنه يمد البلاد بالطحين والأرز بمقدر 800 ألف طن وبهذا تتحول سوريا من بلد مكتفية ذاتيًا إلى بلد مستوردة للقمح.
فالقمح شكل 12% من كامل قيمة الإنتاج الزراعي عام 2005 واحتل 49% من المساحات المزروعة، إذ أنتجت سوريا في عام 2010 ما يقرب من 4.1 مليون طن من القمح تم تسليم 3 مليون طن منها للحكومة، بينما بلغت كمية الإنتاج في العام الماضي 2015 2.4 مليون طن حسب تقديرات الفاو.
كمية القطن المنتجة في عام 2010 بلغت نحو 428 ألف طن وعلى مساحة 172 ألف هكتار بينما تراجعت في العام 2015 إلى أقل من 50 ألف طن وعلى مساحة لا تتجاوز 25 ألف هكتار بسبب عزوف الفلاحين عن زراعة القطن بسبب صعوبة تأمين البذور والسماد وانعدام الأمن في الأراضي الزراعية بسبب قصف النظام السوري للمحاصيل الزراعية فضلًا عن شح المياه وانقطاع الكهرباء وغلاء المحروقات.
كما واجه المزارعون صعوبة تصريف المحاصيل الزراعية المنتجة أو التصرف بها في ظل انعدام الأمن والاستقرار واستمرار العمليات العسكرية في العديد من المحافظات السورية، هذا فضلًا عن تفتت الجغرافية السورية بين أطراف الصراع.
انخفض أعداد العاملين في الزراعة بسبب ترك الفلاحين لأراضيهم
وزارة الزراعة السورية قدرت مجموع الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي حتى نهاية عام 2015، 220 مليار ليرة سورية منها 20 مليار ليرة في الثروة الحيوانية و10 مليار ليرة في قطاع الدواجن وأكثر من 30 مليار ليرة في البنية التحتية للوزارة تشمل المباني والآليات وتجهيزات وشبكات الري ومراكز البحوث وغيرها.
كما أشارت منظمة الفاو في تقارير سابقة في العام 2014 أن مجموع الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي السوري تقدر بـ 1.8 مليار دولار حتى نهاية عام 2013، لذا وتقدر مصادر سورية أن مجموع الخسائر التي لحقت بالقطاع الزراعي السوري تقدر بـ 2 مليار دولار حتى نهاية عام 2015 تضاف إلى خسائر الاقتصاد السرية والتي بلغت بحسب المركز السوري لبحوث السياسات 225 مليار دولار.