إذا نجحت قناة بنما باستقطاب سفن كانت تعبر قناة السويس بعد افتتاح التوسعة الجديدة فسيشكل ذلك ضربة تضاف إلى الضربات الأخرى التي تعرضت لها قناة السويس خصوصًا في ظل الوضع المالي المتأزم الذي تعاني منه القناة والاقتصاد المصري على حد سواء. ويعزز هذه الأزمة ما يمر به الاقتصاد العالمي من ركود في معدلات النمو والتجارة العالمية وهذا ينعكس على حركة الملاحة الدولية وعدد السفن التي تمر عبر القناة كما أن الصين محرك الاقتصاد والتجارة العالمية حذرت قناة السويس إذا لم تخفض رسوم العبور في القناة فإنها ستلجأ لتغيير مسار رحلاتها البحرية إلى مسارات أخرى.
فمحور التنافس بين قناتي بنما والسويس هو السفن التجارية المنطلقة من وإلى أمريكا وآسيا وتلك السفن أمامها أحد مسارين فإما أن تعبر قناة السويس أو تعبر قناة بنما من الجهة المواجهة للمحيط الهادئ مستغلة دائرية الكرة الأرضية.
في الشهر الماضي ضج العالم والأخبار حول تسريبات بنما وما حملته من وثائق سرية تكشف حجم التهرب الضريبي وإخفاء الأموال من خلال شركات الأوف شور، أما الشهر المقبل فإنه قد يشهد ضجة أخرى في بنما ولكن من نوع آخر فيوم الأحد من 26 يونيو/حزيران المقبل ستستقبل دولة بنما أكثر من 70 رئيسًا لافتتاح مشروع توسعة قناتها الذي يعد الأول من نوعه منذ افتتاح القناة عام 1914 والذي استند على 6 سنوات كاملة من البحث والدراسة شملت أكثر من 100 دراسة عن جدوى المشروع الاقتصادي والطلب في السوق وأثر المشروع على البيئة بالإضافة إلى الجوانب التقنية والهندسية، استمر العمل في التوسعة 9 سنوات أي منذ عام 2007 وبتكلفة قدرت ب 5.2 مليارات دولار.
قناة بنما
أُنشئت في العام 1914 وتعد من أعظم الإنجازات الهندسية وأحد أهم الممرات المائية في العالم وتصل بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ بطول يتجاوز حوالي 80 كم حيث تقع بين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، ونظرًا لاختلاف منسوب المياه بين المحيطين الهادي والأطلسي تمر السفن عبر حجرات يتحكم في منسوب المياه داخها ليساوي المنسوب في الجهة الأخرى، إلا أن سفن الشحن العملاقة لا تستطيع المرور عبر القناة نظرًا لصغر عرضها، وبعد التوسعة الجديدة للقناة ستستطيع تلك السفن المرور عبر القناة حيث وصل عرض الحجرات المائية فيه إلى 55 مترًا.
وفي وقت سابق من العام الجاري أعلن رئيس بنما خوان كارلوس باريلا عن موعد افتتاح مشروع التوسعة الجديد للقناة وقال:” سوف نستعيد سمعتنا التاريخية كطريق عبور ونقطة التقاء للحضارات مؤكدين من جديد أننا نحن البنميين قادرون على تحقيق ما نريد عندما نوحد صفوفنا كأمة ونعمل في إطار رؤية الدولة” وأضاف ” على الرغم من العوائق استطعنا إنجاز توسيع القناة، حيث ستسمح التوسعة الجديدة بعبور السفن التي تتوافق مع أبعادها” مؤكدًا أن “أهميها ستزداد من خلال تطوير وتنفيذ استراتيجية بحرية ولوجستية وطنية تتماشى مع التحديات الجديدة والفرص والاتجاهات العالمية”.
تهدف توسعة القناة إلى زيادة حجم العائدات التي تتقاضاها بنما لقاء عبور السفن في القناة، والبالغة حاليًا نحو مليار دولار سنويًا إذ تمر عبر القناة ما بين 30 -40 سفينة يوميًا وهي تشكل 5% من الملاحة العالمية، وتشكل الولايات المتحدة أكثر المستخدمين للقناة في المرتبة الأولى ومن ثم تأتي الصين في المرتبة الثانية.
وبحسب خبراء فإن مشروع التوسعة سيوفر ممرًا جديدًا للحركة الملاحية بطول القناة وهذا سيضاعف سعتها كما أن القناة ستفتح طريقًا للسفن للعبور عبر المحيط الهادي إلى القناة لأول مرة وتتيح عبور السفن التي على متنها حمولات تقدر بحوالي 13 ألف حاوية شحن من مقاس 20 قدم.
قناة السويس
في شهر آب/أغسطس من العام الماضي دعت الحكومة المصرية رؤساء الدول وشخصيات بارزة لحضور حفل افتتاح مشروع توسعة قناة السويس الذي يعمق ويوسع المجرى المائي لقناة السويس بتوفير ممر مائي مواز لمرور السفن بطول 35 كيلو مترًا.
وفي الحفل قال السيسي أن المشروع “قناة السويس ليست عملًا هندسيًا فقط ولكنها أثبتت المزيد من الثقة والتأكيد للعالم بأن المصريين قادرون على إنجاز المشروعات العملاقة”.
كلف المشروع قرابة 8 مليار دولار، وتأمل الحكومة المصرية أن المشروع سيزيد من وتيرة مرور السفن فضلًا عن تعزيز عوائد القناة وإنعاش الاقتصاد، استغرق العمل على المشروع نحو عام، وتتوقع هيئة القناة أن تترتفع عوائد القناة إلى 13 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2023 ومن المتوقع أن تقلل القناة الجددية مدة رحلة السفن عبرها من 22 ساعة إلى 11 ساعة.
ولكن حتى الآن تعد النتائج مخيبة للآمال إذ أعلنت هيئة قناة السويس في يناير/ كانون الثاني الماضي أن إيرادات القناة انخفضت في العام الماضي 2015 بمقدار 290 مليون دولار عن العام الذي سبقه 2014 وبلغت الإيرادات في عام 2015 نحو 5.175 مليار دولار في حين سجلت في العام 2014 5.467 مليار دولار.
وبحسب خبراء اقتصاد مصريين فإن المشروع “لم تجرى له أي دراسة جدوى” والمزايا المأمولة من وراء التوسعة ربما سياسية أكثر منها اقتصادية من حيث توحيد الناس “حول مشروع قومي”.