عاد الحديث عن تجنيد الفتيات في تونس، إلى الواجهة من جديد في وقت تتعالى فيه الأصوات الداعية إلى تطبيق مبدأ المساواة بين الرجال والنساء في شتى المجالات.
واعتبر وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني ،أمس الخميس، أن الوقت قد حان لمناقشة مشاركة النساء في الخدمة العسكرية نظرا للتحديات الجديدة المطروحة امام تونس والمتمثلة في الاعتداءات الارهابية والصعوبات الاقتصادية. حسب قوله.
ويرجع الوزير التونسي سبب الدعوة إلى تجنيد الفتيات إلى أن الدستور التونسي في الفصل التاسع يقول إن الخدمة الوطنية واجب على كل مواطن.
وبين الوزير في تصريح إذاعي إن تونس تواجه “تحديات جديدة، منها الارهاب مع محدودية الامكانيات, الأمر الذي يتطلب امكانية مراجعة الاطار القانوني للخدمة العسكرية.
القانون التونسي النساء لا يستثني النساء من الخدمة الوطنية، لكن عمليا يتم الزام الشباب بالخدمة العسكرية لمدة سنة. ويمكن للنساء الالتحاق للعمل في الجيش.
وينص الفصل 9 من الدستور التونسي على “الحفاظ على وحدة الوطن والدفاع عن حرمته واجب مقدس على كل المواطنين، الخدمة الوطنية واجب حسب الصيغ والشروط التي يضبطها القانون”. كما ينص الفصل 2 من القانون عدد 1 لسنة 2004 المؤرخ في 14 يناير 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية على أنه “يجب على كل مواطن بلغ من العمر عشرين عامًا أن يتقدم تلقائيًا لأداء الخدمة الوطنية ويبقى ملزمًا بأدائها إلى حين بلوغه سن الخامسة والثلاثين، ويمكن للمواطن البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا أن يؤدي الخدمة الوطنية بطلب منه وبترخيص من الولي وذلك بعد موافقة الوزير المكلّف بالدفاع الوطني”.
كما ينص الفصل 21 من الدستور التونسي على أن: “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات..”.
بدوره صرّح مدير عام التجنيد والتعبئة بوزارة الدفاع لطفي بن وحيدة، في فبراير الماضي، عن نية الوزارة اطلاق حملة تجنيد الشابات الراغبات في أداء الخدمة الوطنية في القريب العاجل. مؤكدا ان “هناك تفكير في الموضوع وستظهر بادرة في الأمر لتجنيد الشابات في نطاق مبدأ المساواة”، بحسب تعبيره.
الحديث عن فكرة تجنيد الفتيات في تونس، يعود إلى ثمانينات القرن الماضي قبل تطورها إلى مشاريع قوانين تمت دراستها تحت قبة البرلمان التونسي. و بدأت أولى الخطوات التشريعية سنة 1994، واستمرت النقاشات في كواليس البرلمان حول هذا المشروع إلى عام 1999 قبل الإعلان عنه رسميا نهاية 2002 من طرف وزير الدفاع وقتها.
وأعلن وزير الدفاع الأسبق، دالي الجازي، في 26 ديسمبر 2002 بمناسبة مناقشة ميزانية وزارته بمجلس النواب آنذاك أن التونسيات سيخضعن للتجنيد الإجباري لمدة سنة تماما مثل الرجال بدءا من العام 2003 لكن الامر لم يتحقق.
وشهدت تونس أول مشاركة للمرأة “ضابطات تونسيات” في الاستعراض السنوي الكبير للجيوش الثلاثة في نوفمبر 2002.
بغض النظر عن مسألة المساواة بين المرأة والرجل, فإن عديد المراقبين يرون أن قرار تجنيد النساء إن تم تفعيله فيرجع ذلك لإيجابياته الاقتصادية، ففوائده تكمن بالأساس في عائدات “التعيينات الفردية” الذي من المرجح أن يناسب أكبر نسبة من المواطنات المطالبات بالتجنيد وما يعنيه ذلك من أموال ضخمة ستضخ في خزينة وزارة الدفاع.
يفرض على البالغ من العمر 20 ستة في تونس أداء الخدمة العسكرية لسنة كاملة أو اختيار النظام المعروف لدى الأوساط العسكرية بـ “التعيينات الفردية” والذي يتم بمقتضاه إجراء تدريب عسكري لمدة 21 يوما فيما يتلزم المجند بدفع جزء من راتبه يصل حد 40 بالمائة من راتبه في حال اختياره هذا النظام لمدة 11 شهرا وتحول هذه الأموال لفائدة صندوق الخدمة الوطنية.
وتقف مسألة عدم جاهزية البنية التحتية العسكرية في تونس عائقا أمام تطبيق هذا القانون. ويشير عديد المتابعين إلى إنّ إمكانيّات وزارة الدّفاع والدولة لم تكن تتماشى مع مستلزمات الفتيات لتجنيدهنّ ، وهو ما حال دون تطبيق هذا المشروع في الفترات السابقة.
وتشير احصائيات غير رسمية ان نسبة مشاركة المرأة في الجيش التونسي وصلت إلى 5 بالمائة. وتحتل المرأة التونسية مراتب ووظائف متقدمة في أعلى هرم الجيش فهي تقود الطائرات المروحية المسلحة وتعتبر تونس من الدول القلائل في العالم التي يوجد فيها نساء في الكوماندوس والقوات الخاصة في الجيش.
وعادة ما يقوم رؤساء فرق “التجنيد والتعبئة” في تونس بتبليغ استدعاءات شخصية لكل تونسيّ يشمله الإحصاء ويبلغ من العمر 20 سنة كاملة، حتى يتقدّم طوعًا لتسوية وضعيته إزاء الخدمة العسكرية، ويحصل الطلاب وأصحاب الإعاقات الجسدية على إعفاء نهائي أو على تأجيل مؤقت، لكن عدم تقدم من تتوافر فيه شروط الخدمة العسكرية طوعًا لأداء واجبه يجعله عرضة لتتبعات عدلية تصل إلى حد المحاكمة العسكرية.
وتأسس الجيش التونسي الحديث في 30 يونيو 1956، وقد قامت تونس مؤخرًا السنة الماضية بتصنيع أول فرقاطة لها وفي العالم العربي والثانية بأفريقيا بعد جنوب أفريقيا وهي “استقلال بي 201” وذلك تصنيعًا محليًا كاملًا.
ويبلغ عدد الجنود التونسيين المباشرين حوالي 40 ألف جندي بالإضافة إلى الآلاف من جنود الاحتياط، وبلغت ميزانية وزارة الدفاع التونسية 550 مليون دولار لعام.