كشف موقع “ميدل إيست آي”، نقلاً عن مصادر أردنية وفلسطينية، أن الإمارات ومصر والأردن تخطط لمرحلة “ما بعد محمود عباس”، من خلال الإعداد لإحلال القيادي في حركة فتح محمد دحلان خلفًا لعباس، في رئاسة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وقال الموقع في تقرير لرئيس تحريره الكاتب المعروف ديفيد هيرست، إن الإمارات أطلعت تل أبيب بالفعل على الاستراتيجية الساعية إلى إحلال محمد دحلان بدلاً من عباس، فيما سيقوم دحلان والدول العربية الثلاث بإطلاع السعودية على الخطة حين اكتمالها.
وأشار هيرست إلى أهم ملامح الخطة وهي:
* توحيد وتقوية فتح في الانتخابات القادمة ضد حماس.
* إضعاف حركة حماس وتقسيمها إلى فصائل متصارعة.
* التوصل إلى تسوية سلمية بين الدول العربية وإسرائيل.
* السيطرة على المؤسسات السيادية الفلسطيني، والسلطة الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ورئاسة وزعامة حركة فتح.
* إخراج عملية عودة دحلان ليكون القوة الرئيسية في فتح والسلطة الوطنية.
وقال هيرست إن واحدًا من أهم المخططين وراء التحرك لتنصيب دحلان، هو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد إمارة أبو ظبي، الذي أوضح للأردن أن الخلافات بين عمان وأبو ظبي حول عباس أثرت على العلاقات بين البلدين، وأشار هيرست إلى أن الإمارات طلبت في مرة اعتقال عباس ومنعه من دخول الأردن أو استخدامه كممر للسفر إلى الخارج.
ونقل الكاتب عن مصدر فلسطيني بارز قوله إن “الإماراتيين، وتحديدًا محمد بن زايد، يرفضون بشكل مطلق عباس على المستوى الشخصي، لدرجة أنهم أخبروا الأردن بشكل واضح أن عدم اتخاذ موقف ضد عباس، هو السبب في الموقف الإماراتي السلبي من عمان”.
وأضاف الكاتب أن الدول العربية الثلاث، حددت الخطوات التي تحتاج إليها لتطبيق الخطة، وحددت دورًا لكل لاعب كي يقوم به.
وبحسب الخطة، سوف يعزل عباس من خلال الانتخابات التشريعية التي قد تعقد في هذا العام، وسيتم استبداله والتوصل لاتفاق مع إسرائيل، وستتخذ خطوات عدة:
الخطوة الأولى: التوصل لمصالحة داخل حركة فتح، وبحسب المسؤول الفلسطيني، فإن دحلان “يعتقد أن حماس ضعيفة أكثر من فتح في غزة، وأن حماس أقوى من فتح في الضفة الغربية، وأن فتح يمكنها الفوز إذا اتحدت، فيما ستخسر حماس بسبب انقسامها”، وأضاف المسؤول أن “دحلان يعتقد أن هناك خياران متوفران لتحقيق هذا؛ إما باستقالة محمود عباس وهو أمر مستبعد، أو يقوم الأردن بعملية مصالحة بين دحلان وعباس تحت ذريعة تقوية حركة فتح”.
أما الخطوة الثانية: فهي الاتفاق مع حماس لعقد انتخابات رئاسية وتشريعية، تليها الخطوة الثالثة وهي إعادة تشكيل السلطة الوطنية قبل فترة الانتخابات.
وقال المصدر نفسه لـ”ميدل إيست آي”: “تعتقد الأطراف – الإمارات والأردن ومصر- أن محمود عباس قد انتهى سياسيًا، ويجب والحالة هذه العمل على منع أي مفاجأة في حركة فتح تحت قيادته حتى فترة الانتخابات”، و”في ظل هذا الإطار، ستقوم تلك الأطراف بالدفع نحو ضرورة تعيين أبو مازن دحلان نائبًا له”.
ويضيف المصدر أن دحلان لا يرغب في هذه المرحلة تقديم نفسه مرشحًا للرئاسة، ولهذا سيحاول ترشيح نفسه رئيسًا للبرلمان وهو منصب يعتقد أنه قادر من خلاله السيطرة على الرئاسة.
ويريد دحلان منصب الرئاسة لناصر القدوة، وزير الخارجية الفلسطيني السابق، مع أن الإسرائيليين يفضلون أحمد قريع (أبو علاء)، مع العلم أن دحلان يعتقد أنه قادر على التأثير على الاثنين.
وقال المصدر: “يعتقد دحلان أن المناصب المهمة يمكن أن تقسم إلى ثلاثة: قيادة فتح، رئاسة السلطة الوطنية ورئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، ولا يعارض قيام الأردن بترشيح من يراه مناسبًا لهذه المناصب”، و”بعد تقديم خياراته ومن يفضل، يقول دحلان إن الموضوع هو عرضة للحوار والنقاش بين الأردنيين والإماراتيين، ويمكن التعامل مع الأسماء التي سيقترحها الأردنيون”.
ويريد دحلان عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية تحت اسم “دولة فلسطين”، وليس تحت اسم “المجلس التشريعي الفلسطيني”، الذي تسيطر عليه حركة حماس أو السلطة الوطنية، وحسب رأي دحلان، فهذه الترتيبات ستقوي منظمة التحرير الفلسطينية ضد السلطة الوطنية وتجاوز الميثاق الوطني الفلسطيني.
أما الخطوة الرابعة، فتقوم على إضعاف وإخضاع حماس، ويتم تحقيق هذا – حسب دحلان – من خلال تقسيم حماس بين غزة والخارج، واحتواء الحركة في داخل مناطق السلطة الوطنية، أو ممارسة “ضغط ناعم” من قبيل خطط الإماراتيين ببناء محطة تحلية المياه التي ستقدم خدمات لغزة، في الوقت الذي تمنح فيه المصريين وحلفاءهم الخيار لقطع المياه عن غزة.
ويقول المصدر: “يعتقد دحلان أنه من الممكن العمل مع حماس داخل غزة، ويزعم أنه هو الذي أقنع المصريين بالموافقة على لقاء وفد حماس في هذا السياق”، متابعًا: “أخبر المصريون حركة حماس شروطهم الثلاثة لتحقيق المصالحة، وهي وقف الحركة الأعمال العدائية داخل غزة، ومساعدتها في تخفيف الوضع داخل سيناء، وتسليم المصريين المطلوبين والمقيمين في غزة”، ويصر المصدر على أن دحلان هو الذي أضاف الشرط الأخير للضغط على حماس.
ومن الطرق الأخرى لاحتواء غزة، حسب الخطة، ربط حركة الجهاد الإسلامي المنافسة لحماس بالإمارات، استنادًا للتقدير الذي يرى أن إيران قد تخلت عنها.
ويشير موقع ميدل إيست آي إلى أن وفدًا من حركة الجهاد الإسلامي وصل إلى القاهرة يوم الثلاثاء، وأجرى محادثات مع مديرية المخابرات العامة.
ويضيف الموقع أن الإمارات كلفت مبعوث الرباعية ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بتأدية أدوار معينة ضمن الخطة، وكذلك الأمر بالنسبة لمبعوث الرباعية الحالي نيكولاي ملادنيوف.
وقد أكد مسؤول أردني بارز الخطة، وتحدث إلى موقع ميدل إيست آي عن زيارة دحلان لعمان في 3 آذار/ مارس الماضي، وهي الأولى منذ 5 أعوام.
وقام الأردن في ذروة الخلافات بين عباس ودحلان عام 2012 بتجميد حسابات شقيق دحلا، بناء على طلب من السلطة الوطنية.
وزار دحلان الأردن تحت غطاء حضور حفل زفاف، ولكن الهدف الرئيسي منها كان الطلب من الأردن التدخل للتصالح مع عباس، ويقول المصدر الأردني إن عمان حذرة من دحلان، فنقطة قوته هي علاقاته القوية مع الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة، إضافة إلى علاقاته مع الجانب الفلسطيني مثل ياسر عبد ربه وسلام فياض وناصر القدوة، كما أن لديه القدرة لتعزيز موقعه في الضفة الغربية وغزة.
ولكن قائمة نقاط ضعفه طويلة كما يقول المسؤول الأردني، فهو لا يحظى بشعبية بين الفلسطينيين ويتهم بالفساد وعلى علاقة مع المخابرات الإسرائيلية، وعلاقته معدومة “صفر” مع عباس الذي يرى دحلان تهديدًا رئيسيًا على رئاسته، وهو إشكالي بسبب عمله خارج مناطق السلطة الوطنية.
ويعتقد الأردنيون، بحسب المصدر، أن قرار عباس استبدال ياسر عبد ربه سكرتير اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وتعيين صائب عريقات بدلاً منه، يظهر وعي عباس بإمكانية حدوث انقلاب عليه، وقد يعمل ضد المصالح الأردنية في إسرائيل.
ولوحظ أن لدحلان تأثيرًا في مخيمات الفلسطينيين بالأردن، وقد يستخدمه “ورقة مهمة لفرض السيطرة داخل المخيمات”.
وبموازنة السلبيات والإيجابيات، قرر الأردن التوقف، بحسب المصدر.
وأضاف المصدر أن السياسة الأردنية تقوم حاليًا على مواصلة تعزيز الاتصالات مع دحلان، وإظهار الاهتمام بالمصالحة داخل فتح، وإبلاغه الانتظار حتى نهاية الانتخابات الأمريكية والطلب من الأمريكيين كي يدفعوا عباس باتجاه المصالحة.
وسيبلغ الأردن دحلان ضرورة تحضير الأجواء قبل التحرك، وفي الوقت نفسه “فحص إخلاص دحلان ومصداقيته” من خلال دعم وضع الأردن في القدس بطرق عملية.
ويرى الأردن منافع عملية للعمل مع دحلان؛ فمصالحة داخل فتح قد تساعد، مثلاً، الأردن على ممارسة التأثير في الضفة الغربية، لكن الأردن يرى أن هناك عدد من المصائد، منها التأثير على استمرار الملك عبدالله الثاني بالابتعاد عن الخلافات الداخلية الفلسطينية، والخوف من أن يصبح الأردن جزءًا من الخلافات الداخلية داخل فتح، والتأثير على العلاقات مع عباس.
ويرى المصدر الأردني أن “على الملك الأردني ألا يقود مبادرة من المحتمل فشلها، وبسبب مشاركة دحلان فسينظر للملك على أنه يدعم طرفًا ضد آخر، وهي الطريقة نفسها التي ينظر عباس بها للدور الذي يؤديه السيسي والإمارات العربية المتحدة”.
المصدر: عربي 21