ماذا تعرف عن صندوق النقد الدولي؟

439505915

بمجرد أن تسمع كلمة صندوق النقد الدولي يتبادر عند البعض ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة أن مركز المؤامرة العالمية وتحريك اقتصاديات العالم يكمن في قلب مؤسسة صندوق النقد الدولي، شخوص صندوق النقد ومن يقف وراءه هم من يحددون مصير الدول والأموال والتجارة العالمية.

بينما يلاحظ آخرون أنها مؤسسة مالية جمعت حولها دول العالم وحددت لها ميثاق للاقتصاد العالمي لتحقيق الاستقرار، وتقوم على إقراض المال للدول الأعضاء التي تتعرض لأزمات مالية ومشاكل اقتصادية، وتحتسب فوائد لقاء تلك القروض كأي علاقة بين بنك عادي وشخص مستثمر يود أن يستثمر في مشروع ويأخذ قرض من البنك بفائدة محددة على أن يسدد القرض على شكل دفعات، إذن الأمر من هذا المنطلق لا يعدو عن كونه عمل.

من يملك المال هو الأقوى دائمًا منذ مئات السنين والآن وغدًا، والمقرض له السلطة الأعلى دائمًا وأبدًا على المقترض وفيما لو فشل في سداد أصل القرض يتحكم به كيفما شاء، في سبيل استعادة القرض، ولو جزمنا أن مالك المال هو الشخص العملي الذي يفكر بمنطق التربح والأعمال ويقرض وفق هذا المنطق فإن عمل المُقرض لا تشوبه شائبة سوى أن المقترض عنده خلل في إدارة القرض ويرمي فشله على صاحب المال بالجشع والتآمر عليه بحسب رأي البعض.

صندق النقد الدولي

تأسس في يوليو/ تموز 1944 بعد توقيع 29 دولة على ميثاق الصندوق في مؤتمر بريتون وودز بالولايات المتحدة الأمريكية في الفترة بين 1-22 يوليو/ تموز 1944 أي بعد الحرب العالمية الثانية وخروج الدول من كلا الطرفين شبه منهارة وخزائنها فارغة، بدأت المؤسسة عملها في العام 1947واتخذت من العاصمة واشنطن مقرًا لها وتشغل ما يقارب 2600 موظف في مكاتبها وفروعها حول العالم.

تختص المؤسسة بتقديم القروض للدول الأعضاء البالغ عددهم 187 دولة لمعالجة العجز الحاصل في موازين المدفوعات عندها وبهذا تعمل على استقرار أسعار الصرف وتحسين وضع ميزان مدفوعاتها وتفرض على الدول المقترضة أن تستشير الصندوق بشأن خطوات معالجة العجز الحاصل ولضمان الإيفاء بمتطلبات القرض، وهذا ما قد يهيج الرأي العام على الصندوق بما يفرضه على الدولة أحيانًا من سياسات مالية تقشفية لها عواقب على الدولة.  

 جاء تأسيس الصندوق بعد الحرب العالمية الثانية في فترة شهدت انتكاسات عديدة على مستوى الاقتصاد العالمي فتأسس بهدف تحقيق التعاون الدولي وبناء نظام اقتصادي دولي جديد أكثر استقرارًا وتجنبًا لأخطاء السنوات التي خلت والتي أسفرت عن خسائر كبيرة وكساد اقتصادي طال الدول الكبرى.

وقد اجتمع أعضاء وفود من 44 دولة في بريتون وودز بولاية نيوهامبشير في يوليو 1944 وأقروا إنشاء مؤسستين لتحكيم العلاقات الاقتصادية الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، الأولى البنك الدولي للإنشاء والتعمير الذي من شأنه العمل على استعادة النشاط الاقتصادي، والثانية صندوق النقد الدولي الذي من شأنه المساعدة في استعادة قابلية تحويل العملات والنشاط التجاري متعدد الأطراف وتحقيق النمو الاقتصادي.

ويذكر من الاقتصاديين البارزين الذي ترأسوا وفود بلادهم في ذاك الاجتماع جون ماينارد كينز عن وفد بريطانيا وهاري ديكستر وايت ممثلًا عن الوفد الأمريكي.

مصدر تمويل الصندوق

المصدر الرئيسي لأموال الصندوق هو اشتراكات الحصص التي تدفعها البلدان عند الانضمام إلى عضوية الصندوق أو في أعقاب المراجعات الدورية التي يتم فيها زيادة الحصص في حقوق السحب الخاصة التي تشمل إما ذهب بنسبة 25% أو العملة الوطنية بنسبة 75%، وتلك الحصص لا تحدد فقط مقدار مدفوعات الاشتراك بل أيضًا حجم التمويل المتاح له من الصندوق ونصيبه من مخصصات حقوق السحب الخاصة.

وحصة البلد العضو في الصندوق تعكس حجم مشاركة البلد في الاقتصاد العالمي وحجم الناتج الإجمالي وتجارته وتنوعها، فكلما ازدادت هذه الأحجام كلما ازدادت حصته في الصندوق، والولايات المتحدة تحوز على النصيب الأكبر من حصص الصندوق لأنها أكبر اقتصاد في العالم حيث تبلغ حصتها 23% من إجمالي الحصص، وتعد دولة جزر السيشيل أصغر اقتصاد في العالم وتسهم في الصندوق بأصغر حصة قدرها 0.004% ويتم مراجعة الحصص كل خمس سنوات.

ما حقوق السحب الخاصة؟

بحسب ما جاء في موقع صندوق النقد الدولي فإن حق السحب الخاص هو أصل احتياطي دولي تم استحداثه من قبل الصندوق في العام 1969، بعدما كان في السابق يمثل كمية معينة من الذهب تبلغ أقل من غرام ولكن بعد انهيار نظام بريتون وودز في العام 1973 وتعويم العملات أصبح تحديد قيمة السحب الخاص بأربع عملات رئيسية هي الدولار واليورو والين والجنيه الإسترليني وسيتم إضافة اليوان الصيني في أكتوبر 2016 لتصبح أوزان السلة على النحو التالي: 41.73% للدولار الأمريكي و30.93% لليورو و10.92% لليوان الصيني و8.33% للين الياباني و8.09% للجنيه الإسترليني.

وبهذا تبلغ وحدات حقوق السحب الخاصة مقدار 204.1 مليار وحدة تم توزيعها على البلدان الأعضاء في الصندوق وهي تعادل 285 مليار دولار، وفي الاجتماع الأخير للصندوق في العام 2015 تم اعتماد صيغة ترجيح جديدة في سلة حقوق السحب الخاصة وهي تستند إلى قيمة صادرات البلدان المصدرة للعملات ومقدار الاحتياطيات المقومة بها لدى أعضاء آخرين في الصندوق وحجم تداولها في سوق النقد الأجنبي والتزامات البنوك الدولية وسندات الدين الدولية المقومة بها.