في آخر ظهور له على قناة نسمة التونسية، دعا رئيس حزب نداء تونس، وزعيم المعارضة، الباجي قائد السبسي، إلى تشكيل “مجلس أعلى للدولة ” لتسيير شؤون البلاد خلال المرحلة القادمة، وإن كانت فكرته هذه جديدة بالنسبة للتونسيين فإنها تقليدية بالنسبة للدول التي عاشت ثورات راديكالية كإيران التي شكلت “مجمع تشخيص مصلحة النظام” ليكون وصيا على مجلس الشورى المنتخب، أو تركيا والجزائر التي دأب الانقلابيون فيها على تشكيل مجالس يتم من خلالها تسيير البلاد.
وأما حديثا، فقد ظهرت هذه الفكرة في تايلاند ، حيث يمكن ملاحظة تشابهات كثيرة بين المعارضة التايلاندية التي يقودها، سوثيب ثاوجسوبان، وبين المعارضة التونسية التي يقودها الباجي قائد السبسي، فرغم نزول رئيسة الوزراء التايلاندية، ينجلوك شيناواترا، على رغبة المعارضة وحلها للبرلمان ودعوتها لانتخابات مبكرة خلال أقل من شهرين، أعلن زعيم الاحتجاجات في تايلاند، سوثيب ثاوجسوبان، رفض المعارضة لقرارات رئيسة الوزراء، ومطالبتها بتشكيل مجلس شعبي يتولى إعادة هيكلة المنظومة السياسية في البلاد وتعيين رئيس وزراء جديد للمرحلة القادمة.
وترفض المعارضة التايلاندية المشاركة في الانتخابات، وذلك لأن الانتخابات، حسب آراء المعارضين، ستؤدي إلى فوز رئيسة الوزراء الحالية بسبب قوة حزبها وشعبيته المنتشرة في كامل أنحاء البلاد، على عكس “الحزب الديمقراطي التايلاندي” المعارض والذي تنحصر شعبيته في بعض المدن الجنوبية ولدى نخب العاصمة بانكوك المتمثلة في كبار الموظفين والقضاة والعسكر والمقربين من القصر الملكي، وتتشابه المعارضة التايلاندية في هذه النقطة مع المعارضة التونسية، الذي قال أحد زعمائها أن حركة النهضة وافقت على ترشيح أحمد المستيري لرئاسة الوزراء لأنها تثق بأنه سيقود البلاد إلى انتخابات ستتممكن من الفوز فيها بفضل شعبيتها.
ويذكر أن ينجلوك شيناواترا هي شقيقة رئيس الوزراء التايلاندي السابق ثاكسين شيناواترا، والذي أطيح به بانقلاب عسكري في سنة 2006، بعد احتجاجات قادها التحالف الشعبي من أجل الديمقراطية –الحزب الديمقراطي- الذي يقول بأنه يتحرك باسم الملك بوميبون ادولياديج، حيث رأت المعارضة آن ذاك أن ثاكسين، وحركة القمصان الحمر التي تدعمه، يمثلون خطرا على النظام الملكي.
وفي سنة 2011، وعند عقد أول انتخابات بعد انقلاب 2006، تمكنت ينجلوكا وحزبها من الفوز وعينت رئيسة للوزراء، في حين فشل الحزب الديمقراطي، وهو أكبر تشكيل معارض داعم للاحتجاجات، في الفوز بالانتخابات منذ حوالي عشرين عاما، وهو ما يدفعها إلى محاولة فرض أجنداتهم السياسية عبر آليات غير ديمقراطية، وهو ما يفعله كثيرون ممن باتوا يلقبون ب”جرحى الانتخابات” في دول الربيع العربي.
وكان الباجي قائد السبسي قد أعرب عن تأييده لفكرة إنشاء “مجلس أعلى للدولة” لإدارة الحكم في البلاد، كمخرج للأزمة السياسية في تونس، مشددا على ضرورة أن يكون المجلس الأعلى للدولة المُقترح أعلى سلطة في البلاد، وعلى أن تشارك فيه الأحزاب الرئيسية، بالإضافة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل وبعض مؤسسات المجتمع المدني، وعلى أن “تخضع له الحكومة وتكون تحت إمرته”.
وينتظر أن يعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، قرارا نهائيا في خصوص الحوار الوطني الدائر في تونس، في يوم 14 كانون الأول/ديسمبر، ليكون مآل الحوار إما الاستمرار، في حال التوافق على رئيس حكومة وطنية جديدة، أو التوقف والإعلان عن الأطراف المعطلة لهذا الحوار، في حال عدم التوافق.