ترجمة وتحرير نون بوست
يوم الاثنين الماضي، اختتم الحزب السياسي التونسي الرائد، حزب النهضة، مؤتمره العاشر منذ عام 1979 بإعلان قرارات مذهلة؛ ففي خطوة تم اعتبارها على نطاق واسع بأنها فصل تاريخي ما بين الدين والدولة، أعلن حزب النهضة عن الفصل ما بين النشاط الدعوي والسياسي، وكشف النقاب عن خططه لإعادة ترتيب صفوف الحزب، إعادة تشغيله، وتوسيع عضويته ليضم أصواتًا ووجهات نظر جديدة.
بشكل عام، عملت التغطية الغربية لمؤتمر النهضة على نقل طابع المفاجأة من قرار فصل الدين عن السياسة، ولكن داخل حزب النهضة، أضفت هذه التغييرات الطابع الرسمي على الاتجاهات التي كانت تختمر منذ فترة طويلة داخليًا، حيث تم إدخال تعديلات لتطوير، وليس لقطع، علاقة حزب النهضة بالدين.
بغية تنفيذ هذه الرؤية الجديدة، قرر حزب النهضة عدم السماح لقادة الحزب بتسلّم مناصب قيادية في الحزب وفي منظمات المجتمع المدني بشكل متزامن، بما في ذلك الجمعيات الدينية، حيث أصبح الحزب يحظر على قادته الآن ممارسة الناشط الدعوي في المساجد، حتى لو كان ذلك بشكل غير رسمي أو غير مستمر، وهذا يعني بأن قادة حزب النهضة المعروفين بميلهم للنشاط الدعوي، كالشيخ الصادق شورو والشيخ الحبيب اللوز اللذان أُعيد انتخابهما لمجلس الشورى، عليهما أن يتوقفا عن النشاط الدعوي أو يتخليا عن منصبهما الانتخابي.
داخل حزب النهضة، أضفت هذه التغييرات الطابع الرسمي على الاتجاهات التي كانت تختمر منذ فترة طويلة داخليًا، حيث تم إدخال تعديلات لتطوير، وليس لقطع، علاقة حزب النهضة بالدين
بالإضافة إلى ذلك، بسّط النهضة من شروط عضوية الحزب لتسهيل دخول التونسيين المؤمنن باتجاهات الحزب الاقتصادية والسياسية ولكنهم امتنعوا عن الانضمام جرّاء حواجز العضوية السابقة؛ فاليوم لم يعد يتطلب الحزب من المتقدمين للعضوية شهادة عضوين من الحزب، وفي تحوّل مذهل، تم حذف كلمة الأخلاق تمامًا من قائمة شروط العضوية، وفقًا لمندوبي المؤتمر، وهذه التغييرات قد تخفف من الضغط الذي كان يشعر به الراغبون بالانضمام للحزب والذين كانوا يتوقعون تبني أسلوب الحياة المحافظ السابق الذي تميز به حزب النهضة.
على صعيد آخر، رفضت قيادات وأعضاء على مستوى القاعدة في حزب النهضة ضمن المؤتمر اعتماد كلمة (الفصل) لوصف العلاقة المحدثّة للحزب ما بين الدين والسياسة.
“ليس فصل، إنه تخصص” قالت عضو مجلس الشورى وعضو حزب النهضة في البرلمان فريدة العبيدي، مرددة ما يقوله أعضاء حزب النهضة الآخرون، وتابعت: “ستبقى مرجعيتنا إسلامية، لكن من غير المنطقي بالنسبة لنا أن نحاول القيام بكل شيء ابتداءًا من التربية وحتى صياغة السياسات الاقتصادية”.
“الأمر يتمحور حول قيام كل طرف بما يتقنه” قال الحبيب اللوز، الذي ينجذب إلى النشاط الدعوي أكثر من النشاط السياسي، والذي وعلى الرغم من كونه أحد أوائل المشككين بتغيير سياسة الحزب، أصبح يدعم الآن هذه التغييرات، موضحًا بأن تقسيم العمل سيعزز كلا المجالين، الدعوي والسياسي، علمًا أنه من المتوقع أن يغادر اللوز مجلس الشورى للتركيز بقدر أكبر من الحرية على النشاط الدعوي.
يعتقد اللوز والعديد من قادة النهضة الآخرين بأن التخصص الذي اعتمده الحزب سيجهّز تونس لمكافحة صعود التطرف الجهادي بشكل أكثر فعالية؛ فالبنسبة للنهضة، يتمحور حل السلفية الجهادية بشكل أساسي في عملية إعادة التأهيل الديني ضمن يسمى بمدرسة الإسلام التونسية الجيدة، فالكثير من النهضويين يشعرون بأن قادتهم الميالين للنشاط الدعوي مجهزين، بل وحتى ملزمين، بمحاربة المتطرفين الضالين ضمن أرضهم الدينية الخاصة.
رفضت قيادات وأعضاء على مستوى القاعدة في حزب النهضة ضمن المؤتمر اعتماد كلمة (الفصل) لوصف العلاقة المحدثّة للحزب ما بين الدين والسياسة؛ “ليس فصل، إنه تخصص”
وبالمثل، يرى معظم أعضاء النهضة توسيع عضوية الحزب كخطوة من شأنها تعزيز القدرة السياسية للحزب؛ فخلال الانتخابات البرلمانية عام 2014، خاض النهضة بتجربة تجنيد غير الإسلاميين في صفوفه، حيث ضمّت قوائمه حفنة من المرشحين من غير الأعضاء، وفاز ستة من هؤلاء بمقاعد كتلة النهضة البرلمانية، “عملية إدراج الغرباء ضمن قوائم النهضة لم تهدد تماسك المجموعة كما لم تهدد قيم الحزب”، قالت سيدة أنيسي عضو البرلمان عن حزب النهضة.
لتجاوز الحصة الثابتة من الأصوات التي يتمتع بها حزب النهضة، والتي يقدّر قادة الحزب سقفها بحوالي 30%، يعتقد الحزب بأنه يجب توسيع الدائرة الانتخابية السابقة وجذب أنصار جدد، كما أن تطوير التنافسية ليصبح النهضة حزبًا سياسيًا وطنيًا متكاملًا، يتطلب، كما يقول قادة الحزب، استبدال تسمية النهضة الإسلامية – الكلمة التي غالبًا ما ترتبط بالأمثلة العنيفة كجماعات بوكو حرام وداعش-، برسائل إيجابية يتم توجيهها للمجتمع، حيث عمل الحزب على استخلاص تجربة الحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا، وأعلن رسميًا بأن أعضاء الحزب هم من “المسلمين الديمقراطيين”، وهو اسم تكتيكي جديد يعكس أيضًا تصورات النهضويين لذاوتهم وإحباطهم من الاتهامات التي تم توجيهها لحزب النهضة بالتغاضي عن التطرف العنيف.
هذه التحولات الرمزية والموضوعية تذكرنا بالسنوات الأولى، التي شهدت التعددية بشكل نسبي، لحزب العدالة والتنمية في تركيا، عندما أفسحت الأطراف الإسلامية الطريق لبزوغ حزب وطني محافظ أوسع يعمل من منصة اقتصادية شعبية ويعارض الوصاية العسكرية، وبالمثل، فقد تحولت الأولويات السياسية للنهضة من الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية لمعالجة الشواغل المادية للفئة المتوسطة التونسية، بما في ذلك شواغل الأمن، خلق فرص العمل، انعدام الكفاءة الإدارية، والفساد، وبعد مناقشات مطولة ومتناقضة حول تطبيق الشريعة الإسلامية في تونس في عام 2012، أعلنت حركة النهضة بأنها تعلمت من أخطائها وسوف تكون متجاوبة بشكل متزايد لشواغل الشعب.
يعكس تضاعف المقالات التي تناقش الدستور الداخلي للنهضة من حوالي 40 إلى 146 مقال، رغبة الحزب في إضفاء طابع مهني وتجنيد طبقة ناخبين جديدة، فبعد سنوات من أداء دور دفاعي في الحكومات الانتقالية المختلفة لتونس، استغل النهضة بحذر خبرته خلال العامين الماضيين على هامش السياسية التونسية لتحسين أساليب انخراطه الفاعل بالمجتمع، وعلى الرغم من أن الحضور في مؤتمر النهضة الأخير قدروا بأن حوالي 10% إلى 15% من ناخبي النهضة التقليديين قد يتخلون عن الحزب ويخرجون من صفوفه بدافع الإحباط من تنازلاته المختلفة، إلا أنهم يشيرون بأن الحزب سيستقطب عددًا أكبر بكثير من الناخبين الجدد في الانتخابات البرلمانية في عام 2019.
التحولات الرمزية والموضوعية في حزب النهضة تذكرنا بالسنوات الأولى، التي شهدت التعددية بشكل نسبي، لحزب العدالة والتنمية في تركيا
شكك العديد من قادة النهضة وأنصاره في البداية من خطوة إضفاء الطابع الرسمي على التغييرات في العلاقة ما بين الحزب والحركة (الحزب السياسي والحركة الدعوية)، ولكن بحلول ربيع عام 2016، أيّد أغلب هؤلاء المتككشون التغييرات التي أُجريت بأغلبية ساحقة من الثلثين أو أكثر في التصويت في المؤتمر في نهاية هذا الأسبوع.
كانت عملية رسم تفرقة رسمية ما بين نشاط الحركة ونشاط الحزب ضمن النهضة سهلة نسبيًا، لأنه وعلى الرغم من وجود جمعيات خيرية مرتبطة بضعف مع الحركة، إلا أن النهضة عمل من منصة الحزب السياسي منذ قيام الثورة؛ فالقمع الذي عاشته تونس في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي منع النهضة، على عكس الإخوان المسلمين في مصر، من تأسيس شبكة تنافسية وقوية من المؤسسات الخيرية والجمعيات الدينية.
بالإضافة إلى ذلك، عمل النهضة على تأخير عقد المؤتمر الأخير لمدة عامين بغية الانخراط في عملية تشاور داخلية مكثفة، بما في ذلك إجراء مناقشات مستفيضة حول التغييرات المقترحة بين القادة والقاعدة الشعبية وبين القادة أنفسهم؛ فعلى الرغم من أن السمة المميزة لمعظم الأحزاب السياسية التونسية هي الضعف المؤسساتي والتحلّق حول الشخصيات الكبيرة، إلا أن النهضة تمكّن من تطوير مؤسسات داخلية أكثر تمثيلية من معظم الأحزاب الأخرى، حيث ساعدت الصلات القوية التي يتمتع بها الحزب، جنبًا إلى جنب مع قبول أعضائه لمبدأ “شخص واحد، صوت واحد” ضمن مؤتمرات الحزب ومداولات مجلس الشورى، قادة النهضة على استهلال مجموعة من التغييرات المثيرة للجدل مع الحفاظ على الارتباط مع غالبية أنصاره على مستوى القاعدة.
أطّر قادة الحزب التغييرات باعتبارها امتدادًا طبيعيًا لتطور النهضة التاريخي بدلًا من كونها تحولًا مفاجئًا، وهذا السرد يعيد قولبة الإسلاموية لتصبح نوعًا من العقيدة التحررية التي أعاقتها الظروف
علاوة على ما تقدم، قام قادة الحزب بتأطير التغييرات باعتبارها امتدادًا طبيعيًا لتطور النهضة التاريخي بدلًا من كونها تحولًا مفاجئًا، وساعد هذا النهج أعضاء الحزب على فهم التغييرات بوصفها تتويجًا لتطور النهضة الذي طال انتظاره تجاه تحوله إلى حزب مهني، حيث يقول زعيم النهضة منذ فترة طويلة، عبد الحميد الجلاصي: “تحت حكم بن علي، لم يُسمح لنا بممارسة سياسة حقيقية، لذا كان علينا بدلًا من ذلك أن نجد طرقًا أخرى للعمل والتنظيم، في المساجد على سبيل المثال”.
هذا السرد يعيد قولبة الإسلاموية لتصبح نوعًا من العقيدة التحررية التي أعاقتها الظروف، أو كإطار عمل معارض تطور خلال عقدين من الزمن عندما حظر الطغاة حركة النهضة من ممارسة الأشكال المعتادة للمشاركة السياسية؛ حيث يشير الكثير من قادة النهضة اليوم إلى أن الإسلام يصعب أن يتوافق مع السياق التحرري (أي حيازة مقعد على طاولة ديمقراطية) الذي تم التوصل إليه الآن، وهو السياق الذي يتوجب على الأحزاب ذات التوجهات الدينية أن تمارس الحكم ضمنه بشكل براغماتي، ومن هذا المنطلق يقول سيد فرجاني، أحد كبار أعضاء حزب النهضة: “الإسلام ليس أيديولوجية للحكم، بل إنه لغة معارضة”.
بغية اعتماد المؤتمر العاشر للتوسع وللرؤية الاستباقية المطروحة، كان على أعضاء حزب النهضة وقادته أن يشعروا بادئ ذي بدء بالثقة في أن الديمقراطية أصبحت أسلوب اللعب الوحيد في الدولة، خاصة وأن المرحلة الأولى من المرحلة الانتقالية في تونس تميزت بالمنافسة التي يحركها الخوف المتبادل ما بين العلمانيين والإسلاميين، حيث سعى كل طرف لإقحام هويته في أسس الدستور الجديد ودولة ما بعد الثورة في تونس، بحيث يمكن لكل طرف أن يضمن، جزئيًا، بقاءه ومقعده على طاولة الحوار، وحينها تواجه إسلاميو النهضة بمعاداة الإعلام وأعضاء الحكومة، وتنامى قلق الحزب من تسبب القوات المعادية للثورة بعكس المكاسب الديمقراطية التي تم التوصل إليها في تونس، وزج الإسلاميين في السجون أو إرسالهم إلى المنفى، على غرار ما حصل في إنقلاب مصر في عام 2013.
يمتلك خوف النهضويين “من التسلل الخارجي” إلى صفوف الحزب جذورًا تاريخية ومكونات عاطفية، حيث شكل هدف توسيع عضوية الحزب تحديًا هائلًا ضمن صفوفه؛ فالنهضويون الذي عارضوا في البداية التغييرات التي أقرها المؤتمر، على سبيل المثال، كانوا يخشون من “تسلل” الأعضاء الجدد إلى هياكل الحزب، وهو ما حاول وكلاء حزب بن علي في كثير من الأحيان القيام به، أو استخدامهم للحزب لتحقيق مطامعهم العملية أو أهدافهم الانتهازية، أما الخوف الآخر الذي تبلور لدى آخرين، بشكل غير معلن على الغالب، فكان يتمثل في أن فتح صفوف الحزب قد يضعف الحركة، ويجرد أعضاءها من الشعور بالأمان الذي تقدمه لهم مشاعر الأسريّة ضمن الحزب؛ حيث يقول الكثير من أعضاء الحزب بأنه وخلال سنوات الاعتقال السياسي والتعذيب والنفي، وعندما فشل أقاربهم بالوقوف إلى جانبهم خوفًا من قمع النظام، وقف زملاؤهم في النهضة إلى جانبهم، وبالتالي، يمكن لفتح باب العضوية أن يهدد ثقافة التماسك الداخلية ضمن الحزب.
الشخصية المركزية التي يعود إليها الفضل في التغيير الذي شهده حزب النهضة في المؤتمر، هو شخص غير متوقع تمامًا
على الرغم من كافة التحركات الأخيرة، من المرجح أن تبقى الثقافة الداخلية للنهضة محافظة دينيًا، حيث تم استضافة المندوبين إلى المؤتمر العاشر للحزب في فنادق لا تقدم الكحول، كما أن المفكرين الدينيين البارزين، ومن بينهم المفكر الإسلامي المصري فهمي هويدي الذي حل ضيفًا على المؤتمر، من المرجح أن يبقوا مقربين من زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي؛ فعلى الرغم من التغييرات الفنية والرمزية الهامة، سيبقى النسيج العام وحس النهضة يتمتعان بالتوجه الإسلامي لفترة زمنية طويلة قادمة، لأن استمرارية الثقافة الداخلية ساعدت أعضاء الحزب على تقبل التغييرات في توجهات النهضة.
يتطلب حشد الإرادة لتغيير الصيغة التي شهدت معاناة النهضة على مدى عدة عقود من الاضطهاد السياسي، الحفاظ على قدر معين من الاستمرارية، كما أن الوصول إلى هذا الإجماع يتطلب أيضًا الثقة في أن السياسة التونسية قد تحولت حقًا إلى النظام الديمقراطي، ذاك النظام الذي ستكون فيه الأدوات الدفاعية التي وضعتها النهضة للتعامل مع القواعد القمعية للعبة الديكتاتورية القديمة غير ضرورية ولا مكان لها ضمن المشهد.
الشخصية المركزية التي يعود إليها الفضل في التغيير الذي شهده حزب النهضة في المؤتمر، هو شخص غير متوقع تمامًا؛ إنه الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي، مؤسس حزب نداء تونس الذي غيّر لهجة خطابه تجاه حزب النهضة الذي كان هو ذاته غير مرة أحد نقّاده اللاذعين؛ حيث بدأ التعاون ما بين السبسي والغنوشي من خلال هندسة الطريق للخروج من أزمة باردو لعام 2013، المأزق السياسي الذي هدد ذاك الصيف بالإطاحة بالنظام الانتقالي الوليد في تونس، وهذه الصفقة التي تمت خلف الأبواب المغلقة مهدت الطريق للجنة الرباعية للحوار الوطني، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، للتوسط قدمًا ما بين الطرفين.
في اللحظة الأكثر إثارة ضمن المؤتمر، خرج السبسي بنفسه على خشبة المسرح كمتحدث رئيسي ضمن الحدث، وحينها طفقت حملة هائلة من التصفيق والهتافات الحارة التي تصيح باسمه من أفواه آلاف الحضور؛ فبالنسبة لأي شخص مطلع على الحالة التأسيسية لنداء تونس، الذي تأسس في عام 2012 لمعارضة حركة النهضة، وأحداث الانقسام في عام 2013، فضلًا عن استقطاب الانتخابات في عام 2014، تلك الأحداث التي ألّبت الطرفان بشكل هائل ضد بعضهما البعض، كانت تلك اللحظة سريالية للغاية.
كان الشعور بالارتياح واضحًا بين الحضور؛ فالرجل الذي كان الكثيرون يخشون من أن يزج بهم في المعتقلات، شارك في اللحظة الفاصلة التي شهدت توجه النهضويين للتطبيع، وبدلًا من الاقتباس من سرد عام 2014 الذي وبّخ ضمنه النهضة باعتباره حزبًا متخلفة، مجرمًا، أو داعمًا للإرهاب، أشاد السبسي بالنهضة باعتباره “يتحرك في الاتجاه الصحيح”، فضلًا كونه عضو ائتلاف موثوق، ولاعبًا قانونيًا ضمن المسرح السياسي في تونس.
ركّزت التغطية الأخبارية الغربية لمؤتمر النهضة على الفصل المفاجئ المفترض ما بين الدين والدولة، ولكن بدلًا من ذلك، فإن أهم شيء يمكن أن نخرج به من هذا المؤتمر هو الدفعة الجديدة التي أعطاها لجهود التوافق والمصالحة، حيث أقرّت الغالبية الساحقة، بهامش الثلثين أو أكثر، الاتجاه السياسي الذي فضله الغنوشي للتوافق والمصالحة مع السبسي.
توضّح هذه السياسة الشمولية الواقعية بأن حزب النهضة ككل، وليس فقط قيادته المركزية المعروفة بتقدميتها النسبية، قد تعلّم قدرًا هائلًا من الدروس السياسية على مدى السنوات الأربع الماضية، واليوم يواجه النهضة تحديًا صعبًا لخلق تحالفات ليست مريحة فحسب، بل بناءة أيضًا، ليطبق ما تعلمه ضمن حيز التطورات الفعلية في حرب تونس ضد الإرهاب، وضد عدم الكفاءة الإدارية والفساد والبطالة بين الشباب.
المصدر: واشنطن بوست