لأن فلسطين غنية بالتفاصيل والشباب، حيث يكفي الاطلاع على مبادرة “رمضان في القدس غير” لاكتشاف الكم الهائل من تفاصيل رمضان في القدس، فكيف ببقية فلسطين؟ هذا طبعًا غير مبادرات مثل “عدنا” لشباب درسوا تاريخ وخرائط قراهم المهجرة ليعيدوا تعمير قراهم بإتقان واحتراف من خلال مجسمات ثلاثية الأبعاد مفصلة تجعل من يشاهدها من “العودة” أقرب، ولا ننسى مبادرة مثل “أطول سلسلة قراء” التي نظمت على شواطئ حيفا لتؤكد أن الداخل الفلسطيني فيه شباب يقرأ وأن هذا الشباب جزء من نسيج هذا الوطن، تمامًا كما حاولت مجموعة “مبادرون” أن تذكر الطلبة الذي درسوا في المدارس والمعاهد الإسرائيلية ولا يعرفون الكثير عن إنجازات أجداهم المسلمين، أن لأجدادهم تاريخ مشرف وأن عليهم المزيد من العمل لكي ينهضوا بمجتمعهم بالعلم.
العلوم بالعربية!
لطالما اعتاد الطلبة في الداخل الفلسطيني أن يتم اصطحابهم إلى المدن “الإسرائيلية” كي يشاركوا في المعارض العلمية ولكن منذ 3 سنوات تقوم مجموعة “مبادرون” بخطوة مميزة جدًا وهي إقامة معرض للعلوم باللغة العربية وبنكهة إسلامية، حيث تسعى لتقديم العلوم بشكل مسلٍ وممتع، وفي هذا العام وهو الثالث وإلى جانب عرض عشرات التجارب العلمية في الطب والفيزياء والكيمياء، قرر المبادرون عرض إنجازات الحضارة العلمية الإسلامية بشكل مختلف، حيث قاموا بارتداء الزي الذي يذكر الحضور بعلماء المسلمين، حيث تقمصت بيان أبو عطا شخصية فاطمة الفهرية، التي أسست جامعة القرويين وهي أول جامعة في العالم، وبيان نفسها تدرس الطب وترى أن المشاركة في هكذا نشاطات ضرورية جدًا لأن هناك جهل مخيف بالعلماء المسلمين عند الطلاب، وبالتالي فإن الحديث عن هؤلاء العلماء سيجعلهم يشعرون بالفخر، كما تفتخر بيان بأن المعرض كان ناجحًا وقد حضره حوالي 10 آلاف شخص من الداخل، ولكنها تؤكد أن الهدف الأكبر بالنسبة لها وللمبادرين أن يكون هناك معرض دائم للعلوم، فهم يعتقدون أن “الأمم لا تنهض إلا بالعلم”.
قراء .. من أجل فلسطين!
وعلى سيرة العلم، فقد شهدت شواطئ حيفا وتحديدًا شاطئ “تل السمك” أطول سلسلة قراء من الداخل الفلسطيني، والتي نظمتها مجموع جسور استكمالًا لسلاسل أخرى أقيمت في غزة وجنين والقدس، حيث أكدت لنا هديل أغبارية أن الهدف لم يكن لتعزيز مكانة القراءة والثقافة فقط، بل لتعزيز أواصر التواصل بين كافة أبناء فلسطين وتأكيدًا على أن “الداخل” جزء لا يتجزأ من فلسطين، وتشير هديل إلى أن أهمية هكذا حدث تكمن في كونه تم تنظيمه من قبل شباب غير محزبين.
ولم يكن القراء وحدهم هناك، حيث كانت هناك شركة “أسوة” التي قامت بالمشاركة بتنظيم هذه المبادرة الهادفة إلى تمكين اللغة العربية بين أبناء المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل، وبالإضافة إلى تعاونها تنظيميًا، أتاحت المبادرة للمشتركين اقتناء منتجات مصنوعة بجودة ممتازة ومزينة ومزخرفة بشعارات ورموز وطنية هادفة وباللغة العربية، وفي حديث مع أنس أبو دعابس أكد لنا أن أسوة تدعم هكذا مبادرات تنفيذًا للجانب الاجتماعي من كيان أسوة كشركة تجارية اجتماعية، بحيث استثمار نصف الأرباح في نشاطات تدعم الثقافة واللغة العربية.
وعن علاقة حيفا بالثقافة تقول إحدى المشاركات في السلسلة: “نحن نشعر أن حيفا رمز فلسطيني، بالأخص بسبب رواية عائد إلى حيفا، كما أن حيفا فيها الكثير من الطلاب الأكاديميين الذين يدرسون في جامعة حيفا».
العودة… إلى عسقلان
وإلى حين العودة إلى حيفا، فإن شبابًا من جمعية الشباب العرب بلدنا بالتعاون مع مؤسسات أخرى من الداخل الفلسطيني لا زالوا مستمرين في العمل ضمن ما أطلقوا عليه مشروع “عدنا” والذي انطلق عام 2013 وعملت فيه نخبة من الشباب كي تضع تصورًا فعليًا للعودة، بمعنى كيف ستكون القرى بعد أن يزول الاحتلال ويعود اللاجئون إلى فلسطين، حيث قام هؤلاء بصناعة مجسم للقرية بحسب الخرائط المتاحة، كما أنهم قاموا بصناعة أفلام ثلاثية الأبعاد لقرية اللجون والغابسية كما يتم العمل حاليًا على فيلم آخر لقرية عسقلان المهجرة.
قرية الغابسية مثلًا، تقع على بعد 16 كم شمال عكا، وقد قامت العصابات الصهيونية بتهجير سكانها بعد 1948 ولا زال مهجورة حتى الآن، ولم يتبق فيها إلا القليل من الآثار كبقايا لبيوت مهدمة ومسجد، هذه المعالم التاريخية يمكن ملاحظتها في فيلم تصور العودة بشكل مميز، حيث تم إحاطتها بمباني مع نوافذ زجاجية كي تكون شاهدًا على النكبة، وطبعًا هذا ليس إلا جزءًا بسيطًا من كامل مخطط القرية الذي تم تصميمه من وحي الخارطة الهيكلية الأصلية للقرية، كما أنه متاح على اليوتيوب على شكل فيلم ثلاثي الأبعاد، يجعلك تعيش حلم العودة بشكل مبتكر وبديع.
ولأن “العودة، ليست شعارًا، وحلمًا ضائعًا، هي حقٌ علينا تخيلَه ليصبح يومًا حقيقة، وللصورة قدرة على غزو الذاكرة وتحريك الخيال” تقوم مجموعة “برواز” بمبادرة أخرى نوعية من خلال إخراج صور فنية من وحي سيناريوهات واقعية واقعية، مثل صورة “محل أبو سعيد الحلاق”.
#رمضان_في_القدس_غير
لأولئك الذي يعشقون القدس والمسجد الأقصى ولا يستطيعون إليها سبيلًا، فلا يرون جمالها ولا أجوائها الروحانية فإن صفحة “رمضان في القدس غير” ستكون عيونهم وقلوبهم التي تنبض بالقدس، حيث بدأت الصفحة بعرض صور للتحضيرات الجارية لاستقبال رمضان كتنظيف المسجد الأقصى وتزيين شوارع القدس بالفوانيس والزينة الرمضانية، وكما يبدو أن هناك الكثير من المفاجآت لهذا العام في الحملة حيث كتب الناشط المقدسي محمد دويك على صفحته على الفيسبوك: “إن حملة #رمضان_في_القدس_غير السنة رح يكون غير غير غير غير إن شاء الله .. تابعونا”.